أمطار تؤدي لجريان السيول بعدد من المناطق    وزير الدفاع يرعى تخريج الدفعة (82) حربية    وفاة الأمير منصور بن بدر بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود    أرباح شركات التأمين تقفز %1211 في 2023    تحت رعاية خادم الحرمين.. البنك الإسلامي للتنمية يحتفل باليوبيل الذهبي    الرياض.. عاصمة الدبلوماسية العالمية    بمشاركة جهات رسمية واجتماعية.. حملات تشجير وتنظيف الشواطيء    492 ألف برميل وفورات كفاءة الطاقة    «زراعة القصيم» تطلق أسبوع البيئة الخامس «تعرف بيئتك».. اليوم    الرياض.. عاصمة القمم ومَجْمَع الدبلوماسية العالمية    «هندوراس»: إعفاء المواطنين السعوديين من تأشيرة الدخول    "عصابات طائرة " تهاجم البريطانيين    كائن فضائي بمنزل أسرة أمريكية    موعد مباراة النصر القادمة بعد الفوز على الخليج    النصر يضمن المشاركة في أبطال آسيا 2025    القيادة تهنئ رؤساء تنزانيا وجنوب أفريقيا وسيراليون وتوغو    أمير الرياض يؤدي الصلاة على منصور بن بدر بن سعود    إحالة الشكاوى الكيدية لأصحاب المركبات المتضررة للقضاء    القتل ل «الظفيري».. خان الوطن واستباح الدم والعرض    طابة .. قرية تاريخية على فوهة بركان    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية.. استمرار الجسر الإغاثي السعودي إلى غزة    وزير الإعلام ووزير العمل الأرمني يبحثان أوجه التعاون في المجالات الإعلامية    فريق طبي سعودي يتفوق عالمياً في مسار السرطان    برعاية الملك.. وزير التعليم يفتتح مؤتمر «دور الجامعات في تعزيز الانتماء والتعايش»    العرض الإخباري التلفزيوني    وادي الفن    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    مؤتمر دولي للطب المخبري في جدة    أخصائيان يكشفان ل«عكاظ».. عادات تؤدي لاضطراب النوم    4 مخاطر لاستعمال الأكياس البلاستيكية    وصمة عار حضارية    استقلال دولة فلسطين.. وعضويتها بالأمم المتحدة !    زلزال بقوة 6.1 درجات يضرب جزيرة جاوة الإندونيسية    أمير الرياض يوجه بسرعة رفع نتائج الإجراءات حيال حالات التسمم الغذائي    الأرصاد تنذر مخالفي النظام ولوائحه    التشهير بالمتحرشين والمتحرشات    (911) يتلقى 30 مليون مكالمة عام 2023    تجربة سعودية نوعية    وزير الصناعة الإيطالي: إيطاليا تعتزم استثمار نحو 10 مليارات يورو في الرقائق الإلكترونية    الأخضر 18 يخسر مواجهة تركيا بركلات الترجيح    الهلال.. ماذا بعد آسيا؟    انطلاق بطولة الروبوت العربية    تتويج طائرة الهلال في جدة اليوم.. وهبوط الهداية والوحدة    في الشباك    الاتحاد يعاود تدريباته استعداداً لمواجهة الهلال في نصف النهائي بكأس الملك    64% شراء السلع والمنتجات عبر الإنترنت    السجن لمسعف في قضية موت رجل أسود في الولايات المتحدة    ألمانيا: «استراتيجية صامتة» للبحث عن طفل توحدي مفقود    واشنطن: إرجاء قرار حظر سجائر المنثول    المسلسل    البنيان: الجامعات تتصدى للتوجهات والأفكار المنحرفة    وفاة الأديب عبدالرحمن بن فيصل بن معمر    إطلاق برنامج للإرشاد السياحي البيئي بمحميتين ملكيتين    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أصبحت مستهدفات الرؤية واقعًا ملموسًا يراه الجميع في شتى المجالات    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



( الضحيان يمهل الشويقي عشرين سنة )
نشر في عاجل يوم 22 - 07 - 2013


تلخيص الرد
الرد يحتوي على :
1- تبيان لتهافت منهج الشويقي في الجدل ، ورد على قوله بأني تناقضت في ستة مواضع .
2- تحرير لموطن الخلاف بيني وبينه في مسألتين .
3- تبيين أن الشويقي فر من التكفير إلى الإرجاء
4- إثبات أن الشويقي خالف إجماع العلماء في مسألة عقدية ، وخالف تعقيد علماء أصول الفقه في مسألة أخرى .
5- تحدي الشويقي في الإجابة على سؤالين ، وإمهاله عشرين سنة للإجابة عن السؤالين .
6- دعوة الشويقي لعد مناظرة بيني وبينه على هواء مباشرة في أي قناة تلفزيونية
تفصيل الرد على رد الشويقي الأخير
ما زلت مسرورا من هذا الحوار مع أخي الأستاذ الفاضل الشويقي ، وما زلت مستبشرا به ؛ لأني على يقين أننا بحاجة لمثل هذا الحوار لتعويد الجيل الجديد من المتدينين على تقبل الخلاف والتعامل معه على أنه حقيقة معرفية لا مناص منها ، وللمساهمة في تخفيف ( التأزم) الذي يعاني منه وسطنا الثقافي الإسلامي ، وقد لاحظت أن رد الأستاذ الشويقي الأخير جاء متوترا جدا ، محشوا بالتهويل ، والكلام الخارج عن الحوار كحديثه عن ( البكاء ) و( العويل ) ، و( العبط والاستعباط ) ، وينضح بالاستعداء البغيض كإدخال كلام للشيخ ابن باز رحمه الله ، وأنني أنسب منهج الشيخ إلى البدعة ، وكلام الشيخ – رحمه الله - لا علاقة له بقولي من قريب أو بعيد كما سأوضح لاحقا ، وأنا أتفهم كل هذا التوتر من الأخ الشويقي ؛ لأنه جاء في سياق ورطته العلمية التي وقع فيها ، فحاول استعمال أسلوب ( اغلبوهم بالصوت ) ، طبعا لن أجاريه في أسلوبه لأني أنا أكتب لطلبة العلم المحايدين ، والقراء النابهين لا لعوام القراء ، وكل هذا الذي مارسه الأستاذ الشويقي لا علاقة له بالحوار والجدل ، وهو مما يسمى في علم الجدل (الاستعانة بالخارج ) ؛ وهو أنه إذا أعيت أحد المتجادلين الحيلة لجأ إلى شيء خارج موضوع الجدل ليستعين به على خصمه ، وليؤثر على القراء ، ورد ي عليه اليوم سيكون نقدا لجانبين لدى الأستاذ الفاضل :
الجانب الأول : تعرية منهج الشويقي في الحوار والجدل .
والجانب الثاني : تبيين تهافته العلمي ، ووقوعه بفضيحة علمية مدوية ،
وإليك التفصيل :
الجانب الأول : تعرية منهج الشويقي في الجدل و الحوار
الأستاذ الشويقي مكثر جدا من الجدل والردود ؛ والمطلع على حواراته وردوده الكثيرة جدا يجد لديه أمرين :
الأمر الأول :
أنه لا يلتزم بالحوار ؛ فهو يفر من الإجابة عن أي سؤال يطرحه عليه محاوره حينما يرد عليه ليلزمه إما بموافقته أو الإجابة عن السؤال ، فهو لا يسلم بالموافقة ، ولا يجيب عن السؤال ، وهذا الصنيع منه بحد ذاته عجز و يسميه علماء الجدل ( انقطاع عن الجدل ) ، وقد صنع معي ذلك فقد طرحت عليه سبعة عشر سؤالا ، من واقع أقواله و تقريراته ؛ أريده أن يجيب عليها لألزمه بنتيجة قوله ، أو خطأ تقريره ولوازمه ، فأجاب عن واحد فقط ، وأهمل الباقي ، وهذا بلا شك عجز وانقطاع .
والأمر الثاني :لا يحسن من طرق الحوار والجدل سوى طريقة ( الإبطال بدعوى التناقض ) ، فهو لا يعرف الإبطال ب(السبر والتقسيم ) ، و( المنع) ، و(النقض ) و(المعارضة ) ، و( الإلزام ) ، وغيرها من طرق الإبطال المعروفة ، ولأنه لا يعرف سوى طريقة ( الإبطال بالتناقض ) ، فجل ما يصنعه البحث عن التناقض في كلام الخصم ، إلى حد الهوس المضحك ، وغالب ما طرحه في ردوده على مخالفيه – وهي كثيرة جدا- تناقض موهوم ساقه إليه سوء فهمه ، وولعه بإسقاط خصمه مهما كانت الطريقة ، فهو يأخذ كلمة قيلت في كلام شفهي، ويناقض بها كلمة من مقال محكم ، أو يأخذ كلاما من سياقه ويضعه في سياق آخر ، أو ينقض قولا بلازم قول آخر ، ولو تتبع أحد ردوده وحواراته الكثيرة السابقة لوقف على كم هائل من دعاوى التناقض التي ذكرها الشويقي ، وهي في مجملها دعاوى متهافتة عند التحقيق ، وهذه الطريقة قد تنطلي على القارئ العادي الذي ينبهر بالتلاعب اللفظي ، والمجيء بكلمة من كلام الخصم ووضعها بين قوسين ، ثم وضع كلمة ظاهرها التناقض معها ، ثم الصياح : \"انظروا إلى التناقض\" ، لكن القارئ الذكي ، وطالب العلم المحايد سيكتشف عند أول قراءتها تهافتها المضحك .
وحتى لا نلقي الكلام على عواهنه ، تعالوا نستعرض ما ذكره في رده الأخير عليَّ ، وزعم فيه أني تناقضت في مواضع ؛ لتعرفوا حجم الهوس الذي يعاني منه الأستاذ في بحثه عن تناقضات ليست موجودة في الحقيقة إلا في ذهنه .
ذكر الأستاذ أني تناقضت في ستة مواضع هي :
(1) - قال الأستاذ الفاضل الشويقي : (( الأستاذ الضحيان في مقالته الأخيرة نقل عن الجابريِّ كلاماً، ثم قال عقبه: \"هذا الكلام من الجابري دليلٌ قويٌّ على استحالة الزيادة\" في القرآن. وكأن الأستاذ نسي قوله بالأمس: إنه بعد (قراءات متفحصة) اكتشف أن الجابريَّ لا يجزم بسلامة القرآن من الزيادة والنقص. فكيف سيجمع الجابري بين استحالة وقوعِ الزيادة و وبين شكوكه في انتفائها؟! )) ، انتهى كلام الشويقي .
قلت : واضح أن الأستاذ الفاضل يجهل طرق نقض الحجج في علم الجدل ، فهو يفهم من إبطالي لأحد أدلته بذكري أن لازم قول الجابري نتيجته تعاكس نتيجة فهم الشويقي تماما ، ففهم الأستاذ الشويقي – لله دره - أن ذكري للازم قول الجابري هنا , يناقض ذكري لصريح قول الجابري لاحقا ، وهذا استنباط طريف جدا في علم الجدل ، وهو من طرائف الأستاذ التي لم يسبق إليها – وما أكثر تقعيده الذي لم يسبق إليه - ولا بأس أن أوضح الصورة للقراء ليقفوا على فهم الأستاذ العميق لما يقرأ ؛ الكلام الذي ذكره الأستاذ الفاضل في مقاله لم أورده أنا ابتداء ، بل الأستاذ هو الذي أورده ليستدل به على أن الجابري يقول بنقص القرآن ؛ فأنا أردت إبطال استدلاله به على قول الجابري بنقص القرآن ، وأثبت أنه يدل على عكس مراد الشويقي لا ب( نصه ) بل ب( لازمه ) ، ولازم القول ليس بقول إلا إذا التزمه صاحب القول ؛ كما هو معلوم عند عامة من يفهم أصول علم الجدل ، فجاء الأستاذ بفهمه العميق – بارك الله فيه – فأنزل القول ، ولازم قول آخر بمنزلة واحدة ، وظن أن في هذا تناقضا ، فطار به ، وإنما أوتي من سوء فهمه ، وضعف تصوره لقوانين علم الجدل ، وإذا كان الأستاذ الفاضل لا يدرك الفرق بين القول ، ولازم القول ، ويجعلها بمنزلة واحدة ، ولا يدرك الفرق بين اللازم البين ، واللازم الخفي ، وهو المكثر من الجدل والردود على كثيرين ممن يخالفونه في فهمه لمنهج السلف فهذه مصيبة ، فأي تخبيط ، وسوء فهم سيقع فيه ؟!
وهذا ما يفسر سوء الفهم الملازم له في كثير مما يقرأ ، وقد سبق أن أوردت عجائب من سوء فهمه في مقالي السابق ( انظر إليه أعيد نشره في موقع عاجل بريدة ) ، وسترى عجائب أخرى في هذا الرد .
(2) – قال الأستاذ الفاضل : (( حين أراد الأستاذ–ببراءةٍ وإخلاصٍ- إلزامي بتكفير الجابريِّ ذكر أن الجابريَّ (عالمٌ) فلماذا لا يكفِّره الشويقي إذا كان يراه مخالفاً لما علم من الدين بالضرورة. ثم لم يلبث الأستاذُ أن تساءل: لماذا لا يعذر الشويقي الجابري في خطئه، مع أنه مفكر، و(ليس بعالمٍ في الشريعة) ، فالجابريُّ عالمٌ وليس بعالمٍ في مقالةٍ واحدةٍ كتبها قلمٌ واحدٌ!! )) ، انتهى كلام الشويقي .
قلت : دعونا نورد كلامي بنصه ، قلت ((، ومن بدهيات العلم الشرعي أن من أنكر معلوما من الدين بالضرورة ، وهو عالم ، وانتقدت عليه هذه المخالفة ، وأصر فهو كافر ، والجابري عالم وقد انتقد ، وبلغه النقد )) ، هنا فهم الأستاذ أن كلمة ( عالم ) هنا أي ( عالم بالشريعة ) ، فظن أني تناقضت وطار بها ، والحق أن الأستاذ الشويقي أتي من سوء فهمه – كما هي عادته - فظن أن كلمة ( عالم ) في الموضعين دلالتها واحدة ، ولا ينقضي عجبي من هذا الفهم الطريف جدا ، حسنا لأبين الفرق للشويقي ، وليس للقراء ؛ كلمة ( عالم ) في النص تعني ( عالم بما يقول في هذه المسألة ) ، ليس بعامي جاهل يلقي الكلام هكذا ، وقد يكون جاهلا حهلا مطبقا في بقية أحكام الشريعة ، نعم فالجابري مفكر وليس بعالم في الشريعة ، لكنه عالم بهذه المسألة مطلع على الأقوال فيها ، والروايات ، وتخريج العلماء للروايات ، وعقد لها فصلا كاملا في كتابه ، وانتقد وبلغه النقد ، ومن المعلوم عقلا وشرعا أنه قد يكون الرجل عالما في الشريعة كلها ، أو في المذهب ، أو في الباب من العلم ، أو في المسألة منه ، وقد بنى الأصوليون على ذلك المسألة المشهورة : هل يجوز أن يتجزأ الاجتهاد ؟
فذهب جمهور الأصوليين من أصحاب المذاهب الأربعة إلى القول بتجزىء الاجتهاد ، ونصوا على أن الرجل قد يكون مجتهدا مطلقا في الشريعة ، أو مجتهدا في المذهب ، أو مجتهدا في باب من العلم دون ما سواه ، أو مجتهدا في مسألة واحدة فقط وعالم بها .
(3) - قال الأستاذ الشويقي - محاولا إثبات أني تناقضت - (( تماماً كما أن الجابريَّ خالف الرؤية المجمع عليها، لكنه لم يخرج عن أقوال أهل العلم!)) ، انتهى كلامه ؛ قلت : هذه الدعوى لن أجيب عنها ؛ لأنها تكرار قبيح ، ولجج في الجدل يتنزه عنه كل من ينتسب للعلم الشرعي الشريف ؛ فقد أجبت عنه مرتين في المقالين السابقين ( وليرجع القارئ المحايد للمقالين السابقين لي في موقع عاجل بريدة ) ، وهذا التكرار واللت والعجن هو سبب طوال الحوار وملل القراء .
و تكرار الأستاذ الشويقي لهذا اللت والعجن للمرة الثالثة في هذه الدعوى دليل على عجزه التام عن نقض جوابي ، أو إيجاد ثغرة فيه ، كما أنه دليل - أيضاً - على ولعه المضحك جدا بالبحث عن تناقضات موهومة يعرف هو قبل غيره أنها غير صحيحة ؛ لكنها الطريقة الوحيدة التي لا يعرف غيرها في فن الجدل ، ولسان حاله يقول : وما ذا أصنع إن لم أوهم القراء أن ثمة تناقضا ؟
(4) - قال الشويقي - ليثبت أني متناقض - : (( قال الضحيان : (( الذي أعرفه أن الشويقي ليس تكفيرياً )) ثم قال الضحيان ((إن الجابريَّ بلا شك كافرٌ باعتقاد الشويقي )) ، ثم علق الأستاذ الشويقي : (( فقد أصبح الشويقي تكفيرياً، وليس تكفيرياً في آنٍ واحدٍ في نظر أستاذنا )) ! انتهى كلام الشويقي .
قلت : الشويقي اعتمد في هذا على نسختين نسخة ( الجريدة ) ، وفيها يطلبون تهذيب المقال من أي كلام في التكفير ، ونسخة ( الانترنت ) وفيه التصريح بالتكفير ، ( ارجع للمقال في موقع عاجل بريدة ، فطريقتي أني أرسل المقال للجريدة مهذبا ، ثم أنشره بحلقتيه جميعا مع بعض في (عاجل ) ، من دون تهذيب ؛ أي أن الحلقتين جميعا ينزلان معا في (عاجل ) يوم الخميس الذي تنزل فيه الحلقة الثانية في عكاظ ) ، وتعامل معهما على أنهما نسخة واحدة ، فأخذ من كل نسخة ما يريد ، وعلى كل سأحسن الظن به ، وسأتعامل معه على أنه لم يطلع على نسخة ( عاجل بريدة ) ، واكتفى بما في ( عكاظ ) ، و( مجموعة القاسم ) ، وليس فيهما التصريح بأنه كفر الجابري ، فأقول : ليس هناك تناقض بين القولين ؛ فنفي التكفير عنه في الظاهر فقط فهو ظاهريا لم يكفر الجابري ، لكن نتيجة كلامه وقوله : إن الجابري أنكر معلوما من الدين بالضرورة ، والجابري – كما هو معروف - عالم بما أنكر، وانتقد ، وبين له ، وأصر فهو كافر قطعا بإجماع العلماء ، وأنا كنت أظن الشويقي يتفق مع الإجماع ، ولا يخالفه ، ولهذا ألزمته بالنتيجة ، ثم على إلزامه بهذه النتيجة , وبأنه يتبنى تكفير الجابري ؛ فهو ليس ( تكفيريا ) ، ومازلت أقول : إن الشويقي ليس تكفيريا حتى لو كفر الجابري ، وواضح أن الشويقي لا يعرف دلالة الألفاظ في اللغة العربية ، فهو لا يفرق بين دلالة النسب ، ودلالة اسم الفاعل أو الفعل ، فمن كفر مرة ، أو مرتين ، أو ثلاثا ،أو خمس مرات يقال عنه : ( كفَّّر ) فعل ماض عُدي بتضعيف عينه ، فهو مكفر ( اسم فاعل ) ، ولا يقال عنه تكفيري ؛ لأن لفظ ( تكفيري ) اسم منسوب إلى التكفير ؛ ولا ينسب لمنهج التكفير إلا من أكثر من التكفير جدا ، وصار منهجا له في تعامله مع كل من خالفه ، وما زلت أعتقد وأقول : إن الشويقي ليس تكفيريا ، و لو صدر منه تكفير روائي ، أو مفكر ، أو تكفير من دعا للديمقراطية ، أو تكفير علماء طائفة من الطوائف ، أو غير ذلك .
(5) - قال الشويقي : (( قال الجابري \"هذا ويعلل بعضُ علماء الإسلام من أهل السنة ظاهرةَ سقوط آياتٍ من القرآن، بكونها داخلةً في معنى النسخ. غير أن علماءَ آخرين أنكروا أن يكونَ ذلك من النسخ، وقالوا إن ما ذُكر من الزيادة والنقصان في القرآن يرجع إلى خبر الآحاد والقرآن لا يثبت بها وإنما يثبت بالتواتر\".اﻫ ، قال الضحيان : إن \"سكوته (الجابري) عن ردِّ هذا القول تعبير عن موافقته لذلك؛ لأن طريقته أنه لا يترك قولاً لا يتفق معه إلا ناقشه\"، فقد انقلبت القاعدة عند أستاذنا، وأصبح إيراد الرواية وإيراد القول، يعني الأخذ به، بعدما كان ذلك ممنوعاً، وإني لأعجب من الأستاذ كيف يحكي الجابريُّ قولين مختلفين، ويسكت عنهما، ثم ينتقي الأستاذ أحدهما، وينسبه للجابريِّ؟! )) انتهى كلام الشويقي
قلت : في كلامه دعويان :
الدعوى الأولى : دعوى أن الجابري أورد قولين مختلفين وسكت عنهما ، وأني انتقيت احدهما ونسبته للجابري ، ولا أدري هنا هل أساء الفهم الشويقي – كما هي عادته - أو دلس ؟!
نعم الجابري ذكر قولين وهما ( النسخ ) و( يرجع إلى خبر الآحاد ) ، لكنه لم يسكت عنهما كليهما بل رد أحدهما ، فقد نصصت على أنه لا يرى النسخ ، فقد قلت قبل هذا الموضع بأسطر: (( ومن المعلوم أن علماء أهل السنة يرون أنها مما نسخت برفع لفظها وبقاء معناها ، وهو يفسر النسخ بتفسير آخر، وقد كتب في معنى النسخ في القرآن مقالا تجده في موقعه)) ، أي أنه أبطل أحد القولين ، وسكت عن رد الآخر ، وهذا دليل على تبنيه ؛ لأنه إذا كان في معرض الترجيح لا يترك رأيا لا يتفق معه من دون نقاشه ورده كما صنع في رأي علماء الشيعة ، وكل منصف ممن مارس دراسة الأقوال يعرف هذا , وعليه فأنا لم أنتقِ – كما زعم الأستاذ الكريم - ، ولا أدري من أين للشويقي هذا الفهم العميق ؟ !!
لا شك أنه بان للقراء البراعة المدهشة جدا للأستاذ الشويقي في استخراج المتناقضات !!
الدعوى الثانية : أني قد قررت سابقا أن الجابري أورد أقوالا وروايات ، وسكت عنها ، ومع هذا منعت أن تنسب إليه ، ثم ناقضت نفسي وقررت أنه إذا سكت عن مناقشة رأي ينسب إليه ، وهذه الدعوى من الأستاذ محض افتراء ، كان الظن به الترفع عن مثله ، فهو لم يستطع – مع منهجه المضحك الملازم له في التفتيش عن التناقض – أن يأتي بمثال واحد صحيح يثبت أني أوردت أقوالا للجابري وقد سكت عنها ، ومع هذا منعت أن تنسب إليه .
نعم عقب الأستاذ الفاضل على ما سبق منتشيا بقوله : ((ثم ما رأي الأستاذ لو قلت له إن الجابري في (ص18) ذكر أن من العلماء من لا يؤمن بتواتر القرآن، وسكت عن هذا القول ولم يتعقبه. فهل سيطبق هنا قاعدة (السكوت على القول يعني الموافقة عليه)؟! )) .
قلت : لا ينقضي عجبي من سوء فهم الأستاذ الطريف العجيب الغريب ؛ كل من قرأ كلامي يفهم أني أريد أن من منهجه خلال إيراد الأقوال المتعارضة - وهو في معرض مناقشتها والمفاضلة بينها - أنه إذا سكت عن قول فإنه دليل على تبنيه ، الأستاذ الفاضل - بفهمه العميق - ظن أني أقرر أنه في أي موضع يورد الجابري قولا ويسكت عنه فهو دليل تبنيه ، ولهذا ذهب يقرأ الكتاب من أوله ليبحث عما يبطل هذه القاعدة التي ساء فهمه لها ، فوجد هذا المثال فطار به ، طبعا هذا فهم فانتازي من غرائب الأستاذ وولعه بالبحث عن التناقض .
(6) - قال الأستاذ الفاضل الشويقي ((أعجبُ من هذا وأغربُ أن الشيخ البراك قال في فتياه المشهورة: \"أجمع المسلمون على كفر من زعم تحريف القرآن أو جوَّز ذلك\". قاله الشيخ تعليقاً على دعوى الجابريِّ جواز حصول نقصان في القرآن. وقد سمعنا الأستاذ على (قناة الحرة) يقول: \"حتى نكونَ عادلين، واضحٌ أن الشيخ البراك لم يكفِّر الجابريَّ\" انتهى كلام الشويقي ، الأستاذ الفاضل الشويقي هنا يرى أني تناقضت ؛ فكيف أقول : الشيخ البراك لم يكفر الجابري ، و أقول : إنه هو يكفره ، طبعا لا يخفى على الفقيه المطلع الفرق بين الواقعتين ، الشيخ البراك كلامه مطرد , فقد حكم على الحالة بأنها كفر ، ولم يكفر الجابري ؛ لأنه لم تقم على الجابري آنذاك الحجة بعد ؛ إذ لم يبلغه النقد ، أما الشويقي فكلامه بعد بلوغ الفتوى للجابري وبلوغه النقد ، وإصراره على قوله ، أي أن هناك فرقا بين الواقعتين ، لكن فقه الشويقي وعلمه لم يحط بهذا للأسف ، فتوهم التناقض لولعه بالبحث عنه
خلاصة منهج الشويقي في الحوار
وبعد فواضح من حوارات وردود الأستاذ الفاضل الشويقي على المخالفين له أن المقصود بها إسقاط الخصم ، والتشويش عليه ، وتشويهه عند القراء ، و التشغيب عليه ؛ لهذا فهو لا يلتزم في حواره بالفكرة المختلف فيها ، أو بالأفكار التي يريد الرد على صاحبها ابتداء فيناقشها بهدوء ، وعلم ؛ لإظهار الحق ، ونصح الخلق ، بل يذهب يبحث في مجمل ما كتبه خصمه بغض النظر عن تاريخ الكتابة ، أو ما قاله شفويا ، وما قاله كتابة ، وتحريرا ، فيقتنص منه ما ظاهره التناقض ، فيبرزه في سياق التهكم واللمز ، والسخرية ، وهو منهج يقبح بالمنتسب للعلم الشرعي الشريف أن يستعمله ، إذ هو لا يفيد القارئ في شيء ؛ إذ إن التناقض ، والخطأ من الأمور التي تعرض لأي إنسان مهما كان علمه وتدينه وفضله ، وما يفيد حقا في الردود والحوار هو نقاش الأفكار، والرد عليها ، وتفنيدها ، نصحا للخلق ، وطلبا للحق ، ثم إن النص على التناقض - في الغالب - غير موضوعي وغير علمي ؛ ذلك أنه يخضع لفهم الناظر، وتصوره في مجمله ، وقد رأينا في ما نسبه لي من تناقضات - فيما سبق - كيفية فهم الأخ الشويقي ، وضعف تصوره وإدراكه ، وتمحله الطريف في إثبات التناقض ، وأرجو من القارئ الكريم حينما يقرأ للأخ الأستاذ الشويقي لاحقا أن يستحضر هذا المنهج ، وسيكتشف - حتماً - مساحة التجني التي يقع فيها الشويقي عند سجاله مع خصومه ، أو ردوده على مخالفيه .
تنبيه أخير
كرر الشويقي سؤالي عن الأثر السيئ للجابري ، ولماذا لا أذكره ؟ وضرب مثلا على أثره السيئ ببعض الكتاب الذين تأثروا بقول الجابري ، وأنا لم أجب لظني أن الإجابة معروفة لا تستحق الوقوف عندها ، أما إذ كرر السؤال منتشيا فأقول :
كلام الشويقي هذا أنموذج على المنهج ( المأزوم ) الذي نعاني منه في واقعنا ، وهو أنه لابد أن يتفق معنا الآخرون في كل شيء في المنهج ، و الرؤى ، والأفكار ، والحكم على الأشخاص ، والوقائع ، والتاريخ ، أما إن اختلفوا معنا في قليل أو كثير ، فلا نكتفي بالرد العلمي الهادئ المحكم المنضبط في الرد عليهم ، بل يجب ملاحقتهم ، والتحذير منهم ، والرد عليهم بعنف ، وإسقاطهم ، وتبيان إثرهم السيئ ، وهذا ما جعل كثيرا من الشباب المتدينين الفضلاء الصالحين ، يتوجسون من كل ما يكتب ، وساحات الانترنت والتعليقات فيها شاهدة على هذا التأزم ، والتوجس .
وإذا قلد الجابري في أخطائه الشنيعة كاتب أو ألف كاتب ؛ فكان ماذا ؟ هناك علماء فضلاء فطاحلة أفذاذ وقعوا في أخطاء شنيعة وتابعتهم عليها أمم من الناس كأبي الحسن الأشعري ، والغزالي ، وابن عقيل الحنبلي ، وابن الجوزي الحنبلي ، وغيرهم من الفضلاء ، وهل عُصِم أحد من الخطأ خلا الرسل عليهم السلام .
العلم والثقافة والفكر تراكم معرفي فيه الصواب والخطأ ، والحسن والقبيح ، ولا يلزم من ذكر الأثر الحسن لعالم ، أو مفكر ، أو داعية ، أو طالب علم ، أو مثقف أن نذكر الجانب السيئ ، وهذه من البدهيات التي لم أر داع لذكرها لولا التكرار الغريب من الأستاذ .
الجانب الثاني
تبيين تهافت الأستاذ الشويقي العلمي ، وضعفه في تصور المسائل ، وضعف تحريره لموطن الخلاف بيني وبينه
الأستاذ كتب ردا طويلا جدا محشوا بكلام ، وتهويل لا علاقة له بالخلاف بيني وبينه إطلاقا ، وهو ما يسميه علماء الجدل ( الاستعانة بالخارج) كما سبق أن نبهت ، ولنضع النقاط على الحروف لابد من تحرير موطن الخلاف بيني وبينه .
الخلاف بيني وبينه مر بأربع مراحل وهي :
المرحلة الأولى :
الخلاف بيني وبينه في الإجابة عن سؤال : هل قال الجابري بنقص القرآن أو لا ؟
الشويقي يقول : إن الجابري جزم بنقص القرآن ، وأنا قلت : إنه لم يجزم بنقص القرآن ، بل قال : إنه ليس هناك أدلة قاطعة على وجود زيادة أو نقص في القرآن ، أي إن أدلة كمال القرآن ظنية ، وقلت : إن قول الجابري يخالف الإجماع عند أهل السنة والجماعة .
المرحلة الثانية :
رد الشويقي وأصر على أن الجابري يقول بنقص القرآن ، ثم تنزل معي – من باب الجدل وليس الموافقة على كلامي – و قرر أن مجرد قوله : إن أدلة كمال القرآن ظنية هو مخالفة للمعلوم من الدين بالضرورة ، وليس مخالفة للإجماع فقط .
المرحلة الثالثة :
رددت عليه وقلت : بل مخالفة للإجماع ، و إذا كان الشويقي يحكم على قول الجابري بأن أدلة كمال القرآن ظنية بأنها مخالفة للمعلوم من الدين بالضرورة ، ونحن نعلم أن الجاري عالم بالمسألة ، وقد انتقد وبلغه النقد فمعنى كلام الشويقي تكفير للجابري .
المرحلة الرابعة :
رد الشويقي مصرا على أن قوله مخالفة للمعلوم من الدين بالضرورة ، وقرر أن من خالف المعلوم من الدين بالضرورة ، وانتقد وبلغه النقد وأصر لا يستلزم تكفيره إذا كانت لديه شبهة تأويل ، واستشهد بنقولات من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية .
إذن انتهى الخلاف بيني وبينه إلى مسألتين وهما :
المسألة الأولى : ( حكم من أنكر المعلوم من الدين بالضرورة وهو عالم ، وانتقدت مخالفته ، وبلغه النقد ، وأصر ) .
والمسألة الثانية : ( القول بأن أدلة كمال القرآن من النقص والزيادة ظنية ، هل هذا القول مخالف لما علم من الدين بالضرورة أو مخالف لإجماع العلماء ؟ ) .
وهما مسألتان مركزيتان في حوارنا هذا ، وعليه فإن إخفاق أي واحد منا في هاتين المسألتين يعني الإخفاق في الحوار، وإليك تفصيل الكلام فيهما :
المسألة الأولى
حكم من أنكر المعلوم من الدين بالضرورة وهو عالم وانتقدت مخالفته ، وبلغه النقد وأصر:
قلت أنا : حكمه كافر بإجماع العلماء ، وهذا من بديهيات العلم الشرعي ، وبما أن الشويقي قرر أن قول الجابري : ( إن أدلة كمال القرآن ظنية ) مخالفة للمعلوم من الدين بالضرورة ، والجابري عالم بما قال وانتقد وبلغه النقد واصر على قوله إذن هو كافر ، رد الأستاذ الشويقي بأنه لا يكفر إذا كانت لديه شبهة تأويل حتى لو انتقد وبلغه النقد ، ونقل من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ما تصور أنه يؤيد قوله ، و سأذكر ما ذكره من كلام شيخ الإسلام لاحقا ، وأبين خطأ الأستاذ في فهمه .
وحقيقة لقد اندهشت من تأصيل الشويقي هذا ، ولم يخطر ببالي إطلاقا أنه بهذا الضعف العلمي ، فسالت أحد الزملاء من طلبة العلم : كيف يتصور أن يجهل المتخصص في العقيدة هذا الحكم ؟ .
فأوضح لي أن الرجل متخصص في السنة ، وليس في العقيدة ، فعذرته ؛ إذ إن كثيرا من المتخصصين في السنة يهتمون بدراسة الأسانيد ، وتخريج الأحاديث ، مع إهمالهم لفقه الحديث ، وضبط علوم الآلة كعلم أصول الفقه ، و علم اللغة ، وعلم الكلام ، والمنطق ، وعلم الجدل .
ولكي ندرك الخطأ الفادح والفضيحة العلمية المدوية التي وقع فيها الأستاذ الفاضل الشويقي ووعدت بها القراء
إليك أقوال العلماء في حكم من أنكر معلوما من الدين بالضرورة وهو عالم وأصر :
فقد أجمعوا على كفره ، جاء في فتوى الهيئة الدائمة للإفتاء الإجماع على كفره ، ففي فتوى لهم ((وأجمع العلماء على أن من جحد شيئا معلوما من الدين بالضرورة فهو كافر)) ، فتوى برقم ( 21546 ) وتاريخ 26 / 6 / 1421ه .
ومن أقوال علماء الحنفية :
قال الملا على القاري : (( وإنكار وجوب المجمع عليه إذا كان معلوما من الدين بالضرورة كفرٌ اتفاقا ، بل قال جماعة إن إنكار المجمع عليه كفرً وإن لم يكن معلوما بالضرورة )) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 6 / 74 .
ومن علماء الشافعية :
قال النووي (( وإن جحد ما يعلم من دين الإسلام بالضرورة حكم بردته وكفره ، وكذا من استحل الزنا أو الخمر أو القتل أو غير ذلك التي يعلم تحريمها ضرورة )) شرح مسلم للنووي 1/100 ، وقال الزركشي ((فكم من قطعي لا يكفر منكره بل لا بد أن يكون مجمعا عليه معلوما من الدين بالضرورة )) البحر المحيط 2 / 119 ، وقال الذهبي ((لو أنكر الإنسان أمرا معلوما من الدين بالضرورة متواترا قطعي الثبوت لكان بذلك كافرا )) سير أعلام النبلاء 1 / 37.
ومن أقوال علماء الحنابلة :
قال ابن النجار (( لكن التكفير بمخالفة المجمع عليه لا بد أن يكون معلوما من الدين بالضرورة )) شرح الكوكب المنير 1 / 452 .
ومن أقوال علماء المالكية :
قال الزرقاني: : (( إنَّما يكفر من أنكر متواترًا معلومًا من الدِّين بالضرورة )) مناهل العرفان\"، (1/328).
ومن علماء الدعوة السلفية في نجد :
قال ابن سحمان ((وهذا إذا كان في المسائل الخفيَّة، فقد يقال بعدم التكفير، وأمَّا ما يقع منهم في المسائل الظاهرة الجليَّة ، أو ما يعلم من الدِّين بالضرورة، فلا يتوقَّف في كفر قائله )) كشف الأوهام والالتباس 144
وقال الشيخ حافظ الحكمي في : (( فمن جحد أمرًا مجمعًا عليه معلومًا من الدِّين بالضَّرورة، فلا شكَّ في كُفْرِه )) معارج القبول : 3 / 104.
ومن علماء السعودية المعاصرين :
قال الشيخ صالح الفوزان (( الثابت من الدين بالضرورة هو ما ثبت بدليل قطعي إما عن طريق التواتر أو عن طريق الإجماع القطعي من الأمة والذي يعد من جحده كافرًا ، وذلك مثل وجوب الصلوات الخمس والزكاة والصوم والحج وأركان الإسلام وكذلك تحريم الخمر والربا والزنا أو كذلك المباح الذي علمت إباحته بالضرورة من دين الإسلام مثل لحم بهيمة الأنعام المذكاة والخبر وما أشبه ذلك وما ثبت حكمه بالضرورة من دين الإسلام حلاً أو حرمة فإن هذا يعد من أنكره كافرًا بالله عز وجل ومرتدًا عن دين الإسلام )) المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - (ج 4/ ص 269) .
ومن فتاوى الجنة الدائمة برئاسة الشيخ بن باز- رحمه الله - :
((وتكفير المعين إذا أنكر معلوما من الدين بالضرورة كالصلاة أو الزكاة أو الصوم بعد البلاغ واجب ، وينصح ، فإن تاب وإلا وجب على ولي الأمر قتله كفرا )) عبد الله بن حسن بن قعود ، عبد الله بن غديان ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز / مجلة البحوث الإسلامية 28 / 229 .
هذه هي أقوال العلماء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ، وعلماء الدعوة السلفية في نجد ، وفتاوى اللجنة الدائمة ، برئاسة الشيخ ابن باز رحمه الله ، ولم أورد فتاوى القرضاوي وشيوخ الأزهر لعلمي بعدم اعتداد الأستاذ بها .
ويمكن القول بعد هذا إن الأستاذ الشويقي – أصلحه الله ورده إلى الحق – أراد أن يخرج من إلزامي له بنتيجة قوله ( إن الجابري أنكر معلوما من الدين بالضرورة ) فذهب ينتصر لنفسه ، وقرر قولا خالف فيه إجماع علماء الأمة قاطبة ، ولعلي لا أكون قاسياً على الأستاذ إذا قلت إن هذا التصرف في حقيقته فرار من التكفير إلى الإرجاء ،فالأستاذ يصدق عليه بفراره هذا مثال الفقهاء ( غسل الدم بالنجاسة ) ، ويذكرني بقصة بشار بن برد حيث كان له صديق مجوسي فأسلم وصار يشتم الصحابة ؛ فقال له : يا فلان أنت لم تصنع شيئا إنما تحولت من يسار النار إلى يمينها
ولست أنا الذي يقرر أن هذا التصرف من الشويقي إرجاء بل هذا قول الشيخ الدكتور سفر الحوالي ؛ فقد ذكر أن القول بكفر المنكر للمعلوم بالضرورة كفر بالإجماع ، وأن عدم تكفيره من باب (عدم تكفير أحد من أهل القبلة ) إرجاء ؛
انظر شرحه للطحاوية في موقعه http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.Sub) Content&contentID=6391&keywords=المعلوم,من,الدين,بالضرورة ) ،
طبعا لن أسود الصفحات عن ( النحيب ) ، و( العويل ) وغيره من التهويلات كما صنع الأستاذ الشويقي ، ولن أقول إن الأستاذ الشويقي اعتنق مذهب الإرجاء لعلمي بجهله حينما قرر ذلك ، وإنما مرادي من ذلك كله العلم والحقيقة ، وإطلاع القارئ المحايد على حقيقة علم الأستاذ وفهمه
يبقى الإجابة عما أورده الأستاذ الشويقي من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية مما تصور أنه يؤيد قوله الفاسد
فقد أورد الشويقي مقولات لابن تيمية نص على أنها من المعلوم من الدين بالضرورة وهي :
( فساد القول بأن تعلم المنطق فرض كفاية ، والصلاة عند القبر لا فضل فيها ، وأن البناء على القبور غير مشروع ، و حرمة التمسح بمساجد منى وتقبيلها ) .
يرد عليه بثلاثة إجابات لا يستطيع الأستاذ نقضها ، وهي :
(1) – الإجابة الأولى : واضح من إيراد الأستاذ لهذه المقولات أنه غير مطلع على فقه شيخ الإسلام ؛ فابن تيمية يستعمل مصطلح ( المعلوم من الدين بالضرورة ) باعتبارين ، اعتبار إضافي ؛ فكل ما ثبت في الشريعة وعرفه أحد العلماء فهو معلوم من الدين بالضرورة لدى هذا العالم ؛ قال ابن تيمية (( فكون الشيء معلوما بالضرورة أمر إضافي ... فكثير من العلماء يعلم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد للسهو وقضى بالدية على العاقلة ، وقضى أن الولد للفراش ، وغير ذلك مما يعلمه الخاصة بالضرورة ، وأكثر الناس لا يعلمه البتة )) مجموع الفتاوى : 13/118 .
واعتبار آخر وهو المعلوم من الدين بالضرورة الذي لا يسع أحد جهله وهو الذي يكفر منكره إذا بين له وأصر ، وهو يكثر من ذكر الاعتبار الأول في سجاله وردوده ، ويتضح لأي طالب علم يمعن النظر في هذه المقولات التي نقلها الشويقي أن مقصود ابن تيمية أنها معلومة بالضرورة للعالم المطلع ، لا أنها مما يصدق عليه مصطلح ( معلوم من الدين بالضرورة ) بالاعتبار الثاني الذي يكفر منكره ، وأن ابن تيمية قالها من باب الحجاج .
نعم يبقى الجواب عن قولين مشكلين من أقوال أبن تيمية التي أوردها الشويقي ، وهما :
القول الأول : قول ابن تيمية في الحكيم الترمذي ؛ فأقول : إن كان صدر من الحكيم الترمذي مخالفة لما يعلم من الدين بالضرورة حقيقة فإنه لا يمكن أن يكفره ابن تيمية ؛ لأنه غير معاصر له ، ليقيم عليه الحجة ، ولا يعلم هل قامت عليه الحجة وبين له أو لا؟ ولا تقليد في التكفير خاصة من المجتهدين أمثال ابن تيمية .
القول الثاني : قول ابن تيمية في ( العلو ) حيث استشهد به الأستاذ الشويقي ، حيث قال (( قال : ابن تيمية –رحمه الله- (في درء التعارض 5/302) إن \"إثبات الصفات والعلو والأفعال معلومٌ بالاضطرار من دين الرسول\". فليأخذ الأستاذ من هذا أن ابن تيمية يكفر علماء الأشعرية، والماتريدية، وسائر الفرق الكلامية التي لا تثبت صفة العلو لله –سبحانه-. فهؤلاء كلهم علماء، وقد بلغهم نقد أهل السنة لهم، فأصروا، بل منهم من عدَّ إثبات العلو كفراً!!)) أ . ه .
قلت : استشهاد الأستاذ الشويقي بمقولات ابن تيمية هذه دليل على ضعفه في تصور مسائل العلم ، فمراد ابن تيمية أن العلو بمعناه الذي يقرره هو معلوم من الدين بالضرورة للعلماء الذين اتبعوا منهج السلف ، فهو يتحدث عن ( المعلوم من الدين بالضرورة ) بالاعتبار الأول الذي سبق أن ذكرته ، لا أنه معلوم من الدين بالضرورة لا يسع أحد جهله ، نعم أجمعت فرق الأمة قاطبة من دون استثناء أهل الحديث أتباع السلف ، والأشاعرة ، والماتريدية على أنه معلوم من الدين بالضرورة لا يسع أحد جهله أن أن الله منزه عن النقص ، وأنه معلوم من الدين بالضرورة أن الله وصف نفسه في كتابة بأنه علي ، ورحيم ، وسميع ، ويغضب ، فمن أنكر ذلك وبين له , وأصر فهو كافر بلا خلاف بين الفرق ، لكنهم اختلفوا في المعنى المراد بهذه الصفات ، فأهل الحديث أتباع السلف أجمعوا على أن العلو مراد به علو الذات وعلو القدْر ، وعلو القهر، وخالفهم الأشاعرة والماتريدية في علو الذات ؛ وشبهتهم في نفي علو الذات أن إثبات علو الذات يستلزم الجهة ، والجهة تستلزم التحيز ، والتحيز يستلزم أن يحيط به شيء إلى آخر المستلزمات التي ذكروها ، فالأشاعرة والماتريدية لم يخالفوا المعلوم من الدين بالضرورة مما لا يسع أحد جهله ، بل خالفوا إجماع السلف في تفسير المراد بهذه الصفات لشبهة عرضت لهم ، ولم يكفرهم علماء الحديث أتباع السلف نتيجة لشبهة التأويل ؛ وإن كان لازم كلامهم – حسب قول ابن تيمية - شنيعا مؤديا إلى الكفر ؛ لأن لازم القول ليس بقول إلا إن التزمه صاحبه ، وقد أجمع العلماء على عدم التكفير باللازم ، ويسميه الشاطبي التكفير بالمآل ، قال ابن تيمية : (( والصواب أن لازم مذهب الإنسان ليس بمذهب إذا لم يلتزمه ... ، ولو كان لازم المذهب مذهبا للزم تكفير كل من قال عن الاستواء وغيره من الصفات انه مجاز ليس بحقيقة ، فان لازم هذا القول يقتضي أن لا يكون شيء من أسمائه وصفاته حقيقة )) مجموع الفتاوى 20/217 ، ولهذا كان ابن تيمية في حواره مع علماء الأشاعرة يقول لهم : أنا لا أكفركم لوجود الشبهة لديكم ، لكن لو قلت بقولكم لكفرت لعلمي بلوازم قولكم الفاسد ، ونقل الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ) أن ابن تيمية في مرض موته قال : انقلوا عني أني لا أكفر أحدا من أهل القبلة فكلهم إنما يريد تنزيه الخالق . أ.ه .
ولو أن أحدا نسب إلى الله النقص ، ولم ينزهه لكان منكرا ما علم من الدين بالضرورة ، ولكان كافرا إن أصر على ذلك بعد البيان ولم يعذر لا بتأويل ولا بغيره ، بإجماع فرق الأمة .
(2) - الإجابة الثانية : ثم ما رأي الأستاذ الشويقي إذا أثبتنا له أن ابن تيمية نفسه يتفق مع علماء الأمة على كفر من أنكر المعلوم من الدين بالضرورة ، بل ما رأيه أنه يقرر الإجماع على ذلك ؟!!
فقد ثبت أن الصحابي قدامة ابن مظعون و جماعة معه شربوا الخمر معتقدين حلها ، و استشهد قدامة على حلها بقوله تعالى (( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا )) ، قال ابن تيمية (( لما ذكر ذلك لعمر بن الخطاب اتفق هو وعلي بن أبي طالب وسائر الصحابة على أنهم إن اعترفوا بالتحريم جلدوا ، وإن أصروا قتلوا... وهذا الذي اتفق عليه الصحابة هو متفق عليه بين أئمة الإسلام ،لا يتنازعون في ذلك ، ومن جحد وجوب بعض الواجبات الظاهرة المتواترة كالصلوات الخمس ، وصيام شهر رمضان ،وحج البيت العتيق ،أو جحد تحريم بعض المحرمات الظاهرة المتواترة كالفواحش ، والظلم ، والخمر، والميسر، والزنا ، وغير ذلك ، أو جحد حل بعض المباحات الظاهرة المتواترة كالخبر واللحم والنكاح فهو كافر مرتد يستتاب فان تاب وإلا قتل)) مجموع الفتاوى 11/403- 405 .
فهنا ابن تيمية يقرر أن من انكر معلوما من الدين بالضرورة وبين له , و أصر فهو كافر مرتد يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، ويحكي اتفاق الصحابة والعلماء فهو يقول ((وهذا الذي اتفق عليه الصحابة هو متفق عليه بين أئمة الإسلام لا يتنازعون في ذلك )) .
(3) – الإجابة الثالثة : وإن ظل الشويقي مصرا على قوله بعد كل هذه النقول والتوضيحات ، فأقول : حسنا دعونا نتنزل – جدلا – ونقول : إن ما أورده الشويقي من أقوال ابن تيمية وهي ( فساد القول بأن تعلم المنطق فرض كفاية ، والصلاة عند القبر لا فضل فيها ، و البناء على القبور غير مشروع ، و حرمة التمسح بمساجد منى وتقبيلها ) أن هذا كله معلوم من الدين بالضرورة على الحقيقة ، ماذا نستنتج من هذا ؟
نستنتج من هذا أن مخالفة المعلوم من الدين بالضرورة أمر هين ، لا يستدعي التهويل ، أقرب المسألة للشويقي بأسلوب مبسط ؛ ليدرك ضعف تصوره لمسائل العلم ، وخطأ استشهاده بكلام ابن تيمية للمسألة المتنازع عليها بيني وبينه فأقول
هل حكم من استحل الزنا و بين له وأصر ، أو قال : بأن الرسول صلى الله عليه وسلم جحد بعض الرسالة وبين له وأصر مثل حكم من قال : إن تعلم المنطق فرض كفاية وبين له وأصر على قوله ؟
إن قال الشويقي : لا الأمر يختلف – وهو كذلك بلا شك – بطل استشهاده بكلام ابن تيمية ، وبطل كل تقريره واتضح انقطاعه وصواب قولي ، وإن قال : نعم الحكم واحد ، فقد جاء بما يضحك الثكلى ، فليختر له احد الجوابين و(ليجب على هذا السؤال ) ؛ ليريح ويستريح .
وعلى كل فأنا أمهل أخي الأستاذ الفاضل الشويقي عشرين سنة أن يأتي بقول لعالم معتبر من علماء الإسلام يقول : إن من أنكر معلوما من الدين بالضرورة حقيقة مما يقول عنه كل العلماء : إنه على أنه معلوم من الدين بالضرورة كالقول بحل الخمر أو إباحة الزنا ، وهو عالم وأنكر عليه ، وأصر لا يكفر إذا كانت له شبهة تأويل ، وهيهات له أن يجد ، وليعرض قولي هذا وتقريري على من شاء من العلماء ، والهيئات العلمية ، وأقسام العقيدة في الجامعات ليعلم جهله وتخبطه .
طرفة
الطريف البالغ إلى حد الضحك أن الأستاذ الشويقي قرر في الحلقة الأولى أن تقريره لا يلزم منه تكفير الجابري ؛ حتى وإن أنكر المعلوم من الدين بالضرورة وانتقد وأصر ، وجاء بنقولات لابن تيمية ليقرر أنه لا يلزم من تقريره تكفير الجابري ، ثم في الحلقة الثانية نسي ما قرره في الحلقة الثانية وجاء بنقولات من الهيئة الدائمة للإفتاء ومن ابن باز ومن البيهقي تقرر كفر من قال كقول الجابري ؛ أي أنه ناقض نفسه ( تناقضا حقيقيا ) ، إلا إن قال : إني أعارض ابن باز والبيهقي وفتوى اللجنة الدائمة ، وهذا مستحيل لأن كلامه يدل على موافقتهم ؛ لأنه كتب يشنع عليَّ لأنه ظن أني أعارض هؤلاء .
ومحصل هذا التناقض من الأستاذ أنه هو وآراؤه الثابتان ، والحكم الشرعي متغير ، ففي الحلقة الأولى خالف الإجماع ليقرر أنه لا يلزم من تقريره تكفير الجابري ، ثم في الحلقة الثانية نقل عن هيئة العلماء وابن باز والبيهقي تكفير من قال بمثل ما قاله الجابري
المسألة الثانية
وهي ( القول بأن أدلة كمال القرآن من النقص والزيادة ظنية ، هل هذا القول مخالف لما علم من الدين بالضرورة كما يقول الشويقي ، أو مخالف لإجماع العلماء كما قلت أنا ؟ )
هذه المسألة خبط الأستاذ الشويقي فيها تخبيطا عجيبا غريبا ، وقد ذهلت حينما قرأت رده ، فكلامي وتقريري في واد ، ورده في واد آخر، وعرفت أن الأستاذ جاهل جهلا مطبقا بعلم أصول الفقه ؛ إذ إنه لم يتصور الخلاف فيها حق التصور ، فقد قال معلقا على رأيي فيها بقوله :
(( تركنا الأستاذ سليمان الضحيان الأسبوع المنصرم، وبدنه يقشعرُّ من قولي: إن \"سلامة القرآن من النقص والزيادة، مما يندرج تحت اليقينيات المعلومة بالضَّرورة من دين الإسلام)\". وكتب يقول: إن ما قاله الشويقي: \"جرأةٌ عظيمةٌ تقشعر منها الأبدان\"، وذكر أنه \"لم يتوقع ممن هو متخصِّص بالعقيدة أن يقع بمثل هذه الزلة العظيمة\". وتساءل الأستاذ: \"أي بابٍ للتكفير فتحه الأستاذ الشويقي-المتخصِّص بالعقيدة- بهذا التقرير الفاسد المخيف؟!!\"، \"الخطير\" \"الشنيع\" \"المخيف\"، \"البدعي\"...إلخ.)) ثم أطال بذكر ( النحيب ) و( العويل ) وأني أنسب منهج الشيخ ابن باز وهيئة العلماء الدائمة للبدعة ، وغيرها من الكلام العاطفي الذي يقبح بطالب العلم الشرعي الشريف ذكره في الحوار .
قلت : إن كان الشويقي قال هذا القول منه بناء على سوء فهم لقولي فغفر الله له وسامحه ، وإن كان قاله مدلسا يريد تشويه سمعتي قصدا عند القراء فأفوض أمري إلى الله ؛ فهو حسيبه ، أما أنا فأقول : لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على من قال : إن قول الشويقي \"سلامة القرآن من النقص والزيادة، مما يندرج تحت اليقينيات المعلومة بالضَّرورة من دين الإسلام)\" جرأة تقشعر منها الأبدان أو منهج بدعي إلخ مما نسبه إليَّ .
إذن ما الذي قلته ؟!! .
أنا قلت : إن تكفير الجابري المفهوم من تقرير الشويقي للمسالة جرأة تقشعر منها الأبدان ، ثم قلت بعد ذلك بالنص (( والمخيف هنا هذا المنهج البدعي في التكفير الذي يقرره المتخصص بالعقيدة ، وهو القول بأن لوازم ما علم من الدين بالضرورة هي نفسها من المعلوم من الدين بالضرورة ، ولا أعلم أنه سبقه أحد إلى هذا التأصيل الشنيع الفاسد الخطير ) .
إذن كلامي منصب على التأصيل بأن ( لازم ما علم من الدين بالضرورة هو معلوم من الدين بالضرورة ) ، وسيعرف القراء بعد قليل لماذا قلت هذا ؟
ولابد هنا من تحرير موضع الخلاف ليعرف القارئ ضعف تصور الأستاذ الشويقي للخلاف ، وتخبطه ، وخلطه .
الخلاف بيني وبينه في مسألة محددة وهي :
((القول بأن أدلة كمال القرآن من النقص والزيادة ظنية ، هل هذا القول مخالف لما علم من الدين بالضرورة كما يقول الشويقي ، أو مخالف لإجماع العلماء كما قلت أنا ؟ )) ، إذن الشويقي يقول : ( معرفة أن أدلة كمال القرآن قطعية معلومٌ من الدين بالضرورة ) .
وأنا أقول : ( معرفة أن أدلة كمال القرآن قطعية معلومٌ بالإجماع )
فالخلاف في ( كيفية معرفة القطعية في الأدلة ) فقط
ولأقرب المسألة للأستاذ الشويقي ، ولمن لا علم له بأصول الفقه من القراء وأضعها على شكل سؤال وجواب فأقول :
( س 1- يا ضحيان : ما الوصف الذي يطلق على كمال القرآن من النقص والزيادة ؟
الجواب : معلوم من الدين بالضرورة .
س 2: كيف عرفت بأنه معلوم من الدين بالضرورة ؟
الجواب : لأن أدلته قطعية .
س 3 : كيف عرفت بأن أدلته قطعية ؟
الجواب : بالإجماع )
وبناء عليه فمن قال : إن أدلته ظنية فهو مخالف للإجماع .
نبدأ الآن بسؤال الأستاذ الشويقي:
( س1- يا شويقي : ما الوصف الذي يطلق على كمال القرآن من النقص والزيادة ؟
الجواب : معلوم من الدين بالضرورة .
س 2: كيف عرفت بأنه معلوم من الدين بالضرورة ؟
الجواب : لأن أدلته قطعية .
س 3 : كيف عرفت بأن أدلته قطعية ؟
الجواب : لأنه معلوم من الدين بالضرورة )
وبناء عليه فمن قال : إن أدلته ظنية فهو مخالف للمعلوم من الدين بالضرورة .
من هذا الشرح المبسط نستنتج أمرين :
الأمر الأول : أن قول الأستاذ الشويقي يلزم عليه ( الدَّور ) فكمال القرآن من الزيادة والنقص ؛ لأن أدلته قطعية ، وأدلته قطعية ؛ لأنها معلومة من الدين بالضرورة ، والأستاذ وطلبة العلم يعلمون أن ( الدّور ) نتيجته الاستحالة ( هذا إذا كان الشويقي يعرف ما ( الدّور ) ؟ ، ويعرف أن نتيجته الاستحالة ) .
الأمر الثاني : الذي نستنتجه من تعقيد الشويقي هو : أن الدليل القطعي يعلم من الدين بالضرورة .
وهذا من غرائب الأستاذ التي لم يسبق إليها ، فلم يقل أحد من الأصوليين إن ( القطعي ) يعلم من الدين بالضرورة ، بل العكس ، وقد نص الأصوليون على أن ( القطعي ) يعلم بأحد أمور خمسة لا سادس لها وهي : 1- بنص من القرآن لا يحتمل إلا وجها واحدا
2- بخبر ثبت بالتواتر .
3- بالإجماع المستكمل الشروط .
4- بالقياس الذي قطع فيه بالتعليل ثم قطع بوجود العلة في الفرع .
5- بخبر الآحاد إذا حفت به قرائن حالية أو مقالية
زاد الأستاذ الشويقي – عفا الله عنه وبارك في علمه - طريقا سادسا وهو ( أن يعلم من الدين بالضرورة )
وعلى هذا فأنا أمهل الأستاذ الكريم عشرين سنة بأن يثبت أن الدليل القطعي يعلم من الدين بالضرورة ، وليعرض كلامي هذا على فطاحلة المتخصصين بعلم أصول الفقه ، وعلى الأقسام العلمية ليعرف ضعف تصوره ، وجهلة المطبق بأصول الفقه
لم يبق إلا أن يقول : إني قلت ذلك أخذا باللازم ، فلازم المعلوم من الدين بالضرورة هو نفسه معلوم من الدين بالضرورة ، وهذا الذي قلت فيه : تأصيل مخيف ، و به يفتح بابا واسعا على نفسه ؛ لأن كل معلوم من الدين بالضرورة له مئات اللوازم ، وإذا كان منكر المعلوم بالضرورة كافرا إذا كان عالما بما أنكر وانتقد ونبه وأصر ، فعليه يجب تكفير كل من أنكر لازما من لوازمه .
وبهذا يتضح صواب قولي بما لا يدع مجالا للشك بأن الجابري خالف أجماع أهل السنة والجماعة .
ويبقى الإجابة عن إيراد الأستاذ الشويقي لفتوى الشيخ ابن باز ، وقول البيهقي ، وابن حزم ، وفتوى الهيئة الدائمة التي أراد التشنيع بها علي ، وتصويري مخالفا لهم وكتبها مهولا ب( العويل ) و( النحيب) ، فأقول : نعم كلامهم حق بلا شك ، وأنا متفق معهم تماما ، ومشكلة الشويقي كأنه يُهوِّن من مخالفة الإجماع ، فمن الإجماع ؛ الإجماع على قطعية كمال القرآن وعدم نقصه ، و من جوز ذلك عنادا من دون شبهة تأويل فهو كافر كما هو رأي ابن باز و البيهقي وغيرهم - وما كانت هناك حاجة بالشويقي لنقل أقوالهم - لو كان فهم الخلاف بيني وبينه حق الفهم - فالمسالة لا تحتاج للنقل فهي معروفة عند كل طالب علم ، أما من تأول ، وكانت لديه شبهة كالجابري فقد ضل ، وقد قلت عن كلام الجابري ( خطأ كبير ) ، وقلت في قناة الحرة ( خطأ شنيع ) ، الطريف أن الشويقي اتضح أنه يوافقني في هذه النتيجة ويخالفني في المقدمة ، فهو يرفض النتيجة التي ألزمته بها وهي تكفير الجابري بناء على أنه مخالف للمعلوم من الدين بالضرورة وهو عالم وبين له وأصر ، ويصر أنه يمكن عذره ، مع أن المخالف للمعلوم من الدين بالضرورة لا يقبل منه التأويل أو غيره كما نقلت إجماع العلماء في المسألة الأولى ؛ فعليه
وعليه ، فلابد للشويقي من أحد أمرين :
إما تكفيره كما عليه إجماع العلماء في من خالف الضروري ، وبين له وأصر ، وإما أن يوافقني ويقول : إنه خالف الإجماع ، ويدرأ عنه التكفير لشبهة التأويل ( حيث إن الجابري لا يرى الإجماع في هذه المسألة ، ويختار تفسير مجاهد ، وابن السائب لقوله تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) .
فليختر الأستاذ أي الأمرين ، إما إلزامي له بأنه كفر الجابري ، أو موافقتي على قولي بأنه خالف الإجماع .
خاتمة
مشكلة الأستاذ الفاضل الشويقي ضعفه العلمي ، وسوء فهمه ، وضعف تصوره لمسائل العلم ، فقد بان لي أنه ضعيف بمعرفة علم المنطق ، و علم الجدل، وعلم أصول الفقه ، وعلم العقيدة ، وعلم اللغة ؛ لهذا فهو في حواره يبعد كثيرا عن تحرير موضع الخلاف ، وجل همه البحث عن التناقضات كما هي عادته ، ويخطئ في تحريره للمسائل ؛ فيفهم كلام محاوره خطأ ، ثم يبني على سوء الفهم نتيجة ، ثم يلزم محاره بهذه النتيجة ، ثم يذهب يبحث من أقوال أهل العلم ما يعتقد أنها تؤيد ما فهمه ، ثم يجعل قول محاوره ( الذي فهمه خطأ ) في مقابل قول أهل العلم ، ثم يبدأ بالكلام العاطفي ، والتشنيع ، والتهويل ، والأصل في الحوار أن يحرر موضع الخلاف ، ثم يذكر أدلته ، وبعدها ينقض أدلة مخالفه ، من دون تهويلات ، وتشنيعات مما يسميه علماء الجدل ( الاستعانة بالخارج ) .
وأختم حواري معه بأمرين :
الأمر الأول
بإعادة السؤالين الذين طرحتهما عليه وهما :
السؤال الأول :
( يا أستاذ بندر هات لي نقلا موثقا عن عالم معتبر من علماء الإسلام أنه يقول : إن من أنكر معلوما من الدين بالضرورة ، مما لا يسع أحد جهله كالقول بحل الخمر أو إباحة الزنا ، وأنكر عليه ، وانتقد ، وأصر لا يكفر إذا كانت له شبهة تأويل ) .
والسؤال الثاني :
( يا أستاذ بندر : هات لي نقلا موثقا عن عالم معتبر من علماء الأصول يقول : إن الدليل القطعي يعلم من الدين بالضرورة )
وأمهل الأستاذ الكريم عشرين سنة للإجابة عن هذا التحدي ، وأي حيدة عن الإجابة ، أو تشغيب بالكلام عن تناقض ، أو غيره مما اعتاد على الاستعانة به في ردوده ، فلن أرد عليه ، وسألتزم بمطالبته بالإجابة عن أسئلتي التي أبانت بما لا يدع مجالا للشك عن جهله وتخبطه العلمي ، و أنا أنتظر إجابته كما قلت لمدة عشرين سنة هيهات له أن يجد إجابة .
كما أنني لن أجيب بحرف واحد عن أي واحد يحاول الإجابة ، أو يحاول الدخول في الحوار مهما كانت صفته العلمية ، أو مركزه ، أو سنه ، إلا بعد انقضاء فترة التحدي التي ضربتها للأستاذ الشويقي
الأمر الثاني
الأستاذ الفاضل شغب علي قبل قراءة ردي – وهذا من غرائب الجدل – ودعاني للمناظرة في أي منتدى علمي ، وقد عجبت من دعوته أشد العجب ، فما الذي نصنعه نحن منذ أشهر ؟
نحن نتناظر من ثلاثة أشهر تقريبا ، وكلما رد علي جهزت الرد عليه مباشرة بيومين أو ثلاثة على الأكثر، ولولا ظروف النشر في الجريدة لنزل ردي مباشرة بعد رده .
والآن وقد طرحت عليه أسئلتي التي أنقض بها تقريره الفاسد من أساسه ، فمعناه أن مناظرتي له مفتوحة لمدة عشرين سنة ؛ لأني أنظرته للإجابة عن أسئلتي عشرين سنة ، وإن شاء زدته إلى خمسين سنة ، وإن شاء زدته أكثر ، ولا باس أن يوصي أبناءه وأحفاده في مواصلة البحث لعل وعسى أن يجدوا جوابا لهذه الورطة ، والفضيحة التي وقع فيها .
وإن شاء أن نعقد بيني وبينه مناظره على الهواء مباشرة في أي قناة فضائية فانا على استعداد تام ، والدعوة مفتوحة لمدة عشرين سنة، وإن شاء أكثر فلا باس .
وصلى الله على الهادي البشير وعلى آله وصحبه أجمعين .
د سليمان الضحيان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.