نجح فريق طبي من مدينة الملك فهد الطبية بالرياض في إتمام عملية جراحية معقدة ونادرة لزراعة أنسجة شاملة العظم في ساق طفل سعودي عاجز عن المشي، تمكنه من القدرة على المشي بعد عجزه التام نتيجة كسر منذ الولادة في أسفل ساقه اليسرى، وبعد أن فشلت كل محاولات العلاج السابقة في شفائه. وهذه العملية الجراحية النادرة والمعقدة تشمل زراعة أنسجة كاملة تم أخذها من الساق الأخرى لتزرع بواسطة التقنية المجهرية التي يستعملها الجراح لإعادة جريان الدم في شرايين وأوردة الأنسجة المزروعة.
وكان الطفل ذو الأربعة أعوام مقعداً وعاجزاً عن المشي ولم تتمكن المستشفيات غير التخصصية في المنطقة الشرقية من علاجه، فتمت دراسة حالته من قبل الاستشاريين المختصين في مدينة الملك فهد الطبية، وأعلنوا عن وجود الإمكانية لعلاجه، واستعدادهم ملإجراء العملية التي تكللت بالنجاح، بعد أن استغرقت ثمان ساعات.
وبعد الفحوصات وتحليل الأشعة للكسر تم تشكيل فريق طبي بقيادة استشاري جراحة التجميل والجراحة المجهرية ورئيس أقسام الجراحة بالمدينة الدكتور ساري رباح، ومساعدة زميله استشاري الجراحة التجميلية والمجهرية ومدير برنامج تدريب أطباء جراحة التجميل الدكتور غازي الثبيتي، والفريق طبي متكامل يصل إلى 10 أشخاص ويرأس فيه الدكتور الشاهد فضل، فريق أطباء العظام.
وقد قام فريق جراحة التجميل والترميم بأخذ جزء من عظم "الشظية" للساق اليمني وزرعها لسد النقص في عظم الساق اليسرى مع إعادة التروية الدموية للعظم والأنسجة المزروعة، كما يتم في عمليات زراعة الأعضاء ولكن بالطريقة المجهرية. وبعد انتهاء عملية زراعة الأنسجة من قبل فريق جراحة التجميل قام فريق جراحة العظام بتثبيت العظم المزروع في مكانه الجديد.
ويعتبر هذا النوع من العمليات نادراً جداً خصوصاً في الأطفال حيث لم يكتمل النمو، وتكون الأنسجة صغيرة جداً ودقيقة وتحتاج إلى جراحين ماهرين ومحترفين، لتتم عملية الاستئصال والزرع دقيقة جداً، واستخدام أحدث التقنيات والأجهزة الطبية.
وأوضح الدكتور ساري رباح أن هذا الإنجاز الطبي يوضح بشكل جلي توفر كوادر طبية سعودية في المملكة قادرة على إنجاز أكثر العمليات تعقيداً وبنجاح. كما أكد الدكتور رباح الذي أدار فريق العملية أن روح الفريق والتعاون بين الجراحين ومختلف الخدمات الطبية المساندة هي ركيزة أساسية لنجاح فريق مدينة الملك فهد الطبية في هذا الإنجاز وغيره من الإنجازات. كما أوضح أنه في ظل وجود هذا الفريق الطبي من الجراحين لم تعد هنالك حاجة لإرسال المرضى للعلاج من مثل هذه الحالات في الخارج.
من جانبه، أشار الدكتور غازي الثبيتي إلى أن هذه العملية من أصعب العمليات المجهرية وذلك لصغر الأوعية الدموية في الأطفال وصعوبة إصلاحها تحت المجهر حتى تحت درجات تكبير عالية، مبيناً أن مثل هذه العمليات تتطلب قدراً عالياً جداً من المهارة والإتقان الجراحي ونادراً ما يتم القيام بها على المستوى العالمي وليس على المستوى المحلي فحسب.
الدكتور الشاهد حسن أوضح أن هذه الحالة نادرة الحدوث والعمل الجراحي بعد إذن الله سيمنح الأمل للطفل في المشي مثل أقرانه. كما نبه إلى أن التكامل بين فريقي جراحة التجميل والعظام كان سبباً رئيسياً في نجاح الفريق في هذه المهمة الصعبة.
وقد غادر الطفل المستشفي في حالة صحية ممتازة بينما تم وضع خطة من الفريق الطبي لإعادة التأهيل ومساعدة الطفل على المشي خلال الأشهر القليلة القادمة.