(اذا كنت تعرف عدوك وتعرف نفسك, فلا حاجة بك للخوف من نتائج مائة معركة) مبدأ آمنت به "الصين", وذكره القائد العسكرى "سون تزو" فى كتابه "فن الحرب" , فهكذا ومن زمن بعيد حددت الصين هدفها. وكان عام 1997م نقطة تحول اقتصادية, حيث بدأ تشجيع رأس المال والاقتصاد غير الحكومى, مما ترتب عليه تحقيق معدل نمو اقتصاى مرتفعا, وتحسن هيكلة الصناعات, والارتقاء بمستوى البحوث والدراسات التنموية و…..الخ وبالتالى ارتفع مستوى دخل الفرد , وصارت احدى الاقتصاديات الكبرى ,وصل اقتصادها حاليا الى ما يناهز ال 50% من حجم الاقتصاد الامريكى , كما وتعد الصين أكبر دائن لأمريكا,اضافة لامتلاكها اصولا كبيرة الحجم فى جميع أنحاء الولاياتالمتحدة. وقد أثبت التاريخ أن الاختيارات التى تقررها القوى العظمى تتجاوز دائما أهمية ترتيبها الاقتصادي. ففي الحالة الصينية نجد أن التأكيد على سلمية الصعود من أولويات الاستراتيجية الصينية. وبالنظر الى علاقة بكينبواشنطن, وهو الامر الذى عليه ستتحدد أهم ملامح النظام العالمى مستقبلا, يمكننا أن نضع احتمالين, الاحتمال الاول: فسيكون الصراع أو الخلاف بين الدولتين,انطلاقا من محاولة أمريكا الاحتفاظ بمكانتها ووزنها العالمى كقوى عظمى, في حين تسعى بكين للتحول الى قوى عظمى هي الاخرى, وفي هدا السياق نرجح أن تلجأ أمريكا لاستخدام واستغلال تفوقها العسكرى. وأما الاحتمال الاخر وهو الاقرب الى توقعاتنا,وهو التعاون بين الدولتين, حيث أنه من أولويات الصين حاليا التركيز على بناء اقتصادها القومي, والدخول في صراع سياسي أوعسكرى مع أمريكا من شأنه عرقلة ذلك, هدا من جانب ومن الجانب الآخر قد ترى واشنطن أنه من الحكمة السياسية بأن تتعامل مع الصين على أنها دولة لها وزنها الاقليمي والعالمي ومن ثم تبنى علاقات مصالح مشتركة ومتبادلة معها, وعليه ستستفيد الدولتان , حيث ان الدخول فى صراعات وحروب سيترتب عليه خسائر مادية وبشرية لا يحمد عقباها, فى حين أن العمل على ترسيخ العلاقات وفتح مجالات متنوعة للتعاون سيصب فى مصلحة القوتين. وما يجعلنا نميل أكثر الى هذا الاحتمال هو المصالح الاقتصادية الضخمة والمتشابكة التى تربط بكينبواشنطن. كما أن حالة التعاون هذه تعد بمثابة ضامن لواشنطن لعدم حدوث تحالفات مع دول كروسيا مثلا ضد مصالحها, وعلى المستوى العالمي فوجود حالة من السلام والتعاون سيخلق فرصا أفضل لحل مشاكل كالإرهاب والطاقة والبيئة وغير ذلك. ايضا وجود ارتباط نقدي متبادل يعد بمثابة الضامن لعدم الصراع أو محدوديته. كما أن أسلحة الدمار الشامل تضع الحواجز أمامهما لعدم الدخول في حروب كبرى يتورط فيها العالم بأثره. ولا يعني رأينا هذا عدم استمرار المنافسة بل على العكس ستزداد حدتها. وأما بخصوص العلاقات الصينية العربية, فأولا يجب علينا ان ندرك حجمنا العالمي الحقيقي بعيدا عن الايدلوجيات والشعارات,لكي يكون التخطيط والتوجه على أساس سليم واقعي, مع الاخد في الاعتبار بالا يكون التوجه استبدالا لقوى أخرى, وان نتعامل على اساس المصالح المشتركة والمتبادلة, ويجب أيضا ملاحظة ان السياسة الصينية تميل الى التعاون الثنائي وليس الجماعي. ومع وجود استثمارات عربية تقدر بحوالى 20 بليون دولار في الصين الا ان ما يحدث فى الشرق الاوسط من احداث تتعلق بالشأن السياسي ليس من اولويات السياسة الصينية ,ونخرج من ذلك بأن مستقبل علاقتنا مع الصين سيكون تعاونا اقتصاديا اكثر منه سياسيا, وفي هذا السياق أيضا يجب تشجيع الاستثمارات الصينية في الدول العربية وتذليل العقبات امامها, مما سيترتب عليه بشكل غير مباشر مردود سياسي لتأمين وحماية تلك الاسثمارات. ومجمل القول ان عدم اتخاذ قرار من الدول العربية الان بخصوص توجهاتها المستقبلية سيكون هو قراراً فى حد ذاته.