تتوقف بنا الحياة أحياناً عند مفترق طرق، وتتركنا حائرين بين خيارين لا ثالث لهما. كل خيار فيهما له في القلب مكانة وأهمية لا تقل عن الآخر، فيصبح الاختيار هنا مطعماً بالخوف من العواقب -إن لم يكن اختيارنا صحيحاً- وبالألم لأننا مجبرون على التخلي عن شيء نحبه، مقابل شيء آخر نحبه أيضاً! لكن هل التخلّي هو الحل؟ شغلني التفكير بهذا الأمر، فأنا لا أعترف بفكرة التنازل عما حلمت بتحقيقه لسنوات، فالتنازل بالنسبة لي أشبه بالاستسلام الذي أدرك بأنه لن يقودني إلى حيث أريد، لذا وبعد طول تفكير، قررت أن أجرب الاحتيال! نعم. لكن ماذا عنك هل سبق وأن جربت أن تحتال؟ ربما لم يخطر ببالك أن تفعل، لكني أؤكد لك أنها وسيلة ناجعة في التعامل مع بعض الظروف التي تواجهك أو تقف في طريقك! ولا أقصد هنا الاحتيال بالمعنى الذي قفز إلى ذهنك مباشرة، بل إلى معنى آخر مختلف. ما أعنيه بالاحتيال هنا، هو أن تحتال على الأيام! بأن تفاجئها بخطة بديلة حين تصدمك بما لم تكن تتوقعه من قرارات مصيرية عاجلة يتوجب عليك اتخاذها، وتغربل خياراتك بذكاء ثم تنتقي ما لا يحتمل التأجيل بعد أن تستخير وتستشير! أما الخيار الثاني الذي لن تتخلى عنه، فستعيد التخطيط له وتخبئ الخطة في دفتر أحلامك الخاص. فبعد أشهر أو سنوات، ستلوح لك الفرصة لترجمة تلك الخطة إلى واقع، حينها لن تجد الوقت الكافي للتخطيط والغربلة! لذا فمن الذكاء أن يكون مخططك جاهزاً، وكل ما عليك فعله هو أن تفتح الصفحة وتبدأ التطبيق! هل وصلت قصة ليندا إلى مسامعك؟ تلك الفتاة كانت تدرس القانون، وتهوى فن المكياج وتحديداً مكياج الرعب السينمائي والمؤثرات الخاصة به، وفي بداية عامها الأخير في الدراسة، شاركت في وضع المكياج لشخصيات المسرحية التي أقيمت في الجامعة، وكان من ضمن الضيوف الذين حضروا مخرج عالمي في هوليوود قدم لها عرضاً للمشاركة في فيلم سينمائي يخرجه، وكان عليها قبول عرضه خلال يومين فقط والاستعداد للسفر خلال أسبوع! لكن رغم أن العرض كان بمثابة الحلم بالنسبة لها، إلا أنها اختارت أن ترفض العرض لتنهي سنتها الأخيرة وتحقق حلم التخرج من كلية القانون! وبعد عام ونصف استمرت خلاله في العمل لدى مسرح الجامعة، جاءها اتصال من ذات المخرج يطلب منها مشاركته العمل في فيلم سينمائي آخر! أختم مقالي لك يا عزيزي القارئ، بأن أخبرك بأني أدركت بأننا لا نحتاج دائماً للقوة والإرادة والهمة فقط، بل للذكاء والاحتيال أحياناً كثيرة! لذا لا تتردد في أن تجرب الاحتيال على الأيام وكن صبوراً في فعل ذلك.