كتبه: فوزية القرني يُعدّ الانضباط المدرسي من أهم ركائز العملية التعليمية الناجحة، فهو يعكس مدى وعي الطلبة بأهمية احترام القوانين والنظم داخل المدرسة، كما يهيئ بيئة تعليمية تسودها الجدية والنظام والاحترام المتبادل. ويُعتبر الانضباط مؤشراً رئيساً على فاعلية الإدارة المدرسية ونجاحها في تحقيق أهدافها التربوية. غير أنّ واقع الانضباط في المدارس يواجه اليوم تحديات عديدة تتطلب حلولاً مبتكرة لتحقيق المأمول — (مفهوم الانضباط المدرسي) الانضباط المدرسي هو التزام الطالب بالسلوكيات الإيجابية التي تنظم الحياة داخل المدرسة، وتنعكس في احترام الأنظمة، المواظبة على الحضور، والالتزام بالمواعيد، والجدية في أداء الواجبات. وقد عرّفه الشمري (2022) بأنه «سلوك منظم يعبر عن احترام الذات والآخرين ويهدف إلى تحقيق بيئة تعليمية محفزة وآمنة» —(واقع الانضباط المدرسي) تشير الدراسات الحديثة إلى وجود تراجع نسبي في مستويات الانضباط داخل بعض المدارس السعودية، خاصة فيما يتعلق بالغياب والتأخر الصباحي وعدم الالتزام بالزي المدرسي. فوفقاً لتقرير وزارة التعليم السعودية (2023)، بلغت نسبة الغياب غير المبرر في المدارس الحكومية حوالي 12.4٪ من إجمالي الطلاب، في حين أظهرت دراسة جامعة الملك سعود (2022) أن 35٪ من الطلبة يعانون من ضعف الدافعية نحو الحضور المبكر والمشاركة الصفية المنتظمة — ومن أبرز مظاهر ضعف الانضباط: ارتفاع نسب الغياب دون عذر — التأخر الصباحي المتكرر — ضعف متابعة أولياء الأمور. غياب القدوة السلوكية من بعض العاملين في المدرسة — أسباب ضعف الانضباط .. تتعدد أسباب ضعف الانضباط، ومن أبرزها: – ضعف الوعي الأسري بأهمية الانضباط المدرسي. – غياب التحفيز الإيجابي من المدرسة للطلبة الملتزمين. – استخدام أساليب عقابية تقليدية بدلاً من أساليب تربوية حديثة. – تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وما تسببه من تشتت للانتباه وضعف الالتزام بالنوم المنتظم. الانضباط المدرسي في ضوء الرؤية الوطنية ( تولي رؤية السعودية 2030 اهتماماً خاصاً ببناء جيل منضبط ومسؤول، من خلال تعزيز القيم والانتماء الوطني في المؤسسات التعليمية. وقد أكدت وزارة التعليم (2023) على ضرورة دمج القيم السلوكية في المناهج الدراسية، وتفعيل البرامج التربوية لتعزيز الانضباط الذاتي والرقابة الداخلية لدى الطلاب) . المأمول لتحقيق الانضباط المدرسي الفعّال ( لتحقيق الانضباط المنشود، لا بد من تفعيل مجموعة من الاستراتيجيات التربوية، منها: 1. تعزيز الشراكة بين الأسرة والمدرسة من خلال التواصل المستمر. 2. استخدام أساليب تحفيزية إيجابية مثل الجوائز والشهادات التشجيعية. 3. دمج التقنية في المتابعة السلوكية عبر أنظمة مثل نور وتطبيق مدرستي. 4. تفعيل دور المرشد الطلابي في معالجة السلوكيات غير المنضبطة بطريقة تربوية. 5. توفير بيئة مدرسية جاذبة تشجع الطلاب على الحضور والانخراط في الأنشطة. الخاتمة الانضباط المدرسي ليس مجرد التزام شكلي بالقوانين، بل هو ثقافة متكاملة تزرع في نفوس الطلاب منذ الصغر. وبينما يواجه الواقع بعض التحديات، يبقى الأمل قائماً في تطوير بيئة تعليمية تتبنى الانضباط الذاتي كأساس للنجاح. فبقدر ما نغرس قيم المسؤولية والنظام في مدارسنا اليوم، نصنع غداً جيلاً أكثر التزاماً وإنتاجية .. بقلم أ / فوزية القرني