في ظل تصاعد أعمال العنف جنوب البلاد، أعلنت الرئاسة السورية وقفاً شاملاً وفورياً لإطلاق النار في محافظة السويداء، داعيةً جميع الأطراف إلى الالتزام الكامل بالقرار ووقف كافة الأعمال القتالية، حفاظًا على وحدة البلاد وسلامة شعبها، وحقناً للدماء. وأكدت الرئاسة في بيان رسمي، أن القرار يأتي في سياق الحرص الوطني والإنساني على استقرار البلاد، ومن منطلق المسؤولية تجاه المدنيين، مشددة على ضرورة فسح المجال أمام مؤسسات الدولة وقواتها لتنفيذ هذا الوقف بمسؤولية، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وفرض النظام في عموم المحافظة. وأشار البيان إلى أن الدولة السورية، وبالتوازي مع إجراءات التهدئة، أرسلت قوات أمنية متخصصة إلى السويداء بهدف بسط الأمن واحتواء الفوضى. وأوضح المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا، أن قوى الأمن الداخلي بدأت فعلياً الانتشار في المحافظة لحماية السكان وإعادة الاستقرار. وفي السياق ذاته، ألقى الرئيس السوري أحمد الشرع كلمة متلفزة حذر فيها من خطورة الأوضاع الراهنة، مشدداً على أن" سوريا ليست أرضاً لمشاريع الانفصال والتقسيم"، مؤكداً أن قوة الدولة السورية تنبع من وحدة أبنائها وتماسك مؤسساتها. وأوضح الرئيس الشرع أن خروج مؤسسات الدولة من بعض مناطق السويداء ساهم في تفاقم الفوضى، مشيراً إلى استغلال بعض الشخصيات للوضع القائم عبر الاستقواء بالخارج،وجرّ أبناء المحافظة نحو أجندات لا تخدم المصلحة الوطنية. كما أكد أن الدولة السورية هي الوحيدة القادرة على حماية كافة مكوناتها دون تمييز، وأن تحميل طائفة أو جماعة وزر تصرفات أفراد يُعد ظلماً مرفوضاً. ولفت إلى أن أي خرق لقرار وقف إطلاق النار سيُعدّ انتهاكاً صريحاً للسيادة الوطنية وسيُواجَه بالإجراءات القانونية اللازمة. وكانت محافظة السويداء قد شهدت خلال الأيام الماضية تصعيداً ميدانياً خطيراً، بلغ ذروته بمواجهات مسلحة عنيفة بين مجموعات عشائرية ومسلحين دروز عند المدخل الغربي للمدينة، استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة والقذائف، ما أدى إلى سقوط مئات القتلى والجرحى، في واحدة من أعنف جولات القتال التي عرفها الجنوب السوري في السنوات الأخيرة. وفي تطور إضافي للأزمة، اتهم الرئيس السوري إسرائيل بالمساهمة في تعقيد الوضع من خلال تنفيذ غارات على مواقع جنوب البلاد واستهداف مؤسسات حكومية في دمشق، بالتزامن مع محاولات الدولة احتواء الوضع في السويداء. وقال الشرع:" إن القصف الإسرائيلي السافر" دفع البلاد إلى مرحلة حرجة تهدد استقرارها، مشيراً إلى تدخل وساطات عربية وأمريكية لاحتواء الموقف والتوصل إلى تهدئة. كما أشاد بمواقف العشائر السورية التي دعت إلى وقف القتال، إلى جانب المواقف الدولية المنددة بالتصعيد الإسرائيلي، وعلى رأسها الولاياتالمتحدة، وروسيا، والاتحاد الأوروبي، والصين. واختتم الرئيس كلمته بالتأكيد على التزام الدولة بمحاسبة كل من تسبب في الانتهاكات بحق المدنيين، ومواصلة الجهود لاستعادة الاستقرار، وبسط سلطة القانون، وضمان وحدة سوريا أرضاً وشعباً، بعيداً عن أي تدخلات أو مشاريع مشبوهة تهدد تماسك الدولة.