أمريكا قلقة وأقلقت هذا العالم معها! فهي قلقة مما يجري في العالم العربي وإن كانت “تراقب الوضع عن كثب”! والعالم العربي قلق هو الآخر مما يجري في سوريا على يد النظام وشبيحته من مجازر! والذين يقفون مع النظام الدموي السوري قلقون أيضاً من الوضع ذاته ففي سقوط النظام سقوط لمصالحها، فهي تستميت دفاعاً عن “السفاح الغبي” لا من أجل “عيونه” -وهو طبيب العيون- بل من أجل رعاية مصالحها حتى ولو أتى تحقيقها على أنهار من الدم وجثث الأطفال والنساء! والعالم الإسلامي قلق وثائر من المساس بالمقدسات. والمواطن قلق من الأمور التي تنغص عليه حياته، كارتفاع الأسعار، وهو قلق من ردة الفعل “الباردة” التي تواجهه بها الدوائر الخدمية حين مراجعتها! مما يضطره لسلوك طرق أقصر تخفف عليه “شدة الصدمة” وتوفر عليه عناء الانتظار! والدوائر الخدمية ذاتها قلقة من تعميم هذه النظرة التي تراها مجحفة بحقها! وهكذا يظل القلق صفة عامة لا على صعيد الفرد والمجتمع والدولة فقط بل هي حالة عالمية، إنما الفارق بين “قلقنا” العربي -ابتداءً من الفرد إلى الأمة- وقلق الدول المتقدمة هو النظرة لهذا القلق، فنحن نتعامل معه كحالة نفسية نعاني من تبعاتها وإفرازاتها التي تؤثر علينا سلباً فنصاب بالإحباط والجمود، حتى بات هذا القلق صفة نتعايش معها على أنها من ضروريات الحياة الدنيا ونظل نتناقلها من جيل لآخر بالوراثة! فيما الآخرون يتعاملون مع القلق كمرض يستوجب علاجه سريعاً بالحلول الممكن تطبيقها وقد يراه بعضهم محفزاً للرياضة العقلية واستكشافاً لبواطن “الحكمة”، فلا عجب إذن إن استفادوا من “قلقهم” الإيجابي وبقينا نجتر “قلقنا” ومعه كمية وافرة من أدوية الضغط!