يعود الخطاب الجماهيري إلى الشارع العربي المصري من جديد بعد انقطاع دام لأكثر من أربعين سنة تقريبا أي أن آخر الخطابات الجماهيرية بالغة التأثير كانت في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وهاهو الخطاب الجماهيري يعود مجددا باتجاه الجماهير لكن هذا الخطاب وفي هذه المرة لم يأت من داخل المؤسسة العسكرية، بل جاء من داخل مؤسسة مدنية انتظرت طويلا حتى جاءها الدور لتتسلم زمام القيادة في مجتمع كبير متعدد الأطياف والثقافات، ويأتي ممثل المؤسسة المدنية الدينية الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي ليقدم خطابا جماهيريا يتمركز حول الاشتغال بقضايا الجماهير فبدأ يخاطب وجدانها وحاجاتها المتعطشة لزعامة مدنية جديدة، ويسعى لزرع الثقة المفقودة من خلال ذلك الخطاب الذي تتلقفه الجماهير العريضة والتي عانت طويلا من الزعامات العسكرية طيلة عقود ماضية لكن هذا الخطاب رغم تأثيره الجماهيري المنفعل تجاهل بقصد أو بغير قصد فئة مهمة هي الأبرز في المجتمع المصري وهي النخب الثقافية، والنخب الفنية والتي تمثل شريحة كبيرة ومؤثرة وهو الأمر الذي تسبب في وجود ردة فعل مصحوبة بالقلق والخوف والتشاؤم من حكم (الرئيس الإخواني) محمد مرسي فهذا الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق يقول إنه «متوجس من حكم الإخوان المسلمين،لأن من تعرض للقمع على مدار سنوات طويلة سيقوم بإعادة إنتاجه»، على حد وصفه وهو رأي في غاية الخطورة في مرحلة مهمة. ويشير في حوار إعلامي مرئي بقوله: «إن ما حدث في الانتخابات الرئاسية ما هو إلا تصويت انتقامي»، مطالبا الرئيس محمد مرسي بأن يكون لديه قدر من الليبرالية للتعامل مع جميع طوائف الشعب، وأن يدرك أن أكثر الأصوات التي حصل عليها لا تميل إلى التيار الإسلامي. ويؤكد وزير الثقافة الأسبق، أنه متوجس من حكم الإخوان المسلمين بالنسبة للنواحي الثقافية، لأنهم على حد قوله لا يقبلون الاختلاف على مستوى الثقافة السائدة قائلا «إن الشعب المصري في الوقت الحالي يعيش كارثة ثقافية على مختلف الأصعدة» .إن رأي الدكتور جابر عصفور يحمل دلالات مفتوحة تكشف عن صورة غامضة ومقلقة لمستقبل بلد عربي محوري مهم كذلك جاءت ردة فعل (جبهة الإبداع المصرية) تجاه خطاب الرئيس محمد مرسي عاتبة وقلقه لعدم ذكره المثقفين والمبدعين في أول خطاب ألقاه بعد إعلان فوزه في انتخابات الرئاسة.وقالت جبهة الإبداع في بيان منشور لها: «بما أن الرئيس محمد مرسي أصبح رئيس كل المصريين فلنا عليه عتاب، إذ أنه أسهب في سرد طبقات الشعب التي يعد مسؤولا عن مطالبها وفي سرد محافظات مصر واحدة تلو الأخرى، ولكنه أغفل قطاعا مهما من أبناء الشعب المصري الذين يشكل مصيرهم مصيرا لهوية الوطن من المفكرين والعلماء والمبدعين والفنانين». وقالت جبهة الإبداع: «إن رعاية حرية الفكر والإبداع والتفكير والبحث العلمي، ليس مطلبا فئويا، بل ضرورة لنهضة أي شعب» ترى أي مستقبل ينتظر الثقافة والفكر والإبداع في أرض الكنانة في ظل مرحلة غامضة الملامح ؟؟ [email protected]