أيقونة التقدم الدولي    برئاسة المملكة والنرويج.. اجتماع لدعم جهود حل الدولتين والاعتراف بفلسطين    ولي العهد يبحث مع الرئيس الفلسطيني التصعيد في غزة    Google Maps أولوية الحركة لأصدقاء البيئة    الجبير وثياو يناقشان المستجدات الدولية حول حماية البيئة والحد من التصحر    اجتماع تنسيقي لدعم جهود تنفيذ حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين    بقايا بشرية ملفوفة بأوراق تغليف    إنقاص وزن شاب ينتهي بمأساة    الفراشات تكتشف تغيّر المناخ    فزعة تقود عشرينيا للإمساك بملكة نحل    العشق بين جميل الحجيلان والمايكروفون!    وسائل التواصل تؤثر على التخلص من الاكتئاب    معايير دقيقة لأجمل مربّى برتقال    أعراض التسمم السجقي    السابعة اتحادية..    دوري السيدات.. نجاحات واقتراحات    ولي العهد يستقبل وزير الخارجية البريطاني    زرقاء اليمامة.. مارد المسرح السعودي    «عقبال» المساجد !    الخروج من مستنقع الحرب !    دافوس الرياض وكسر معادلة القوة مقابل الحق    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة (37) من طلبة كلية الملك فهد البحرية    الإطاحة بوافد وثلاثة مواطنين في جريمة تستر وغسيل أموال ب200 مليون ريال    القبض على عصابة سلب وسرقة    العميد والزعيم من جديد.. الهدف أغلى الكؤوس    ليفربول يتوقع بقاء صلاح    حقائق حول محادثات الاحتلال وحماس        6 نقاط تفصل بنو قادس عن دوري روشن    محافظ العارضة يستقبل مفوض الإفتاء فضيلة الشيخ محمد شامي شيبة    الهيئة الملكية للجبيل وينبع    الشباب يسيطر على جوائز شهر أبريل في دوري روشن    أمير المدينة يدشن مهرجان الثقافات والشعوب    توقيع مذكرتي تفاهم لتعزيز استدامة إدارة النفايات    اليوم.. آخر يوم لتسجيل المتطوعين لخدمات الحجيج الصحية    السعودية للكهرباء تتلقى اعتماد العائد التنظيمي الموزون لتكلفة رأس المال على قاعدة الأصول المنظمة ب 6.65%    %97 رضا المستفيدين من الخدمات العدلية    فيصل بن بندر يستقبل مدير 911 بالرياض.. ويعتمد ترقية منتسبي الإمارة    مواهب سعودية وخبرات عالمية تقود الأوبرا الأكبر عربياً "زرقاء اليمامة"    جدة: القبض على مقيمين لترويجهما مادة الحشيش وأقراصا خاضعة لتنظيم التداول الطبي    إنقاذ معتمرة عراقية توقف قلبها عن النبض    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة    أخبار سارة في تدريبات الهلال قبل الكلاسيكو    "جائزة الأميرة صيتة" تُعلن أسماء الفائزين بجائزة المواطنة المسؤولة    سياسيان ل«عكاظ»: السعودية تطوع علاقاتها السياسية لخدمة القضية الفلسطينية    أمطار مصحوبة بعدد من الظواهر الجوية على جميع مناطق المملكة    أمير الرياض: المملكة تدعو لدعم «الإسلامي للتنمية» تلبية لتطلعات الشعوب    منصور يحتفل بزواجه في الدمام    إطلاق المرحلة الثانية من مبادرة القراءة المتجولة    دولة ملهمة    نائب أمير مكة يطلع على تمويلات التنمية الاجتماعية    ديوانية الراجحي الثقافيه تستعرض التراث العريق للمملكة    لقاء مفتوح ل"فنون الطهي"    فئران ذكية مثل البشر    إستشاري يدعو للتفاعل مع حملة «التطعيم التنفسي»    سعود بن بندر يستقبل أعضاء الجمعية التعاونية الاستهلاكية    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزَّة: القطاعُ الكاشف
نشر في عاجل يوم 22 - 07 - 2013

لو كانَ تمنّي الموتِ سائغاً شرعاً لما وسعَ الأحرارُ إلاَّ أنْ يتمنّوا توسُّدَ الثرى حتى لا يبصروا ما جرى في غزَّةَ الصامدةِ المقاومةِ وللهِ المشتكى وحدَه، وحيثُ أنَّ مجرَّدَ الشكوى طبعٌ جبانٌ مالمْ يُصحبْ بعملٍ وثابٍ وروحٍ متفائلةٍ حتى تخرجَ الأمَّةُ منْ سنواتِ تيهِها التي طالتْ وما ذلك على اللهِ بعزيز، ولأجلِ ذلكَ لا مفرَّ منْ النَّظرِ إلى هذهِ المعركةِ الجديدةِ في سياقِ التفاؤلِ والاعتبارِ والتخطيطِ للمستقبلِ متجاوزينَ العقبةَ الكوؤدَ المتمثلةَ بأسرِ الماضي المؤلمِ وتقييدِ الواقعِ الحزينِ منْ غيرِ إهمالٍ لهما والأمرُ للهِ وحدَه ليبتليَ عبادَه ويُمحصَّهم للغيبِ الذي لا يعلمه إلاّ هو سبحانه.
ولقدْ كانَ القطاعُ العزيزُ في محنتهِ كاشفاً لعدَّةِ أشياءَ منها:
أولاً: تزكيةُ المنهجِ الإسلامي الذي يأبى الضيمَ وينشدُ الحريةَ ولا يرضى بالهوان؛ ففرقٌ كبيرٌ بينَ تعاملِ الأعداءِ معْ \"عباس\" وتعاملهم معْ حماس المنحوتةِ منْ حركةِ المقاومةِ الإسلامية؛ ولا غرابةَ فقدْ يكونُ \"عباس\" منحوتاً منْ عميلِ البغي الإسرائيلي.
ثانياً: أنَّ الشارعَ الفلسطيني والإسلاميَّ مناصرٌ للتوجهاتِ الصادقةِ المنطلقةِ منْ الدِّينِ الصحيح، ولو أجريتْ انتخاباتٌ نزيهةٌ في بلدانِ المسلمين لفازَ في أكثرِها حملةُ الشريعةِ ودعاةُ الفضيلة، ولذا أحجمتْ أمريكا عنْ فرضِ \"الديمقراطية\" في الشرقِ الإسلامي حينَ رأتْ ثمارَ تطبيقاتِها اليسيرة.
ثالثا: لازالَ في المسلمينَ حياةٌ وبقيةٌ منْ حياةٍ لمْ تقضِ عليها الشبهُ والشهواتُ المبثوثةُ في كلِّ زاوية؛ وقدْ رأينا المظاهراتِ الغاضبةَ تعمُّ بلدانَ المسلمين حتى العراق المحتل، وهذا دليلٌ على وحدةِ شعورِ المسلمين ورغبتِهم في نفضِ غبارِ الذُّلِ المتراكمِ إضافةً إلى الانفكاكِ عن المواقفِ السياسيةِ والخلافاتِ بين الأنظمةِ والأحزاب.
رابعاً: كشفَ لنا القطاعُ انقطاعَ عباسٍ وزمرتهِ عنْ همومِ أهلِ فلسطين وانفصالِهم عنْ الجسدِ الفلسطيني المثخنِ بالجراح؛ ولقدْ كانتْ تصريحاتُ عباس ورجالِه عاراً لا يُغسل إلاَّ بنزعِ أيِّ شرعيةٍ يتمتعونَ بها، وإلاّ فمَنْ يقبلُ اتهامَ المقاومةِ بالعبث؟ ومَنْ يرضى بالتشفي منْ القطاعِ وأهلِه وهم الجيرانُ وبنو العم؟ والواجبُ الشرعيُ على حماس أنْ تسارعَ بفضحِ هؤلاءِ المجرمينَ بالوثائقِ الثابتةِ غيرةً للهِ ثمَّ لحقِّ الشعوبِ الإسلاميةِ والتاريخ.
خامساً: وممَّا قطعَ القطاعُ الظنَّ منهُ باليقينِ موقفُ الحكوماتِ العربيةِ القبيحِ منْ الحدثِ برُّمته؛ فقد أمستْ القاهرةُ مقهورةً بتصريحِ اليهوديةِ وإعلانِها الحربَ منْ أرضِ الكنانةِ التي يمتازُ شعبُها بالغيرةِ والنَّجدةِ والحمية؛ وزادَ الطينَ بلِّة سكوتُ المسؤولينَ المصريينَ عنْ تصريحاتِها فلمْ ينبسوا ببنتِ شفه! ولو كانَ المسؤولُ يعقلُ لاستقالَ أو امتنعَ عنْ الخروجِ على النَّاسِ مكشوفَ الوجه أبدَ الدّهر! ولو أنَّ النِّظامَ المصري يستحي منْ شعبهِ المسلمِ لطردَ أولئكَ الساكتينَ عنْ الحقِّ الناطقينَ بالسوء، وما يُقالُ عنْ مصرَ ليس خاصاً بمصرٍ دونَ مصرٍ غيرَ أنَّ خطأ الكبيرِ موجع.
سادساً: أنَّ زعماءَ اليهودِ يلبونَ رغباتِ شعوبِهم، فقدْ أوضحتْ استطلاعاتُ الرأي تقدُّمَ \"كاديما\" الذي تقوده ليفني على الليكودِ لأولِّ مرَّة، وقدْ كانَ للوزيرةِ اليهوديةِ \"ليفني\" موقفٌ صلبٌ خدمةً لمعتقدِها وبلدِها، وهو ما يعجَزُ عنه بعضُ رجالِ أمتنِا ولو كانَ في سبيلِ المعتقد الصوابِ والمصلحةِ الراجحة.
سابعاً: يُسوِّغُ اليهودُ جرائمَهم كلَّ كرَّةٍ؛ ولا يرونَ بأساً في عدوانهم ولا حاجةً للاعتذارِ خلافاً للمسلمينَ الذي يعتذرونَ ممَّا لم يفعلوه أوْ لمْ يأمروا به، وعلى أيِّ حالٍ فالتسويغُ اليهوديُ للاعتداءِ أمرٌ طبعيٌ حتى معْ رفضِنا له؛ فهذهِ عادةُ المجرمينَ الصغار والكبار، ولكنْ كيفَ نُفسِّرُ التسويغاتِ العربيةَ للعدوان؟
ثامناً: ما أكذبَ الشعاراتِ البراقةِ المناديةِ بالحقوقِ والحريةِ والإخاءِ والحوارِ والتعايش؛ فهاهيَ دولةُ إسرائيلَ تنسفُ بالحربِ كلَّ كلماتِنا الهزيلة؛ وتكتفي دولُ العالمِ بالصمتِ باستثناءِ أمريكا -ذاتِ الحذاءِ- التي تتفهمُ البشاعةَ اليهوديةَ ولا تُراعي أيَّ حقٍّ للزعاماتِ العربيةِ الصديقةِ ودولِ المنطقةِ \"الحليفة\". ويفضحُ الدعاوي العريضةَ تزامنُ الاعتداءاتِ معْ الاحتفالاتِ النَّصرانيةِ بميلادِ المسيحِ- عليه السلام- ورأسِ السنةِ الميلاديةِ وهيَ احتفالاتٌ عالميةٌ تبلغُ أوجها في أرضِ فلسطين فأيُّ نفوسٍ قبيحةٍ تلكَ التي تخلطُ الدِّماءَ والأشلاءَ معْ مقتضياتِ الاحتفالِ والبهجة؟
تاسعاً: ضرورةُ إحياءِ روحِ المقاومةِ والجهادِ ودفعِ العدوانِ في نفوسِ النّاشئةِ منْ شبَّانِ المسلمين وفتياتِهم؛ وتوسيعُ النَّظرةِ إلى مشروعِ حماسِ على أنَّه يتجاوزُ تحريرَ القطاعِ إلى تحريرِ بيتِ المقدسِ ولا يقفُ عندَه بلْ يمضي قُدماً لتحريرِ الإنسانِ المسلمِ والعربي منْ الضعفِ والاستكانةِ وانتزاعِ الأجيالِ منْ براثنِ المغرياتِ والملهياتِ إلى معالي المطالبِ لتكونَ غزَّةُ بوابةَ العزَّة.
وإنَّ لأهلِنا وشهدائِنا في غزَّةَ أسوةٌ حسنةٌ وقدوةٌ مباركةٌ في النَّبي الكريمِ -صلى الله عليه وسلم- وفي صحابتهِ البررة وسلفِنا الصالح؛ فمنْ جهادهم نستفيدُ لنقتديَ بصبرهم ومصابرتِهم ومرابطتهم، وندعُ الأمانيَ والملامةَ فالحديثُ الآنَ للدِّماءِ الزَّكيةِ والأرواحِ الطاهرةِ والبلادِ الصامدةِ والسواعدِ المقاومةِ والأموالِ المبذولةِ والعقولِ المفكرةِ حتى يستقيمَ الأمرُ وتزولَ الغمَّةَ ويأتيَ النَّصرُ فيشفي الله صدورَ قومٍ مؤمنين بتحقيقِ موعودهِ القريبِ لمنْ صبرَ واتقى وآمنَ وأحسن.
أحمد بن عبد المحسن العسّاف-الرياض
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.