ما أكثر ما يحصل بين الناس من أغلاط ومفارقات، ولا أزكي نفسي من ذلك أبدا، فبعض أغلاطي لا يطهرها حتى البحر، وبعضها تافهة وبسيطة وغير مؤذية، ولكنها ومع ذلك تظل أغلاطا. فحصل لي مثلا موقف إن دل على شيء فإنما يدل على استخفافي غير المقصود بمشاعر الآخرين، رغم أنني والله لم أكن أرغب في ذلك، ولكن تجري الرياح بمالا تشتهي السفن. منها مثلا: أن أحد الأصدقاء ممن حباهم الله حسن اللباقة والأدب، بعث لي مشكورا بمناسبة العيد باقة ورد جميلة مدبس عليها كرته يهنئني فيه ويدعو لي بطولة العمر. وصادف أن هناك صديقا مشتركا بيني وبين هذا الرجل وعلمت أنه يرقد في المستشفى، وبتسرعي المعهود أول ما خطر على بالي تلك الباقة، وأمرت عاملي المنزلي أن يحملها ويذهب بها للمستشفى على أساس أنها مني، وبعد نصف ساعة أنبني ضميري وآليت على نفسي أن أذهب أنا شخصيا لزيارته. المشكلة أنني عندما وصلت المستشفى، وإذا بالصديق صاحب الباقة يقابلني في (الكوردور)، ودخلنا سويا، وتفاجأت بالمريض وبيده الكرت الذي نسي العامل الغبي أن يشيله، تفاجأت به يسألني: هل هذه الباقة هي منك أو من (فلان)؟!. طبعا لا تتخيلون الكسوف الذي حل بي عندما شاهدت صاحب الباقة الحقيقي وهو يشيلني بنظراته من فوق لتحت. غير أن حالي هذا كان أرحم من موقف حصل لامرأة حكاه لي أحد الزملاء عندما جاءني وهو يضحك، فسألته عن سبب ضحكه لكي أشاركه على الأقل في فرحته، وبعد تردد قال لي: بالأمس كنت واقفا بسيارتي أمام أحد (المولات) انتظر زوجتي، وإذا بسيدة تفتح الباب على عجل وتجلس بالكرسي بجانبي دون أن تنظر في وجهي، ولأول وهلة لم أستطع أن أنطق من هول المفاجأة، وزادت مفاجأتي عندما شاهدتها ترفع عن ثوبها لتصلح حمالة الجوارب التي يبدو أنها انفرطت، وما أن رفعت رأسها وشاهدت وجهي حتى صرخت وفتحت الباب مهرولة وكادت من شدة الخوف والكسوف أن تسقط على الأرض، واختفت داخل المول. كل هذا حصل في أقل من دقيقة، وظللت جالسا ومتسمرا أمام (الدريكسون)، وبعدها انفجرت ضاحكا خصوصا بعد أن شاهدت سيارة تقف خلفي ولونها وموديلها بنفس مواصفات سيارتي، وعرفت ساعتها أن المسكينة قد غلطت والتبس عليها عندما اقتحمت علي سيارتي ظنا منها أنها سيارتهم. سألته هل أخبرت زوجتك بما حدث؟!.. قال: لا ، لم أخبرها لأنها على (حركرك). سألته: يعني ايه حركرك، يعني حامل وعلى وشك الوضع؟!. قال: لا يا شيخ يعني أنها ما تصدق على الله وتسمع أي شيء، حتى تدبها معي خناقة. قلت له: كان الله في عونك وعون كل (الرجاجيل) ممن ينتمون لفصيلة (البعارين) مثلك. ولو أنني كنت في مكانك لنزلت بسرعة، وأغلقت أبواب السيارة على تلك المرأة، وناديت على البوليس. فكله عندي، إلا العفة (!!) أقصد عفتي .. الوووو ، يا عفة.