"التكريم" رد جميل لعطاء سبقه، وفيه وفاء وإشعار للمكرَّم بأن عطاءه لم يذهب ولن يذهب عند رب البشر قبل البشر أنفسِهم. والتكريم عمل إنساني وأخلاقي رفيع يعمل على إدامة العطاء والبذل. غير أنك ترى أحياناً فهماً غير دقيقٍ لفكرة "التكريم" فتدخل فيه المجاملات والمعاملة بالمثل، وجعل التكريم (سُلّماً) للوصول إلى مكاسبَ معينة منها على سبيل المثال: الوصول إلى شخصية اعتبارية. ولكثرة عمليات التكريم، فقدتْ هذه المفردةُ قيمتَها النبيلة السامية، لذلك هي دعوة نُطلقها هُنا على أمل ورجاء أن يتم وضع ضوابط وتقنين لفكرة التكريم بحيث لا تكون مطلقة . وأبرز ما يمكن الإشارة إليه أن يكون التكريم لمن أنجز عملاً غير عادي، وقدّم للوطن ابتكاراً مميزاً، أو عملاً بحثياً قابلاً للتطبيق والانتاج الصناعي. وبعبارة أخرى، ينبغي لمن يُراد تكريمه، أن يكون قد أنجز عملاً أو أعمالاً تضيف للوطن وللمواطن، لا أن يقتصر مُنجزه على تحقيق مكاسب شخصية له هو دون غيره. في حفلات التكريم ينبغي أن يكون حفلُ جائزة الملك فيصل أنموذجاً يحتذى في التنظيم ومدة الحفل والكلمات بحيث لا تتعدى بحال من الأحوال دقائق الساعة. حقيقة نقول لمن أراد أن ينظم حفل تكريم اختصر اختصر اختصر ويفترض ألا تزيد مدة الحفل عن 45 دقيقة. نؤكد أن 80 % من نجاح أي حفل وأي ملتقى وأي مؤتمر، يكمن في التنظيم. إنك لتعجب من أناس يصرفون الأموال في المناسبات ثم يقتصدون جداً في الصرف على طريقة التنظيم وجلب خبراء مهرة في التنظيم وضبط الحفل خاصة في مسألة الوقت، يظنون أن كل شخص قادر على التنظيم. ولا يمضي أسبوع دون أن تُصدم بحفل صُرف الكثير من المال على الأكل فيه والشرب، وقليل القليل يُصرَف على التنظيم الدقيق ومسائل الصوتيات والإضاءة والتصوير والإخراج، لتكون النتيجة حفلاً باهتاً لا يترك أثراً إيجابياً على الحضور. في بعض حفلات التكريم تكون الفكرة جميلة لكن تنفيذها يكون بدائياً. كلمات طويلة وأفكار مكررة وكلٌ شخصٍ يريد أن تكون له كلمة. ويزيد الطين بِلَّة عدم إيلاء الصوتيات الإهتمام الذي تستحقه. ختاماً نقول: تنظيم الحفلات لا يتم بين عشية وضحاها، ولا بأسلوب الفزعة. التنظيم علمٌ وفن، إن لم تصرف عليه ما يستحقه، فلن يجاوز أثره بوابة الخروج.