إستوقفني (متفلفسا ) : كتاباتك كئيبة نظرتك سوداوية قاموسك متشنّج ألفاظك نارية عناوينك صاخبة ليش ياخي ..؟ ليش ..؟ ولأنني لم أفاجأ به ولابأسئلته أجبته دون أن أرجع إلى ذاكرتي ولاإلى قاموسي اللغوي المتشنّج حسب وصفه كون الإجابة دوما ماتكون على شفير لساني من فرط مامضغتها أذناي التي كثيرا ماإستقبلت وتستقبل مالاكته وتلوكه ألسنة من لا أعجبهم ( شخصانيا ) بغض النظر عما أتناوله والكيفية التي أدير بها دفة الحديث ..! أجبته بعد أن طلبت له شيئا من ( كاباتشينو ) ذاك المشروب الذي كان يعتقده قبل خمسة أعوام نوعا من أنواع الساندويتشات عندما طلب من نادل أحد المقاهي بعد أن توقّّف كثيرا أمام المينيو المتمدد على صدرطاولة كان يلتف حولها هو وثلة من أبناء جلدته قائلا : ( أيه صديق .. واحد بيبسي وواحد كابتشينو .. بس كثّر المايونيز) ..! قلت له : أما الكآبة التي ترى فأنا لاأراها كذلك .. الكآبة عندي أن تتملّق .. أن تداهن .. أن تستبدل حواسك فتخرس لسانك عندما يتطلّب الأمرإطلاقه .. وتطلقه عندما يتوجب عليك إخراسه .. الكآبة أن لاتفسح للوجع متسعا في قلبك .. لأنك إن طردته عن حماك لن تحسّ بأوجاع من يحيطون بك .. ومن لايحسّ بآلام غيره هو إلى البهيمية أقرب .. بل إن البهائم لديها من المشاعر والأحاسيس مالانجده عند كثير من بني جلدتنا الذين لايهمهم سوى أنفسهم و ( طز ) في الباقين ..! وأضفت : الموضوع هو من يدفعك ككاتب إليه دفعا ولست من يذهب إليه .. ولايدفعك إلى ماتكتب إلا إحساسك بأنك جزء من هذا البيت الكبير ( الوطن ) الذي يتوجب عليك المشاركة في ترتيبه ونفض الغبار الذي ران على جدرانه .. لذلك تجد الكاتب الصادق لايكتب إلا بحثا عن الفضيلة التي مازلت أتمنى أن يكون لي نصيب منها في زمن بات المرء فيه يخاف على نفسه من نفسه .. فمابالنا وقد توالد المرجفون وتناعق الناعقون .. وباتت مدينتنا الفاضلة على شفى جرف هار بعد أن تكالب عليها العاقون الذين لايفكرون إلا في نحرها ليل نهار صباح مساء لينال كل منهم نصيبه من إرث حرية مزعومة ..! من هنا تجدني كثيرا ماأحذرمن مستقبل لاتسرّ بوادره .. ولابد من هكذا تناول أن يحدوه التشاؤم .. ثم إن الكاتب من مهامه الأولى إلتقاط مراده من الزوايا المعتمة ومن ثمّ إضاءة الأمل في جنباتها .. الكاتب ياصديقي هو من يحاول أن يجعل من نفسه شمعة تضئ للآخرين وإن إحترق .. واستطردت شارحا الأمر بينما كان يحدّق وقتها إلى اللاشئ مفردا إبتسامته الصفراء المعهودة : لابد أن تكون لغتك بيضاء .. لغة الشارع الذي تسير فيه .. الحي الذي تسكنه .. لغة من تتحدث عنهم ويستمعون إليك .. لغة فيها من المفردات مايشير إلى الموضوع بعيدا عن التقعّروالفزلكة وأساليب النفاق الممجوجة .. أما ماتسميه تشنجا فما هو إلا رد فعل طبيعي لمواجعنا .. فقد مللنا من عبارات الإطراء والمديح التي لم تلقح إلا مآس مازلنا نتجرع مرارتها وسيستفحل الأمر لو ضلّ هكذا فالليل طويل ولابد أن ينجلي .. واختتمت جوابي لذاك ( المفهّي ) بأن عنوان كل موضوع بذرته ومتى ماكانت البذرة يانعة كلما كان الزرع أخضرا .. فالعنوان نصف الموضوع كما هو الحال بالنسبة للسؤال الذي أعدّه نصف الإجابة .. والكتاب من عنوانه .. لذلك تجدني كثيرا ماأشدّ عين القارئ إلى ماأكتب من خلال عناوين قد تكون غريبة بعض الشئ إلا أنها تحمل الكثير من الوجع الذي إستشرى ليصبح ورما سرطانيا متى توانينا في إستئصاله ستكون النهاية مأساوية ..! ولو لم أنبّه صديقي إلى إنتهائي من الإجابة من خلال التلويح بيدي باتجاه ناظريه اللذين كانا أشبه بورقتي قرع ذابلتين لظل إلى اليوم فاغرا فاه ..! عندها قال : طيب طيب طيب ويداه تتشكلان في الهواء كمروحة مع كل حرف ينبس به ( شغلة مثقفين طبعا ) ..! منهيا غفلته تلك بتساؤل : وش عنوان كآبتك الجايه ..؟ وش عنوانها ..؟ قلت : أنا وصديقي والكابتشينو ,,, [email protected] مدونة الأستاذ يوسف في مكتوب : يوسف أنا مدونة الأستاذ يوسف في جيران : يوسف أ نا ******************************** *كاتب صحفي وناقد وشاعر