كل شيء على ما يرام. صحتي جيدة، لا أشكو من مرض. ها أنذا أتنفس، إذن أنا موجود. أنا موجود، إذن أنا مفقود.لأنني كلما وجدت امرأة أشعر بأنني ضائع عن الوجود، فأغيب عن الوعي، وأفقد ذاكرتي، وأروي لها كل أسراري، وأستسلم لها بكل جوارحي وجوانحي، المقلية والمشوية!. هذه الأيام المجيدة التي أعيشها، أحسد نفسي على نفسي. ها هي حالتي العاطفية ممتازة ومستقرة، وضغطي عال. ولا صداع نصفيا من فتاة، ولا ارتفاع في السكر من امرأة شوكولاتة، ولا ملوحات من بنت بحرية تتموج بي. صحتي بالدنيا، لا حواء تنخر عظامي وترققني من مشط قدمي إلى كاحلي. كل الطرقات لي.. أهرول.. أعدو.. والريح خلفي. درهم وقاية من الحب خير من قنطار علاج. أتحاشى امرأة من نشويات، تُتخمني يوما بعد يوم، بولائم من كلمات مطبوخة بالسمن الحلبي، وتطعمني الحب سكرا تلو سكر، حتى أسقط مغشيا علي، ولا أنسولين في العالم يمكنه أن ينقذني. رئتي حمراء كالشمس، لا نيكوتين عاطفيا ولا بقعة، ولا لطخة من امرأة من تبغ أو تنباك. معدتي بلا حب، تصبح أصغر من عصفور. تنقر القمح حبّة.. حبتين.. تشرب من النبع.. نقطة، نقطتين.. وتزقزق معدتي «ما أجمل الطيران بلا جناحي امرأة». أعالج نفسي بنفسي. أنا المدمن السابق أحوّل بيتي إلى مصحة، إلى دار شفاء، وأستشفي نفسي بالموسيقى.. كأن أصغي إلى سيمفونيات الصمت من حولي. أنا المدمن، لست سجينا. فالسجن ليس هو المكان المناسب لعلاج عاشق مدمن. أيها السادة والسيّدات: إن مدمن الحب مريض وليس مجرما. وأنا المريض بحالي سابقا، أمدّد قلبي على سرير معلق بين جبلين، وأشرف على علاجه بالهواء من الهوى. أنا المريض «المُنحدراتي» بالحب، وأنا أيضا المرشد والطبيب لنفسي، وأنا كلي أهل وإخوة ورفاق وأصدقاء من حيوانات ونباتات يحيطون بي. لا علاج إلا بالعودة إلى حب أول، إلى حبيبة أولى، إلى معشوقتي الأولى، إلى الطبيعة ألوذ، وأختفي. هي الأعشاب الطبيعية، هي العودة إلى الجذور، إلى أول الأشياء: ماما حواء.. أنقذيني من بناتك! يحيى جابر