وفدٌ مجلس الشورى يقوم بزيارة إلى الهيئة الملكية بالجبيل    مراقب فلسطين لدى الأمم المتحدة يرحب بقرار مجلس الأمن الدولي وقف إطلاق النار في غزة    123 ألف شتلة تزين شوارع الخبر للمساهمة في تحقيق أهداف "السعودية الخضراء"    " التجمع الأول" في العاصمة يقدم مبادرات توعوية و رعاية طبية لخدمة الحجاج على طريق الرياض - مكة    الديوان ينعى الأميرة منيرة بنت محمد بن تركي    صندوق الشهداء والمصابين والأسرى والمفقودين يستعد لاستقبال الحجاج    فاطمة الغامدي تحصل على الماجستير في العلاقات العامة بتقدير ممتاز    الذهب يفقد بريقه والنفط فوق 80 دولاراً    اليوم.. التفويج "الأكبر" للحجاج من المدينة لمكة    وصول ضيوف خادم الحرمين من سوريا إلى مكة    المملكة ترحب بتبنّي مجلس الأمن الدولي الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة    ارتفاع أسعار النفط إلى 81.63 دولارا للبرميل عند التسوية    «أبل» تستعد لإبهار العالم بتحديثات كبيرة في مؤتمر المطورين    الفرصة ما تزال مهيأة لهطول أمطار على مكة وجازان وعسير والباحة    «وزير الخارجية فيصل بن فرحان بحث مع لافروف الجهود المبذولة تجاه الأوضاع الإقليمية والدولية    بدء منع دخول المركبات غير المصرحة للمشاعر المقدسة    وزير الإعلام يدشن "ملتقى إعلام الحج" بمكة    بينالي الفنون الإسلامية 2025 بجدة    وزير الداخلية يتفقد المشاريع التطويرية في المشاعر    صّيف في الباحة تراها أروق    حمزة إدريس مساعداً إدارياً في الاتحاد    "الصحة": ارتفاع درجات الحرارة أكبر تحديات الحج    «الدفاع المدني»: تجنبوا الزحام وراعوا كبار السن في المسجد الحرام    ربط رقمي لحوكمة إجراءات التنفيذ الإداري    مانشيني ل«عكاظ»: المنتخب سيذهب لكأس الخليج بالأساسيين    اللامي ل«عكاظ»: ناظر سيعيد العميد لطريق البطولات    إثراء يفتح باب التسجيل في مبادرة الشرقية تبدع بنسختها الخامسة    هل يصبح عمرو دياب منبوذاً ويواجه مصير ويل سميث ؟    تعزيز بناء الجدارات للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بغرفة الشرقية    الرئيس التنفيذي للمساحة الجيولوجية يناقش التعاون الجيولوجي في كازاخسان    إلزام الجهات الحكومية بإضافة خدماتها في «توكلنا»    بأمر خادم الحرمين: استضافة 1000 حاج من ذوي شهداء ومصابي غزة استثنائياً    أمن الحج.. خط أحمر    لميس الحديدي تخطت السرطان بعيداً عن الأضواء    أمير المدينة يوجه باستمرار العمل خلال أيام إجازة عيد الأضحى    وزير الداخلية يتفقد عددًا من المشاريع التطويرية في المشاعر المقدسة    للمعلومية    نائب أمير مكة اطلع على المشاريع وخطط التشغيل.. المشاعر المقدسة.. جاهزية عالية لاستقبال ضيوف الرحمن    غزة.. مشاهد موت ودمار في «النصيرات»    كأس العالم للرياضات الإلكترونية يطرح الحزمة الثانية لتذاكر البطولة    توفير الوقت والجهد    يتصدر بنسبة نمو 67 %.. " روشن".. قفزة نوعية في" السوشيال ميديا" عالمياً    "ميتا " تزوّد ماسنجر بميزة المجتمعات    مريضات السكري والحمل    استثمار الوقت في الأنشطة الصيفية    " نبتة خارقة" تحارب تلوث الهواء    إخراج امرأة من بطن ثعبان ضخم ابتلعها في إندونيسيا    أندية المدينة.. ما هي خططك للموسم القادم ؟    "نادي نيوم" يتعاقد مع البرازيلي رومارينيو    الحج.. أمن ونجاح    الرئيس المتهم!    خط أحمر.. «يعني خط أحمر»    البذخ يحتاج لسخافة !    ساحة المحاورة تحتاج إلى ضبط    لماذا يشعر المتبرعون بالسعادة ؟!    الدفاع المدني يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية المتنقل "لا حج بلا تصريح" بجدة    نائب أمير الشرقية يطلع على أنشطة «تعاونية الثروة الحيوانية»    عرض عسكري يعزز أمن الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المثقف الحائر
نشر في عكاظ يوم 30 - 03 - 2014

على عكس الكثير ممن يرون في الثقافة شأنا عاما، أراها شأنا خاصا، تسعى للتنوير لا للمزايدات السياسية، أو استدراج المثقفين في لعبة السياسة. فدور المثقف هو الإسهام في بلورة الرؤى المعرفية والفلسفية التي تعزز الانتماء وتحقق القيمة. في سياق ثقافتنا العربية يعيش المثقف حيرة ما بعدها حيرة. حيرة من جراء التنازع بين المثل والمبادئ التي يحملها المثقف، وبين حتميات الواقع السياسي والاجتماعي. وهو ما يجعل المثقف حائرا بين ولائه لمبادئه وبين مسايرته لواقعه.
في البدء أزمة المثقف أزمة علاقة مع السلطة السياسية، السلطة التي تؤمن بتبدل المصالح، فمن التوهم اعتبار السلطة السياسية حاملة لمبادئ تسير عليها في خطابها أو ممارستها، بل تغير دائما تموضعها وفقا لتغير السياقات من حولها، فمصالحها أعلى شأنا من المثل والقيم الدائمة. فتراوغ حيث يكون للمراوغة سبيلا، وتهادن حيث تصبح المهادنة ضرورة، وتعلي من صوتها ومواقفها عندما تكون في حاجة لفرض إرادتها. وعليه ليس هناك مطلقات في السياسة، بل لغة المصالح تتحدث بما يحقق توازنها مع نفسها والعالم المحيط بها.
في هذا المزاج العام يأتي المثقف العربي الذي قرأ في الفلسفات، واستوعب أخلاقيات التحاور والتجاور، وقرر مبادئ عامة ينظر من خلالها نحو السلطة التي تمثل النقيض. تبدأ حيرة المثقف بحاجته للواقع مثل حاجته لمثله ومبادئه، وهو مأزق وجودي بالضرورة. إذ كيف يبني المثقف العربي نظرته للحياة على القيمة والمبدأ، وينكسر أمام جبروت الواقع السياسي والاجتماعي؟ لا بد أن هناك خللا ما. لكن القضية بالنسبة لبعض المثقفين حسمت بانتهازية مفرطة، فقرروا التصالح مع الواقع ومسايرته، مع الحفاظ على خطابهم المثالي، حاضرين في كل المحافل. مثل هذا النوع من المثقفين تدنيه المؤسسات، وتسوغ خطابه بوصفه خطابا موضوعيا، يحضر منتقدا، لكنه يمثل حلقة مهمة في رؤيتها العامة.
غير أن هناك من المثقفين من يقف عند مبدئه، متحملا تبعات هذه الأزمة الوجودية بين كينونته الثقافية القيمية، وبين حاجاته الفطرية والإنسانية. والأهم من ذلك أن خطابه بالأساس خطاب من أجل مجتمعه، فهو لا يناهض للمناهضة، بل يناهض للتنوير والتبصير أكثر من تحقيق الذات. هذا النوع من المثقفين يعيش حيرة واستغرابا، حيرة من مجتمعه الذي يراه مجرد معارض للنسق العام، واستغرابا من تحرك قوى الإعلام في تهميش خطابه.
الانتماء السياسي أو الحزبي بالنسبة للمثقف يشكل انفصالا نسبيا بين ما يؤمن به، وبين سلوكه مسلك السياسة، سواء بالمهادنة أو الممانعة، فالمثقف لم يخلق ليكون مهادنا أو معارضا، بل جاء من أجل التنوير ليس إلا، وأي دور آخر سيكون خارج صفته الثقافية. ففي واقعنا العربي تتهشم صورة المثقف المشتغل بالسياسة، فلا هو وصل لقرارها، ولا هو احتفظ بقيمه ومبادئه.
وللتاريخ شواهد كثيرة، ولعل أهمها حضورا موقف المثقفين العرب من صدام حسين الذي استدنى المثقفين العرب في مهرجان المربد وأجرى عليهم الهدايا والجوائز فتهافتوا عليه كالفراشات الباحثة عن الضوء. احترقت هذه الفراشات بمجرد غزو العراق للكويت. صدام الذي كان وجهة معظم المثقفين العرب انقسموا بين مؤيد ومعارض، وسقطوا جميعا في دائرة السياسة. فالذين وقفوا مع صدام تبنوا مواقفه التي تنادي بالعروبة وحق الفقراء في ثروة الأغنياء. وهو حديث سياسة لونته المبادئ، فأين كانت هذه المقولات من قبل؟! والذين عارضوا الغزو انشغلوا بترديد خطاب السياسة الإعلامي الذي يمثل الاحتماء بالسياسة ذاتها دون استيعاب المعضلة القومية التي نتجت عن الغزو، لم تقم هذه النخب الثقافية حتى اللحظة بقراءة الغزو قراءة فلسفية بعيدة عن مصائد السياسة التي أنهى خطابها، وبقيت أسئلة الغزو معلقة. والسبب أنهم مشغولون بالانتقال من أزمة سياسية لأخرى، عكس دور المثقف القائم على الإنتاج الفكري والمعرفي والإبداعي.
حيرة المثقف العربي وانكساره وتردده هي من صنيع نفسه، مثلما هي من صنيع ملابسات الواقع السياسي المرتبك. وعليه، فمسؤولية استجابة المثقف لمبادئه أمر مبدئي من منطلق دوره التنويري لا السياسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.