- الرأى - بدرية عيسى - جازان : في أرضٍ اختلط فيها عبق التاريخ بصوت البحر وهمس الجبال، لم يكن الإنسان الجازاني يومًا عابرًا في المكان، بل كان امتدادًا لروحه وذاكرته. رجالٌ ونساء مرّوا من هنا، حملوا همّ مجتمعهم، ومضوا تاركين أثرًا لا يُقاس بالضجيج، بل بما يبقى بعده. ومن بين أولئك الذين صنعوا الفرق بهدوء العارفين، تبرز سيرة فيصل محمد الطبيقي. وُلد الدكتور فيصل محمد الطبيقي في منطقة جازان عام 1392ه، ونشأ على قيم الجد والاجتهاد، فاختار الطب رسالة، وتخصص في طب وجراحة العيون، ليجمع بين الدقة العلمية وعمق المسؤولية الإنسانية. حصل على درجة البكالوريوس في الطب من جامعة الملك سعود بالرياض عام 1996م، ثم واصل مسيرته العلمية بتدرجٍ نوعي شمل البورد العربي والزمالة السعودية في طب وجراحة العيون عام 2002م، إلى جانب زمالة جامعة الملك سعود، قبل أن يتخصص بدقة أعلى عبر زمالة مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون في الشدفة الأمامية عام 2003م، ثم زمالة جامعة هارفارد في جراحات القرنية وتصحيح الإبصار بمدينة بوسطن عام 2006م. بدأ مساره المهني في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض عام 1997م، ثم مستشفى الملك فهد بجازان عام 1998م، فمستشفى الملك خالد التخصصي للعيون بالرياض بين عامي 1999 و2003م. ومع عودته إلى جازان، التحق بجامعة جازان عام 2004م، حيث شكّل حضورًا أكاديميًا وإداريًا لافتًا، فتدرّج في عددٍ من المناصب القيادية، من أستاذ مساعد بكلية الطب قسم العيون، إلى المشرف العام على إدارة الابتعاث والتدريب والعلاقات الدولية، ثم وكيل كلية العلوم الطبية التطبيقية، فعميد كلية العلوم الطبية، وصولًا إلى عمادة كلية طب الأسنان، إضافة إلى عضويته في مجلس الجامعة ولجانها الاستشارية والعلمية. وإلى جانب عمله الأكاديمي، يواصل عطاءه الطبي من خلال عمله في مركز الاستشاريون التخصصي بجازان. وعلى الصعيد البحثي، أسهم الدكتور الطبيقي في إثراء مراجع طب العيون المتخصصة، من خلال كتابة فصول علمية مرجعية تناولت عمليات الليزك واللايسك والإبي-لايسك، والمشارط الأوتوماتيكية والليزر، وتقنيات بصمة العين (Wavefront)، إضافة إلى تشخيص وعلاج انحرافات القرنية غير المنتظمة، وذلك ضمن كتب علمية معتمدة في طب العيون على المستويين العربي والدولي. هكذا تُقرأ سيرة الدكتور فيصل محمد الطبيقي: نموذجٌ للكفاءة السعودية التي لم تكتفِ بالإنجاز الشخصي، بل ربطت العلم بالمكان، والمعرفة بالمسؤولية، لتبقى جزءًا حيًا من ذاكرة جازان، وأثرًا ممتدًا في إنسانها قبل مؤسساتها.