دعونا نتحدث عن الشخص «العادي» ونعني به رب الأسرة صاحب الدخل المحدود الذي يمثل الشريحة العظمى من المجتمع كيف يستطيع هذا الشخص أن يستمتع بجزء من الوقت مع أسرته خارج جدران المنزل في مناسبة كالعيد يتوق فيها الكبير والصغير إلى جرعة من البهجة الجماعية. وقبل أن نسأل كيف؟ يجب التنويه إلى أن هذا الشخص (النموذج) يصافح أيام العيد ورصيده المالي يعطي إشارة باللون الأحمر بعد أن استنزف رمضان واحتياجات العيد معظم دخله لشهري شعبان ورمضان. وإذا كان هذا الشخص يجاهد في الأوقات العادية كي يحافظ على توازنه المالي من الانهيار، فكيف بالأوقات الاستثنائية كهذه المناسبة؟ لنفترض أن هذا الشخص يعيش في مدينة جدة، وبناء على هذا الافتراض فإنه غير مؤهل أبدا لارتياد المنتجعات والشاليهات البحرية ذات الأسعار النارية التي يزداد لهبها في المناسبات، ولا يستطيع تمضية مساء في مدينة ملاه مع وجبة عشاء بسبب أسعارها الاستنزافية في المواسم التي لا توجد جهة تضبطها. وإذا فكر في افتراش حصيرة على الشاطئ فإنه لا يوجد شاطئ عام أساسا.. ماذا يفعل إذن؟ في كل بلدان العالم، فقيرها قبل غنيها، وفي كل المدن مهما كان ازدحامها، يوجد مكان اسمه (حديقة عامة) فسيحة واسعة خضراء جميلة، فيها كل الوسائل والخدمات التي تتيح بهجة الصغار واسترخاء الكبار، مجانا أو بأسعار رمزية، هي متنفس الناس (العاديين) في كل الأوقات والمناسبات.. لكن للأسف الشديد، هذا المكان الذي يعرف في قاموس اللغة بمسمى (حديقة) لا يوجد له مكان في قاموس التخطيط لدينا، أو يوجد له مكان على الورق لكن يتم تحويره على الأرض إلى شيء آخر بفضل منهجية (التطبيق) التي تمثل جانبا مهما من جوانب خصوصيتنا الفريدة. قبل مدة غير بعيدة قرأنا خبرا منسوبا إلى مصدر مسؤول يفيد بوجود عشرات الحدائق في مدينة جدة، فعلا كان الخبر بهذه المجانية، وعند البحث عن هذه العشرات لا يجد الباحث سوى عدد قليل من مساحات صغيرة شبه جرداء مليئة بدواب الأرض، وفي مواقع منزوية لا تلفت الانتباه إلا بنشازها وبؤسها.. هذا هو المعنى الهامشي لدينا لحق أساسي للإنسان اسمه (حديقة عامة) لا يمكن إلغاؤها من برامج التخطيط أو إهمالها أو (تطبيقها) في أي مجتمع يقدر حقوق الإنسان. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة