لا أدري هل كانت أحداث ملعب الشعلة بذاك الغموض الذي يجعلها تأخذ كل هذه المساحة من التجاذبات، أم أن الأمر مجرد تهرب ومحاولة لتشتيت القضية في عدة اتجاهات حتى تتضاءل وتضمحل؟ . كانت المشاهد المخجلة واضحة، وظهر على القنوات التلفزيونية عدد كبير من الجماهير وهم مستاؤون من بقائهم فترة طويلة خارج الأسوار، بل إن بعضهم عاد إلى منزله رغم أنه اشترى التذاكر بقيمة مضاعفة، بالتالي يمكن تفسير الاستياء الجماهيري مع التأكيد على رفضه وانتقاد سوء التنظيم والاحتياطات. إذاً الحالة ببساطة تامة.. جمهور حضر لمشاهدة فريقه لكنه فوجيء بفوضى تنظيمية وتسويقية، فقرر الانتقام من الجميع ، ومن لديه أدنى إلمام بسيكلوجيا الجماهير يدرك أن ما حدث طبيعي جدا حينما تتوافر له البيئة والظروف. يقول الفرنسي جوستاف لوبون " أشهر من درس سلوك الجمهور وأسس لنظرياته " : إن الفرد حينما ينخرط في جمهور يتخذ سمات خاصة ما كانت موجودة فيه مسبقاً أو كانت موجودة فيه لكن لا يجرؤ على البوح بها أو التعبير عنها بصراحة .. وأن ثقة الشخص بنفسه تزداد ويطمئن لعدم العقاب مع تزايد المجموع. الغريب أن هناك من تناول القضية من جانب محدود وذهب للدفاع عن جمهور فريقه دون أدلة مقنعة، خاصة الزعم بأن الجمهور الذي قام بالشغب ليس جمهور الهلال ولا الشعلة، وهذا تفسير غريب يفتح تساؤلات كثيرة تأخذنا بعيداً عن مناقشة القضية الأساسية وطرح حلول تضمن عدم تكرارها. هل كان الجمهور قادما ًمن كوكب المريخ أو زحل على سبيل المثال؟.. أم أن التحقيقات أثبتت بالفعل أنهم ليسوا من جماهير الفريقين، لكن التصريح بأنهم ليسوا من جماهير الفريقين جاء بعد نهاية المباراة مباشرة وكأنه يستبق التحقيق والتحليل. لست ممن يقسم الجماهير حسب الألوان، وقد كتبت كثيراً بأن جماهير كل الأندية هم أبناء مجتمع واحد يأخذون سمات بيئتهم الثقافية وأنه لا يوجد جمهور سيء وجمهور مثالي.. أيضا ً أرى أن مسؤولية ماحدث في الخرج تقع على كاهل المؤسسة الرياضية الرسمية .. لكني لا أستطيع تفسير حماس من يحاولون تبرئة جمهور الهلال والشعلة..!! عن النادي