سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وزير العدل: قضايا الإرهاب تُنظر في المحاكم الشرعية ولا قضاء استثنائي لدينا رد على من يطالب بإعادة النظر في المناهج بأنها "ما زادتنا إلا وسطية واعتدالاً"
رد وزير العدل الدكتور محمد العيسى على من يطالب بإعادة النظر في المناهج الدراسية، قائلاً: إن من يناصح شبابنا الذين وقعوا في شراك الفكر المتطرف هم حملة الشهادات الشرعية من جامعاتنا الإسلامية، مشيراً إلى أن هذه المناهج ما زادتنا إلا وسطية واعتدالاً ورؤية صحيحة لنصوص الكتاب والسنة. وأوضح أن قضايا الإرهاب وأمن الدولة تُنظر من قبل المحاكم الشرعية أسوة بغيرها من القضايا، وليس في النظام العدلي للمملكة قضاء استثنائي البتة، فالجميع مرده شرع الله. جاء ذلك في كلمته التي ألقاها اليوم في افتتاح البرنامج العلمي الأول "جرائم الإرهاب و أمن الدولة". وقال العيسى: "عانينا من الإرهاب كغيرنا وأكثر، ويجب أن نعلم أن من يناصح شبابنا الذين وقعوا في شراك الفكر المتطرف هم حملة الشهادات الشرعية من جامعاتنا الإسلامية، وهذا أكبر رد على من يعتقد أن في مناهجنا ما يتطلب إعادة النظر". وأضاف: "تأسسنا على هذه المناهج فما زادتنا إلا وسطية واعتدالاً، ورؤية صحيحة لنصوص الكتاب والسنة، لقد دعونا إلى الله بثمار هذه المناهج فكانت النتائج الخيرة في الداخل والخارج فتحاً على بلادنا وأمتنا والإنسانية أجمع، لا نريد إلا الخير والإصلاح ما استطعنا". وزاد: "لقد تعلمنا في محاضن الدرس في كافة مراحلها على مناهجنا الطيبة المباركة، ومنها قول الله تعالى: (وقولوا للناس حسناً)، (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن)، (ادفع بالتي هي أحسن)، (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)، وقد قالت أمنا خديجة رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مثبّتة له في تباشير النبوة ومهدّئة من روعه: "كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبداً؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقْري الضيف، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق". وتعلمنا أن أسوتنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم "لم يكن فظاً ولا غليظاً ولا صخاباً في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة، وإنما يعفو ويصفح (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك)، وطُلب منه أن يدعو على ثقيف، فقال: اللهم اهد ثقيفاً، هكذا علمتنا مناهجنا، لكن هناك من تخطفته الشبهات والأهواء، وهو من نسأل الله تعالى أن يردهم إليه رداً جميلاً، لن نسعد بسماع الدعاء عليهم، بقدر ما نسعد بهدايتهم ومراجعتهم لأنفسهم، والحق أبلج وأوضح من محيا النهار، وللشبهات سلسلة متتابعة، لا تنتهي إلا بتكفير الأمة، ومن أصحاب الفكر المتطرف من ارتد على أصحابه فكفرهم، مع بقاء كل منهم على منهج التطرف، ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً، وأكثر ما أوقع أهل الفكر المتطرف في تيه الضلال، تتبعهم المتشابه وفرحهم بما يوافق خلجات في أنفسهم تنضح حماسة لم يلزمها زمام العلم والحكمة والروية والتعقل، ولو أخذوا بجميع النصوص، ونظروا فيها لأبصروا وهُدوا إلى سواء السبيل، وأعظم من هذا كله لو ردوها إلى أهل العلم والإيمان لكان خيراً لهم، ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه". وأوضح الوزير أن قضايا الإرهاب وأمن الدولة تنظر من قبل المحاكم الشرعية، أسوة بغيرها من القضايا، وليس في النظام العدلي للمملكة قضاء استثنائي البتة، فالجميع مرده شرع الله. وقال وزير العدل: "نتشرف بلقاء ميمون حول محاور علمية في موضوع ذي أهمية ليس نازلة عصرية كما يخطئ البعض توصيفَهُ، بل هو امتداد تاريخي يتراوح من حينٍ لآخر بين مدٍّ وجزر، ولكلِّ مرحلةٍ من مراحله سبب وباعث، فالله خلق الأشياء وخلق مسبباتها، مع إيماننا التام بالقدر والقضاء". وأضاف أن "لقاءنا في هذا المحفل حول: قضايا الإرهاب وأمن الدولة، وهي من الأهمية بمكان بحثاً ودراسة: تنظيراً وتطبيقاً، لا نستأنف بها علماً جديداً بل نصقل مادتنا، ونعرض جديد وقائعنا على نصوص شريعتنا ومفهوم علمائنا، ونستطلع الخِبْرات والتجارب، ومحك الجميع مادتنا الشرعية". وتابع: "لقد قام قضاءُ المملكة على قواعد راسخة من تحكيم الكتاب والسنة، واضطلع في هذا الشأن بدوره الشرعي والنظامي على أكمل وجهٍ، ومن القضايا التي نظرها ما تتناوله محاورُ هذا المُلتقى ولدينا في وزارة العدل رصيدٌ علميٌّ وتطبيقيّ يزخرُ بعدل الإسلام ويتألق بقريحة الإيمان". واستطرد: "أثبت قضاؤنا قدرته الفائقة على التعامل مع هذه القضايا، وفق أحكام الشرع الحنيف، دون أن يؤثر عليه مؤثر خارج نطاق سلطة: "المحكمة الأعلى" التي تفرض شرعاً ونظاماً رقابتها على الأحكام القضائية وفق معايير العدالة المستقر عليها، وهناك من أدانه القضاء من المتهمين في هذه القضايا، وهناك من برأه، وكلٌّ على ميزان واحد، فجميع الضمانات العدلية تطبق على كافة القضايا أياً كان نوعها، والجميع يعرض على عدل الشريعة الإسلامية على حد سواء لا وكس ولا شطط وليس لدى المملكة قضاء استثنائي، ولا تفاوت في معايير النظر القضائي، وقضايا الإرهاب وأمن الدولة تُنظر من قبل محاكمنا وقضاتنا لا فرق بينها وبين القضايا الأخرى، ولن يدخر قضاتنا وهم حَمَلة الشريعة وحراس أحكامها، لن يدخروا وسعاً في الوصول إلى الحق ببيناته القاطعة، وزُبُره الفاصلة، ولن يستعجلوا في أمر لهم فيه أناة؛ لعلمهم بأن الحكم القضائي توقيعٌ عن الله جل وعلا؛ لنسبته لحكم شرعه المطهر الذي نعتز بتطبيقه وإمضائه وما أسعدنا وأطلبنا للعافية في الدين والدنيا، وما أفرحنا بهداية أبنائنا وقد ردهم المولى جل وعلا إليه رداً جميلاً، في نتاج غرس مبارك لفكرة موفقة مسددة من خلال لجان المناصحة، فإنَّ مَنْ ضلت به السبل من أبنائها هو مِنْ قَبْلُ ومن بعد ابن جلدتنا ، ومرده -إن شاء الله- وإن تلقفته الأهواء والشبهات إلى جادة الحق؛ إذ هي فطرته التي نَشَأَ في طُهْرِهَا، ومحاضنه التي ترعرع في وِهَادِهَا ، ونحن بحمد الله على هدي نبينا صلى الله عليه وسلم، ومن هديه الكريم محبة الفأل الصالح". وأكد أن جميع قضايا الإرهاب وأمن الدولة، تُنظر في محاكمنا من قبل القاضي الطبيعي، حقٌّ كفلته طليعة وثائقنا الدستورية المؤسسةِ على أحكام الكتاب والسنة: "الدستور الأساس للدولة"، حيث نصت المادة السابعة والأربعون من النظام الأساسي للحكم على: "أن حق التقاضي مكفول بالتساوي للمواطنين والمقيمين في المملكة"، ونصت المادة الثامنة والأربعون على: "أن المحاكم تطبق على القضايا المعروضة أمامها أحكامَ الشريعة الإسلامية، وفقاً لما دل عليه الكتاب والسنة، وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة"، ونصت المادة التاسعة والأربعون على: "اختصاص المحاكم بالفصل في جميع المنازعات والجرائم". وإيجاد محكمة متخصصة للنظر في الجزاءات الشرعية على من ضلت بهم السبل في هذه الجرائم، هو من صميم ما نص عليه نظام القضاء الذي أخذ بالمفهوم الحديث الدارج في جميع الدول وهو تفعيل إيجابية الاختصاص النوعي في نظر القضايا، من أجل تعميق المادة القضائية التخصصية ليتفرغَ القاضي لها، وَيَحِدَّ من شتاته الذهني، فهناك المحاكم العامة والجزائية، والأحوال الشخصية، والتجارية، والعمالية، وتحت كل محكمة تخصص نوعي من خلال دوائر متفرعة، ويجوز للمجلس الأعلى للقضاء بعد موافقة الملك إحداثُ محاكم متخصصة، وهو ما صار في المحكمة الجزائية المتخصصة، التي تُستأنف أحكامُها من خلال دائرة مختصة في محكمة الاستئناف، وتُنظر تعقُّباً -عند المقتضى النظامي- لدى المحكمة العليا، كل هذا يشهد بالدليل الحي على حياد نظام عدالتنا ودستوريته وليس في مُكنة كائنٍ من كان أن يُبدي لرجال القضاء رأيَهُ فيما ينظرونه من أحكام، فضلاً عن إملاءاته، ونحن في هذا نتميز على غيرنا؛ حيث ننطلق من مفاهيمنا الراسخة، وقيمنا المتأصلة بنزاهة قضائنا الذي يملي علينا نصوصاً إلهية لم يصنعها البشر، فالحياد والاستقلال في قضائنا عزيمة ربانية، لا وضعية .