قرابة عقد من الزمن، ولا يزال قرار تعديل نظام ارتفاعات المباني في مكةالمكرمة في تداول بين عدة جهات، دون أن يخرج في صيغة نهائية تسهم في حل أزمة الإسكان التي تشهدها العاصمة المقدسة، وزاد من تنامي قيمة العقارات بما خلق تضخما عقاريا غير مبرر. وعلى رغم إقرار المجلس البلدي لهذا القرار في دورته الأولى، ومباركة أمانة العاصمة المقدسة لتلك الصيغة، إلا أن هذا القرار المهم لا يزال حبيس الأدراج، في الوقت الذي تعيش فيه مكةالمكرمة أزمة سكن خانقة في ظل المشاريع التطويرية المستمرة حاليا، ما ضاعف أسعار الإيجارات إلى الضعف في ظل قلة العرض وتنامي الطلب. ولا يزال سكان مكةالمكرمة يتطلعون للإفراج عن نظام الارتفاعات، حيث يترقب قرابة 150 ألف نسمة في 17 مخططا بالشرائع صدور هذا القرار ليمكنوا من زيادة الأدوار في مبانيهم والتي لا يسمح فيها بأكثر من دورين، ماتسبب في ازدياد قيمة الأراضي والشقق السكنية التي لامست سقف 30 ألف ريال أي بزيادة قدرت ب60 في المائة خلال العقد الأخير، ورصدت أمانة العاصمة المقدسة في جولاتها الميدانية قرابة 300 مبنى مخالف وفرضت غرامات مالية كبيرة، لكن أحدا من ملاك تلك العقارات لم يتجاوب مع التعليمات ما اضطر الأمانة للاستعانة بالشرطة في هذا الموضوع. أزمة 355 مواطنا كذلك وقع 355 مواطنا من ملاك فلل الإسكان العام في حي الرصيفة في مكةالمكرمة في أزمة مع أمانة العاصمة المقدسة بعد أن عمدوا إلى إجراء تعديلات بنائية في فللهم دون موافقة رسمية وخالفوا نظام الارتفاعات المحدد، ما دفع بأمانة العاصمة في وقت سابق إلى إخطارهم بضرورة دفع غرامات مالية مضاعفة أو فصل التيار الكهربائي عنهم، ووفقا لعدد من ملاك تلك الفلل السكنية، فإن المبرر الوحيد الذي دفعهم لبناء أدوار إضافية هو أزمة السكن الحالية وتأخر نظام الارتفاعات الجديد في الخروج إلى أرض الواقع، وأنهت أمانة العاصمة منتصف العام المنصرم قضيتهم بعد ملاحقة دامت عامين من خلال لجنة كلفت بوضع تسوية لقضيتهم انتهت بإلزامهم إحضار شهادة سلامة للإضافات من مكتب هندسي معتمد رسميا في الأمانة والدفاع المدني، وبما يضمن أن المبنى صالح للسكن ولا يشكل خطرا على السكان. انخفاض الحركة الإنشائية وقدر مختصون عقاريون في السوق العقارية لمكةالمكرمة، نسبة انخفاض معدلات الحركة الإنشائية في بعض المخططات السكنية التي لا يتجاوز فيها البناء أكثر من طابقين مثل مخططات الشرائع إلى 25 في المائة، في ظل اتجاه الكثير ممن لديهم نية في بناء مساكن للانتظار إلى حين صدور قرار السماح بتعدد الأدوار، وهو القرار الذي طال أمده وتحول إلى حلم لم يتحقق بعد، فيما استغرب عبدالله معتوق صعيدي رئيس اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية في مكةالمكرمة الانتقائية في التصريح بتعدد الأدوار عندما قال «هناك مخططان متجاوران ومتلاصقان يقعان خارج الطريق الدائري في مكةالمكرمة، الأول يصدر بحقه سماح بتعدد للأدوار يصل إلى ثمانية طوابق وأكثر، والآخر لا يجيز له النظام سوى طابقين»، مشيرا إلى أن مثل هذا الأمر من شأنه الإخلال بالمنظومة الإنشائية العقارية. وزاد صعيدي «من شأن قرار كقرار تعدد الأدوار أن يسهم في حل الأزمة السكنية في مكةالمكرمة ويقود صوب الهبوط بأسعار شقق الإيجار، لكن التباطؤ في إصدار قرار زيادة الأدوار فاقم من أزمة الإسكان»، مشيرا إلى ضرورة إقرارها في أسرع وقت «خصوصا وأنه تم الانتهاء من الدراسة الخاصة به وتم رفعها للجهات المعنية». وعمد الكثير من أهالي مكةالمكرمة إلى الزيادة في طوابق مبانيهم، مفضلين دفع الغرامة المالية التي تقر عليهم من قبل الجهات المختصة، مبينين أن «عدم صدور قرار في نظام تعدد الأدوار سيزيد من حجم التعديات في نظام البناء». فجوة بين العرض والطلب ووصف منصور أبو رياش رئيس اللجنة العقارية بالغرفة التجارية الصناعية بمكةالمكرمة تأخر صدور نظام الارتفاعات ب «العائق أمام الحركة العمرانية والاستثمارية حيث زاد من أزمة السكنى في مكةالمكرمة»، وألمح ل«عكاظ» «لا مبررات وراء هذا التأخير في صدور قرار كهذا من وزارة الشؤون البلدية وأمانة العاصمة المقدسة، وهذا التأخير في صدور النظام الذي مر على المطالبة به قرابة ثماني سنوات ضاعف الفجوة بين العرض والطلب، وكنا نتمنى أن يستأنس برأينا في هذا الجانب خصوصا اللجنة العقارية والقطاع الاقتصادي، لأنه عندما يلتقي الفكر الاقتصادي بالفكر التخطيطي الحكومي المتمثل في الأمانة يصبح لدينا منتج جيد، ولكن للأسف كانت دراسته من طرف واحد وهو الأمانة فقط». مطالبات المجلس ووضع المجلس البلدي في مكةالمكرمة وخلال دورته الأولى نظام تعدد الأدوار في أحياء مكةالمكرمة على هرم الأولويات، وظل أعضاء المجلس ينافحون ويطالبون بهذا النظام حتى انتهت فترة عملهم في المجلس دون خروجه إلى أرض الواقع، وفي هذا يؤكد بشيت المطرفي نائب رئيس المجلس البلدي السابق «لم نترك من جهدنا شيئا في هذا الجانب المهم، حيث تم إقرار نظام الارتفاعات من قبل المجلس البلدي في دورته الأولى بعد ان تدارسه مع الأمانة عام 1432ه، ورفعت الأمانة بذلك لوزارة الشؤون البلدية والقروية واستمر تبادل الرؤى والاقتراحات والتعديلات في النظام بين الوزارة والأمانة، وانتهت فترتنا ولا نعلم ماذا اتخذ بشأنه، وكان التصور المتفق عليه بين المجلس البلدي وأمانة العاصمة المقدسة يتيح نظام التعدد في كل الأحياء في مكةالمكرمة عدا أحياء العوالي ومخطط الزايدي في طريق مكةجدة السريع، والحقيقة أننا في المجلس السابق كنا ندرك تماما أن تعدد الأدوار يعد أحد أهم مفاتيح حل أزمة الإسكان في مكةالمكرمة». وكان المجلس البلدي في العاصمة المقدسة وافق قبل نحو عام، على زيادة ارتفاعات المباني في أحياء مكة، حيث حسمت قضية تباين الارتفاعات في مكةالمكرمة بزيادتها وفق آلية معينة، وتمت زيادة الارتفاعات في المنطقة الواقعة بين الدائريين الثاني والثالث لتكون أربعة أدوار، والرابع لتكون ثلاثة أدوار، فيما استثنيت أحياء العوالي والتخصصي لتكون الارتفاعات فيها دورين فقط، وقد وافق المجلس على الدراسة التي أعدتها أمانة العاصمة المقدسة والاستشاري المكلف بالإجماع، وانحاز الأعضاء إلى ضرورة إنهاء التباين الحاصل حاليا بين بعض الأحياء في الارتفاعات، لتحقيق رؤية المخطط الشامل لمكةالمكرمة في تخفيض الكثافة السكانية في المنطقة المركزية، وزيادتها في المناطق الخارجية، وأن هذا القرار شمل تعديل نظام البناء على الطرق الدائرية والمحاور الرئيسة في مداخل مكةالمكرمة، والشوارع الرئيسة والجديدة داخل المخططات المعتمدة وغير المعتمدة. حل استراتيجي وأرجع سعود الشيباني الخبير في شؤون التعديات ورئيس لجنة التعديات في إمارة مكةالمكرمة سابقا تنامي الأراضي العشوائية في أطراف مكةالمكرمة إلى غياب البدائل السكنية وأزمة الإسكان الخانقة، معتبرا ل«عكاظ» أن نظام تعدد الأدوار أحد الحلول الرئيسية لمثل هذه المشكلة وقال «سبق وأن ناقشنا باستفاضة مسببات التعديات، ووجدنا أن محدودية البناء وضوابطه الصارمة قاد صوب تفاقم المشكلة نظرا لارتفاع أسعار الأراضي وزيادة نسبة التعديات، وكان من ضمن حزم الحلول المقترحة في الخمسة أعوام الماضية طرح نظام بديل لنظام الارتفاعات الحالي وطالبنا بتفعيله في عدة لقاءات، ومن وجهة نظري هذا النظام في حال إقراره سيكون حلا استراتيجيا لأزمة السكن والحد من ظاهرة التعديات على الأراضي البيضاء والعشوائية».