- الرأي - خلود النبهان - جازان : تُعد الإبل "الأوارك" واحدة من السلالات النادرة والمميزة في المملكة العربية السعودية ، وتحظى بمكانة خاصة في منطقة جازان، لما تتمتع به من صفات فريدة، وقيمة تراثية ضاربة في عمق التاريخ البدوي والحضاري للمنطقة. وقد ارتبط وجودها بمناطق تهامة وسفوح جبال السروات، حيث لا تزال حتى اليوم تحظى باهتمام ملحوظ من أبناء المنطقة الذين يسعون للحفاظ عليها من الاندثار. الإبل "الأوارك" سُميت بهذا الاسم لاشتغالها على شجر الأراك، وهو نبات تُفضله وتتغذى عليه بشكل رئيسي، مما يؤثر بشكل مباشر في نكهة حليبها، ويكسبه طعماً مميزًا يميّزها عن غيرها من السلالات. ويصفها الرعاة بأنها قوية التحمل، قليلة التكاليف، وذات إنتاج وفير من اللبن، فضلًا عن شكلها الجميل المتناسق الذي يتوسط بين الحجم الكبير والمظهر الرشيق. تتنوع ألوان الأوارك بين الأبيض الناصع المعروف ب"البيض"، و"الحمرا المخلوطة ببياض"، و"السمر" بلونها الداكن، ولكل لون عشاقه من المربين والمهتمين. كما تنقسم هذه السلالة إلى فئات مثل "العرابي" التي تتصف بكثافة الوبر، و"الخواوير" ذات الجلد الرقيق وإنتاج الحليب العالي، و"الجرامي" التي تجمع صفات الفئتين. في السنوات الأخيرة، بدأ صوت المهتمين من أبناء جازان يعلو من أجل المحافظة على هذا النوع الأصيل، لا سيما في ظل التحديات التي تواجهه، مثل التهجين غير المدروس وتغير الذوق العام للمربين. ولعل هذا الوعي المتنامي تجسّد في مشاركات أبناء المنطقة في مزاينات الإبل، وفي مبادرات فردية لتربية "الأوارك" بطريقة تحفظ نقاء سلالتها. يؤكد بعض المربين أن الإبل الأوارك ليست مجرد وسيلة إنتاج، بل هي امتداد لهوية ثقافية وحضور في الوجدان الشعبي، حيث تغنّى بها الشعراء، وذكرتها الحكايات الشعبية القديمة، ورافقت الأجداد في مراحل التنقل والرعي، واليوم، تعود لتتصدر المشهد التراثي برعاية محلية واهتمام شبابي آخذ في الاتساع. في ظل هذه الجهود، يبرز الأمل بأن تستعيد "الأوارك" مكانتها، لا فقط في المراعي، بل في الوعي الثقافي العام، باعتبارها رمزًا من رموز الأصالة التي تستحق أن تروى قصتها وتُحتفى بها في مهرجانات ومبادرات تعزز من حضورها بين الأجيال القادمة. ‹ › ×