تساءلت واستوضحت.. لم أتعود أن يقلق علي أحد.. أنا فقط من أقلق على الجميع.. أشعر بمسؤوليتي نحوهم منذ صباح يومهم حتى نومهم.. قلقي عليهم .. حبي لهم .. مسؤوليتي وراحتي ومصدر سكينتي.. لا أنام حتى يناموا.. ولا أضحك حتى تضحك قلوبهم.. ولا أبكي إلا عندما يتألمون.. قلت: الآن أتى من يقلق عليك .. لا ينام حتى تنامي.. ولا يبتسم حتى تضحكي.. ولا يبكي إلا لك ومنك فهل ترحمين؟ شعرت بأنها مهمة .. ومهمة جدا.. وعندما يشعر الإنسان أنه مهم .. يبدأ بالمحافظة على نفسه.. يبدأ بالثقافة والرياضة والأناقة .. لايريد أن يخسر الاهتمام الذي أحيط به.. والاهتمام والقلق لهما حدود .. فالأبوان لهما قلق خاص وطعم خاص لقلق المحب فقد يكون الأب أكثر قلقا .. وقد تكون الأم الأكثر.. ولكن القلق لا ينشأ إلا عند الشخصيات المسؤولة .. التي تجمع بين الذكاء والحرص والعمل على بلوغ الهدف.. والقلق الإنساني لإنسان آخر لا يأتي بالوراثة .. ولا تنطبق عليه أحكام معينة.. ولا يخضع لمقاييس منظورة يمكن أن يقاس بها البشر.. فهناك قلق التوقع .. وهذا يشبه الالهام .. من حدوث الحدث قبل حدوثه.. وهناك قلق متشائم .. وهذا يجعل الاكتئاب يخيم على صاحبه.. وكأنه جزء من الهواء والماء والأكل.. وهناك قلق المنطق.. وهذا لايكون إلا عند التجاوز أو عدو المعرفة أو التجاهل.. وعلى كل الأحوال .. يجمع علماء النفس على أن القلق في حدوده المنطقية ظاهرة صحية .. تفيد المجتمع.. والشخصية التي تملك الحساسية المتفوقة ترى جوانب عديدة في قلقها.. مما يؤثر كثيرا على قدرتها في التحكم .. واتخاذ الطريق السليم لكشف الحقائق في حينها.. على أن القلق عند الرجل أصعب بكثير من قلق المرأة.. المرأة قد تقلق وهذا طبيعي .. فهي الأم والأخت والابنة والزوجة والصديقة.. وهكذا .. في طبيعتها أرق وأرهف حسا وأقرب إلى عدم التحمل أو التأخير.. إلا أن السيدات اللواتي تحملن المسؤوليات يعتبرن أقوى من الرجال الذين يحملون القلق على أشخاص يحبونهم فقط.. فالرجل لا يقلق إلا في حدود ضيقة .. الرجل قد يقلق على ابن من أبنائه .. والمرأة تقلق على كل الأبناء .. الرجل قد يقلق على المال.. والمرأة تقلق على الصحة .. الرجل قد يقلق على نفسه.. والمرأة تقلق على غيرها .. الرجل بطبيعته أناني النظرة .. وإن ادعى غير ذلك.. ولكن هناك استثناءات : هناك رجال يملأ قلوبهم الحنان والمودة والرحمة .. رجولة من العطف .. ورجولة من العطاء... رجولة تشهد بها ملائكة الرحمة.. وتعرف في الأرض الرحمة بهم وبقلقهم على من أحبوا .. وعلى أوطانهم وعلى البشر.. فكلهم رحمة .. وقلقهم رحمة.. * * * القلق .. جزء من الإنسانية التي يتمثل فيها الحب بمعانيه السامية في سياق الوصول إلى الطمأنينة.. [email protected]