التخطيط للمستقبل مهم في حياة الأمم ، وحين لا يكون هناك تخطيط فإن الأمور تصبح عشوائية ، وعندما تصبح الأمور عشوائية فقُلْ على الدنيا السلام!! أقول هذا بعد أن أصبح التخطيط للدراسة الجامعية عندنا تحصيل حاصل ؛ فالمهم أن تحصل على الشهادة الجامعية ، وبعدها بَرْوِزها وعَلِّقها في أكبر صالة لديك ، ثم اذهب إلى الشارع للبحث عن عمل قد يكون في أحد أسواق الخضراوات أو سيارات الحبحب أو غيرها ، وقد يكون الحظ أسوأ فيصطادك مراقب البلدية ويصادر ما معك ، عندها ستضرب خدك على الحظ التعيس.. سُقْتُ هذه المقدمة بعد أن لاحظت كغيري عدداً كبيراً من خريجي الجامعات بدون عمل ، وأضرب مثلاً بالطلاب الذين تخرجوا من الحاسب الآلي قبل أربع أو خمس سنوات ، وهم يضربون أخماساً بأسداس ، فلا توظيف حكومياً أو في القطاع الخاص ، وكلما ينتظرون الفرج عند كل تعيين تصدره وزارة الخدمة المدنية يجدون أن الحاسب الآلي مستبعد ، والمشكلة أن جامعاتنا جميعها ما زالت فاتحة أبواب التسجيل في هذا التخصص ؛ فإذا كان سوق العمل لم يستوعب الخريجين من قبل خمس سنوات فما هو مصير الذين سيتم تخرجهم بعد خمس سنوات؟؟ لقد ضربت مثلاً بالحاسب الآلي ، وإلا فإن هناك العديد من التخصصات المماثلة التي ما زال الخريجون فيها يبحثون عن أمل في تعيينهم ، وينتظرون الفرج من الله ، ومنها اللغة العربية والدراسات الإسلامية.. إن على جامعاتنا والوزارات المعنية أن تُعِدَّ دراسات لحجم سوق العمل في أي تخصص ، ومدى استيعاب الخريجين فيه ، ومن ثم إقفال التخصصات التي تشبعت بها الوظائف الحكومية والخاصة ، ولم يعد للطلاب مستقبل فيها ؛ فيتم توجيههم إلى تخصصات أخرى ، يستطيعون من خلالها تحقيق وظائف أو أي أعمال أخرى تكفل لهم العيش في حياة كريمة.. إن بلادنا في حاجة إلى الدخول في عالم الصناعة ؛ فالبترول لن يبقى الممول الرئيسي لزمن طويل ، ويجب أن نوظف تعليم أبنائنا في مجال الصناعة ؛ لمسايرة الدول التي سبقتنا كثيراً في هذا المجال ، في حين أن لدينا من الإمكانات البشرية والمالية ما يمكننا من بلوغ مستواهم أو أفضل منه ، متى ما خططنا لذلك ، وسنجد أن هذا المجال سيستوعب عشرات الآلاف من العاطلين بما ينفع الوطن ويقضي على البطالة..