رغم انتهاء عادة ختان الأطفال الكبار في رجال ألمع، إلا أن كبار السن لازالوا يحكون لأبنائهم قصص «الهود» وبطولاتها، ويتذاكرونها فيما بينهم، من «ترجل» في يوم ختانه ومن خانته الدموع ليسقط من نظر محيطه، فاحتفال ختان الطفل لا يقل أهمية عن احتفال زفافه إذا كبر. مراسمها تبدأ من وقت سابق بعد أن يبلغ الطفل سنا يمكن الاعتماد عليه في «الجمالة» يوم الختان، فيجتمع آباء الأطفال الذين بلغوا السن المحدد، ويبدأون في التحضير للمناسبة الكبيرة، بتحديد الموعد وتوجيه الدعوات واحضار الفرق الشعبية المعروفة، يعلن الجميع ساعة المناسبة، يمر الطفل على «أخواله» وقرابته، ويقومون بمديحه ويلبسونه لباسا زاهي الألوان ويتطيب بالرشوش، ورأسه موشح بالنباتات العطرية، وينطلق في سرد عزوته وجماعته ومديحهم بصوت مرتفع، ولا يخرج الطفل عن العزوة التي أعدها الشاعة بمقابل مادي، حيث يدفع القبائل لها الكثير من الأموال فهي التي تحشد قوة الختين وتحثه على التماسك، فلا مجال للتراخي في لحظة الحسم، فالجميع في انتظار شرف الجمالة، أو عار الفشل، والذي يؤدي الى رحيل الاسرة عن المكان رحيلا أبديا. فهم لا زالوا يحكون عن رحيل أسرة قديما، بعد أن رمش صبي في لحظة ختانه. وفي اليوم السابق للختان تعلو زغاريد النساء وتتدلى أنواع الأقمشة الملونة على جدران الحصون لتأتي «الدمات» من كل عشيرة من أهالي رجال ألمع ومعهم معونتهم لوالد الختين ويمد لحافا ويقوم أحد الناس باستلام المبلغ وعده امام الناس في اللحاف، ولأن النقود كانت فضة معدنية، فإنهم يتفننون في جعلها تحدث رنينا اثناء العد، وكلما وصل العدد الى عشرة دقت الطبول، وصاح الناس «ألا دايمه.. ألا دايمه» ويبدأ العد من جديد، وتتم عملية الختان على مشهد من الناس في ساحة القرية، بعد ان ينتسب الختين لأهله وخولته، وبعد مناوشات بين الخاتن والختين يبدؤها الختين ليعلم الجميع انه غير مهتم لأمر الخاتن، وقد يصل إلى ضرب خاتنه لإثارته حتى لا يقال أخذته الرأفة به.. فإن رمش جفنه او تحرك حركة لحق العار به وألحقه بأهله. ولتأكيد الشرف، ينطلق الطفل ويتبعه نزيف الدماء.