حين قرأت التحذير الذي وجهته وزارة التربية والتعليم لمديري الأندية، والمراكز الصيفية من السماح للدجالين والمشعوذين بدخول تلك الأندية، والمراكز الصيفية خلت أننا نعيش في القرون الوسطى، حيث يتكاثر الدجالون والمشعوذون والسحرة، وتنتشر كتب السحر الأحمر والأسود، وما لا لون له من السحر، فتعبث بعقول البشر، وتسلب ألبابهم فيوصدون أبوابهم دون أولئك السحرة، ويتشددون في عقاب من يقع منهم في أيديهم قتلا وحرقا. وحين قرأت في ذلك التحذير مظاهر السحر التي يقوم بها أولئك الذين وصفهم التحذير بالدجالين والمشعوذين، ورأيت أن من بينها المشي على النار، والاستلقاء على المسامير، وجر المركبات بالشعر أدركت أن بعضنا لا يزال يعيش بعقلية القرون الوسطى التي كلما عجزت عن استيعاب أمر من الأمور ردته إلى السحر والشعوذة، وكلما تبين لها عجزها عن القيام بعمل من الأعمال وزادت دهشتها من القيام بذلك العمل وصفت أصحابه بالمشعوذين والسحرة والدجالين. مشكلة وزارة التربية والتعليم حين تصدر مثل هذا التحذير أنها تضع طلابها وتلاميذها أمام مأزق يتمثل في تعطيل قوى العقل، وقدرته على الفهم والتحليل، فبدلا من البحث في قوى النفس الخفية، وطاقات الإنسان التي يمكن إطلاقها، وهو ما يحاول علماء ومختصو البرمجة العصبية أن يبرهنوا عليه، تصبح المسألة مجرد سحر وشعوذة، ويصبح دورنا مختصرا في إغلاق الأبواب أمام من يقومون به. كما أن مشكلة وزارة التربية هنا أنها لا تبالي بإحداث شرخ في جدار المجتمع؛ وذلك حين توهم الطلاب بأن مثل هذه الأعمال هي سحر وشعوذة ودجل ينبغي أن يحذروه، ثم يرون بعد ذلك المهرجانات الصيفية تستضيف هؤلاء الذين وصفتهم التربية بالدجالين والمشعوذين ليؤدوا ألعابهم البهلوانية وكأنما نحن أمام مجتمعين أو وطنين أحدهما يمارس الدجل، ويستضيف المشعوذين، وآخر يحذر من الشعوذة، ويحول دون دخول الدجالين. تحذير وزارة التربية مديري الأندية الصيفية علامة على العجز عن تفسير طاقات الإنسان الخفية، وإلزام للأجيال المقبلة بتبني هذا العجز.