«تعودنا أن لا يعترف المسؤولون الكبار بالخطأ، سمعت فيصل بن معمر يقول إن خطأ حدث بأن الحوار الوطني كان مقتصرا على النخب المثقفة، وسريعا عالج الوضع بحملة لقاحات فكرية لتثقيف الناس في المدارس وعبر منابر الجمعة والتجمعات بثقافة الحوار الواعي المسؤول، وأصبح الجميع يشارك». مواطن سعودي من القاعة رقم 12 في مبنى منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة (اليونسكو)، بالقرب من نهر السين في باريس، إلى قاعة القصر2، في فندق هوليدي إن على ضفاف وادي نجران، يسابق نائب وزير التربية والتعليم، الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني فيصل بن معمر الزمن ليكون عند الموعد حاضرا بفكره القيادي والإداري والهم الوطني الذي يسكنه. البعض يقيس البعد بين القاعتين بالمسافة، أو حتى بالحضارة، إلا أن جميعها تتساوى، فكلتا المدينتان تاريخيتان، وذات حضارة عريقة، وبمقياس المسافة أصبحت عند بن معمر مهمات وطنية من منبر اليونسكو إلى توزيع الأدوار بين المتحدثين في شأن الوطن ورقيه في نجران. استحق فيصل بن معمر أن يكون بحسب المراقبين منذ اللقاء الوطني الفكري الأول قبل سبعة أعوام في الرياض «الوحدة الوطنية والعلاقات والمواثيق الدولية»، أن يكون «فارس الحوار»، ومهندس اختيار قطع فسيفساء الوطن التي تجتمع بكل ما تحمل من أفكار وقناعات، ومعتقدات لتلقي بها على طاولة الحوار دون إقصاء أو انتقائية أو حتى محاذير. أسهم ابن معمر مع فريق عمل يقوده الشيخ صالح الحصين، أن يتحول الحوار من مجرد طرح إلى حقيقة واقعة تنفيذا لرؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في أن «الوطن للجميع»، وكثيرا ما يرفض أن يحسب أي نجاح له، مرجعا الفضل إلى شيخ الحكمة والوقار والزهد صالح الحصين، وزملائه في فريق العمل. ولد ابن معمر بين نخيل واحة سدوس تحت شمسها الحارقة، ورائحة نخيلها المتمايلة بأطيب أنواع التمور، وهي التي ألهمته بأن ميلانها كان بسبب ما تحمله من خير، أما التي بقيت دون ثمر ارتفعت خاوية، فكان مائلا متواضعا أحبه كل من عمل معه في الديوان الملكي، الحرس الوطني، مكتبة الملك عبد العزيز العامة، مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، ووزارة التربية والتعليم. تقلد ابن معمر مواقع مهمة، إذ كان مستشارا في الديوان الملكي، ويعمل مشرفا عاما على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، وأمينا عاما لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني. وعلى الرغم من أن ابن معمر حاصل على البكالوريوس في علم الاجتماع من جامعة الملك سعود والماجستير من جامعة ويستر سانت لويس في ولاية ميزوري الأمريكية، إلا أن مدرسة الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري كانت الأهم بالنسبة له، إذ شكل قربه من المفكر والإداري الراحل تحولا في حياته أسهم في تكون شخصيته الثقافية والفكرية. يرتبط أبو عبد الرحمن بعضويات في مؤسسات مهمة أبرزها: مجلس إدارة مؤسسة الملك عبدالعزيز للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية في المغرب، مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز، مجلس الأمناء في مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة)، هيئة إدارة المركز الوطني للوثائق والمحفوظات، اللجنة الاستشارية للآثار والمتاحف، هيئة جائزة الملك خالد الخيرية، مجلس إدارة الاتحاد السعودي للفروسية، ومجلس أمناء مكتبة الملك فهد الوطنية. يتحدث موظف عمل مع ابن معمر 16 عاما (رغب عدم ذكر اسمه): «طوال تلك الأعوام لم أسمع صوت هذا الرجل يرتفع على أحد، ولم يعاتب أيا منا أمام الزملاء، يحرص على مشاركة الزملاء في الأفراح والعزاء بالحضور الشخصي سواء كان موظفا كبيرا أو عامل قهوة وشاي». ويتحدث الموظف عن أكثر المواقف المعروفة عن ابن معمر: «كان يرافق والدته في المستشفى قبل وفاتها، وعلم أن زميلا قدم استقالته، فرفضها هاتفيا ولم يستطع أن يغادر المستشفى فطلب من الموظف المستقيل أن يزوره في المستشفى، وشرح الموظف أسباب استقالته فطلب أن يؤجل حتى تستكمل والدته علاجها وبالفعل شكل لجنة تحقيق وأنصف الموظف».