لا يوجد نظام سياسي من غير أطقم عمل للاستخبارات. والعمل الأخير لا يعتبر من قريب أو بعيد نتاج هذا القرن ولا الذي قبله، فقد استخدمت أوروبا مثلا الحمام الزاجل إبان الحرب الثانية ضمن أطقم العمل الاستخباراتي وكان الحمام الزاجل ذكيا بحيث إن الألمان لم يستطيعوا اقتناصه، ولذلك تعبوا معه فأطلقوا صقورا مدربة لتعقبه وربما يكون القليل جدا من الحمام وقع أسيرا في مخالب الصقور ولكن الكثير ناور وتجاوز الصقور وتمكن من تمريره المعلومات مؤديا عمله بنجاح استخباراتي منقطع النظير. وهكذا ضحك الإنجليز على الألمان. لا أحد يصدق اليوم أن الحمام الزاجل غير مجرى التاريخ فعلا ولم يكن بمقدور الألمان لاحقا إلقاء المزيد من اللوم على الصقور. تلك هي الحقيقة وربما يكون الإنجليز مارسوا دعاية حربية لتضليل الألمان برسم تزكية الحمام.. ولكن ما علينا فالمشهد الإنتلجنسي هنا يتناول التخابر البناء أيا كانت وسيلته، فقد استخدم الرومان مخبرين من الجيش لضبط أتباع سيدنا المسيح عيسى بن مريم عليه السلام.. لقد مسكوا البعض وقصة حنانيا السوري معروفة فقد هرب ولحق به شاؤول وعوضا عن تسليمه لحكومة النائب الروماني في بلاد الشام، صار المخبر شاؤول لاحقا «حمامة» سلام إلى روما. لقد اخترق روما حاملا معه رسالة جديدة. ومن خلال استقراء تراثنا العربي، فالأمويون عرفوا التخابر بدواعي السياسة، وعرفه العباسيون أيضا ولو لم يكن هناك تخابر ناضج لما طال أمد الدولة العباسية، ولما وصلت إلى الحكم سريعا باستخدام الدهاء واستخدام المعلومة بعد اقتناصها بذكاء رائع. وفي الطرف المقابل فقد أفاد الأمويون من التخابر كثيرا لدى قيام دولة أخرى في الأندلس.. والكثير من قادة الاستخبارات في تلك المراحل ماتوا وماتت في صدورهم أفكار ومعلومات لا أحد يعرف شيئا عنها، ربما لأنهم كانوا أمناء جدا فيما ائتمنوا عليه، ربما لأنه لم يكن هناك ويكيليكس ولا صحافة من عدمه في تلك الأيام.. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 265 مسافة ثم الرسالة