في زمننا هذا نرثي لحال الأسرة، وكان الله في عونها أمام تمردات شبابية على السائد من الأدب والأخلاق .. وأنا أقول: كان الله في عون التربية، التي فقدت بوصلتها بضياع الزمام من الأسرة ولم تعد تدري عن أبنائها شيئا وهذه مصيبة، أو تدري وتغمض عينيها الاثنتين حتى يقع المحظور. نظريا استمرينا نفلسف الأمور حول خطر الفضائيات والجوالات، حتى جاء الإنترنت ليغطي على كل شيء وقلب موازين التربية بثقافة الممنوع..وهدم حصون الرقابة الأبوية والاليكترونية باختراقات يجيدها شباب اليوم. كل هذا نخوض فيه وننسى أو نتناسى ما يحدث عمليا من مراهقين وشباب من الجنسين وما بينهما من المتشبهين والمتشبهات (المخنثين منهم والمسترجلات.. وإذا كان من السهل دخول غرف الدردشة الكومبيوترية المصورة.. فليس هناك أسهل وأضمن من دخول صالات ومقاهي (عائلية) وجلسات في المراكز التجارية لأنها شبه عامة، لكن فيها أجواء الخصوصية ويقال فيها (الخاص) أكثر من العام! كيف لا يحدث ذلك ومشاهد العلاقات الزوجية وغير الزوجية لا تنقطع على مدى الأربع والعشرين ساعة، وزواج المسيار والمصياف انشغل به الكبار والمتزوجين.. وأصبح تجارة نشطة،وإعلاناته تملأ مواقع وفضائيات.. فما بالنا بشباب يشكو العزوبية وبنات يشكون العنوسة. في الماضي القريب كانت تحدث انحرافات وأخطاء وربما جرائم ونعتبرها غريبة على مجتمعنا أو يحلو لنا ترديد ذلك أمام أنفسنا حتى لا نصدق أنه يحدث بيننا، أو نقول ذلك أمام غيرنا لنبرئ أنفسنا علنا من أخطاء نعتبرها شوائب، ولا نعترف بوجودها لأنه استصعب علينا أن نراه تغيرا خطيرا يستدعي أن نواجهه بالتربية أولا، ولا يترك شأنه لأجهزة الأمن وعيونها الساهرة. أنا لا أتحدث عن المسيار أو ما هو على شاكلته، لأنه إفراز واقع استصعب على المجتمع الوعي بتغيراته ومشاكله حتى فرضت نفسها. وأصبح داء العلاقات الخفية والمتعة هو البديل الشعبي لصعوبة الزواج الشرعي. إنما أتحدث عن ما يحدث خلف ظهر الأسرة وأحيانا تحت سمعها وبصرها. ولأنه لم يعد هناك غريبا وعجيبا، فإن ما يحدث من انحرافات بات من طرائف الحياة التي تضحكنا وتملأ مجالسنا بالحكايات دون أن نأخذها بجدية.. فكم من آباء وأمهات تضاحكوا وتندروا ثم اكتشفوا أنهم كانوا يضحكون على أنفسهم باكتشافهم انحرافات الابن أو الابنة. ومن طرائف الواقع التي هي في حكم المآسي وتدخل في مفهوم الجرائم الأخلاقية هو ما يروى عن نساء (مسيارات) تتزوج الواحدة منهن أكثر من رجل (مسيار).. وصور وأرقام هاتفية تتناقل بالمسج والبلوتوث.. ورجال ونساء يتاجرون بحاجة المعوزين للزواج والباحثين عن (التغيير) وعن دغدغات رومانسية فجة..ويتكسب السماسرة أكثر من موظف مكروف 30 يوما حتى يتسلم راتبه الذي ينقص ما يزيد. إذن أين الأسرة من ابنها الذي يخرج متلهفا ويعود منتشيا.. والفتاة التي لديها حافظة خاصة في جوالها بأسماء مستعارة والحديث بالشفرة وتبديل لغة التأنيث بالتذكير والعكس حسب الطرف الآخر. كنا نرى مطاردات، واليوم أصبح هذا تصرف مراهقين عندما يعز اللقاء.. فلماذا يطارد ويجعلها فريسة، بينما بإمكانه مكالمة فابتسامة فموعد فلقاء.. هل بعد ذلك من غفلة ومن تردي أخلاقي،؟! جميع المجتمعات تقريبا تشكو من ذلك، لكنه أكثر خطرا عندنا لسرعة تغلغل ثقافة الممنوع.. فهل تعيد الأسرة ضبط بوصلتها وتتحمل مسؤولياتها.. بعد أن ضاعت مفاهيم النضج والرشد. [email protected]