أمير جازان يشارك أهالي فرسان "صيد سمك الحريد"    ب10 لاعبين.. الرياض يعود من بعيد ويتعادل مع الفتح ويخطف نقطة ثمينة    «التخصصي» العلامة الصحية الأعلى قيمة في السعودية والشرق الأوسط    رحلة نجاح مستمرة    «مسام» يفكك كميات ضخمة من المتفجرات في قارب مفخخ قرب باب المندب    فيصل بن بندر يرعى حفل تخريج الدفعة ال15 من طلاب جامعة شقراء    «التعليم السعودي».. الطريق إلى المستقبل    « أنت مخلوع »..!    خان يونس.. للموت رائحة    صدور بيان مشترك بشأن التعاون في مجال الطاقة بين السعودية وأوزبكستان    "تمزق العضلة" ينهي موسم طارق حامد مع ضمك    وزير الخارجية يستقبل الأمين العام للمكتب الدولي للمعارض    سلة الهلال تقصي النصر وتتأهل لنهائي كأس وزارة الرياضة لكرة السلة    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    وزير الطاقة يشارك في جلسة حوارية في منتدى طشقند الدولي الثالث للاستثمار    القبض على فلسطيني ومواطن في جدة لترويجهما مادة الحشيش المخدر    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ    الإصابة تهدد مشاركة لوكاس هيرنانديز مع فرنسا في (يورو 2024)    الذهب يستقر برغم توقعات ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية    النفط ينتعش وسط احتمالات تجديد الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي    محافظ بلقرن يرعى اختتام فعاليات مبادرة أجاويد2    "شرح الوصية الصغرى لابن تيمية".. دورة علمية تنفذها إسلامية جازان في المسارحة والحُرّث وجزر فرسان    مباحثات سعودية فرنسية لتوطين التقنيات الدفاعية    المملكة: الاستخدام المفرط ل"الفيتو" فاقم الكارثة بفلسطين    قتل مواطنين خانا الوطن وتبنيّا الإرهاب    هاكاثون "هندس" يطرح حلولاً للمشي اثناء النوم وجهاز مساعد يفصل الإشارات القلبية    مبادرة «يوم لهيئة حقوق الإنسان» في فرع الاعلام بالشرقية    مستشفى خميس مشيط للولادة والأطفال يُنظّم فعالية "التحصينات"    الشرطة الأمريكية تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض الاعتصامات المؤيدة لغزة    السعودية تدعو لتوحيد الجهود العربية لمواجهة التحديات البيئية التي تمر بها المنطقة والعالم    العدل تُعلن عن إقامة المؤتمر الدولي للتدريب القضائي بالرياض    انعقاد أعمال المنتدى العالمي السادس للحوار بين الثقافات والمؤتمر البرلماني المصاحب في أذربيجان    المنتخب السعودي للرياضيات يحصد 6 جوائز عالمية في أولمبياد البلقان للرياضيات 2024    مبادرة لرعاية المواهب الشابة وتعزيز صناعة السينما المحلية    الوسط الثقافي ينعي د.الصمعان    سماء غائمة بالجوف والحدود الشمالية وأمطار غزيرة على معظم المناطق    تيليس: ينتظرنا نهائي صعب أمام الهلال    برئاسة وزير الدفاع.. "الجيومكانية" تستعرض خططها    اَلسِّيَاسَاتُ اَلتَّعْلِيمِيَّةُ.. إِعَادَةُ اَلنَّظَرِ وَأَهَمِّيَّةُ اَلتَّطْوِيرِ    يجيب عن التساؤلات والملاحظات.. وزير التعليم تحت قبة «الشورى»    جميل ولكن..    أمي السبعينية في ذكرى ميلادها    الدراما السعودية.. من التجريب إلى التألق    متحدث التعليم ل«عكاظ»: علّقنا الدراسة.. «الحساب» ينفي !    هذا هو شكل القرش قبل 93 مليون سنة !    هكذا تكون التربية    ما أصبر هؤلاء    «العيسى»: بيان «كبار العلماء» يعالج سلوكيات فردية مؤسفة    سعود عبدالحميد «تخصص جديد» في شباك العميد    حظر استخدام الحيوانات المهددة بالانقراض في التجارب    زيادة لياقة القلب.. تقلل خطر الوفاة    «المظهر.. التزامات العمل.. مستقبل الأسرة والوزن» أكثر مجالات القلق    النصر يتغلب على الخليج بثلاثية ويطير لمقابلة الهلال في نهائي كأس الملك    أشاد بدعم القيادة للتكافل والسلام.. أمير نجران يلتقي وفد الهلال الأحمر و"عطايا الخير"    اطلع على المهام الأمنية والإنسانية.. نائب أمير مكة المكرمة يزور مركز العمليات الموحد    إنستغرام تشعل المنافسة ب «الورقة الصغيرة»    أغلفة الكتب الخضراء الأثرية.. قاتلة    نائب أمير مكة يقف على غرفة المتابعة الأمنية لمحافظات المنطقة والمشاعر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إثبات وجود الأخدود في نجران ينقصه بيِّنات أثرية قاطعة
نشر في عكاظ يوم 30 - 03 - 2010

للمرة الثالثة أرد على تداعيات المحاضرة التي قدمتها أمام النادي الأدبي في جدة يوم الأحد السابع من ربيع الأول 1431ه (21 فبراير 2010م)، حول أصحاب الأخدود، وكنت قد فصلت رأيي وأوضحته في ما نشره الدكتور حسين عايض آل حمد، عضو النادي الأدبي في نجران، واعتقدت أن الصورة قد وضحت، ولكن نشر في العدد رقم 15911 من صحيفة «عكاظ» الصادر في الرابع من ربيع الآخر 1431ه (20 مارس 2010م)، مقال بعنوان: (ذو نواس وثق المحرقة نقشا على جبل الحماطة) يحمل توقيع: العقيد علي بن حسن المستنير، الذي أصبغ على نفسه صفة باحث في تاريخ نجران القديمة.
وبعيدا عن الخوض في ما جاء في المقال المذكور، أقول: إن رأينا في مسألة وجود الأخدود في نجران لا يقوم على التشكيك أو التأكيد، بل على أن التنقيبات الأثرية التي تمت في موقع مدينة نجران القديمة المعروفة باسم: (الأخدود) لم تشر إلى إمكانية حدوث حادثة الأخدود في داخل مدينة نجران القديمة.
يوسف أسار
ولم يتم العثور في مدينة نجران القديمة على أي مبنى يمكن ربطه بالمكان الذي تم فيه حرق النصارى من قبل الملك الحميري يوسف أسار يثأر، ومن المرجح أن الأخدود الذي تمت فيه تلك الحادثة لم يقع داخل مدينة نجران القديمة.
كما أكدنا على أن النقوش العربية الجنوبية التي عثر عليها مدونة على أحجار مباني المدينة القديمة (الأخدود) تعود إلى الفترة الوثنية، ولم يتم العثور على نقوش تشير إلى الديانتين اليهودية أو المسيحية. وأوضحنا أن إثبات وجود الأخدود في نجران يحتاج إلى بينات أثرية قاطعة. وهذا سيظل في انتظار إجراء حفريات أثرية في مدينة نجران القديمة المعروفة بين الناس باسم (الأخدود). ويجب تسليط الضوء على تنافس ممالك جنوب الجزيرة العربية للسيطرة على نجران لأهميتها بوصفها منطلقا لطرق القوافل القادمة من جنوب الجزيرة العربية إلى شمالها، ورصدت النقوش العربية الجنوبية الكثير من ذلك التنافس فقد تحدثت النقوش (جام 599، جام 597، جام 577) عن الثورة التي اندلعت في نجران ضد ملك حمير الشرح يحضب (كانت بداية حكمه سنة 25 ق.م) بتحريض من الأحباش، فقاد الملك الشرح يحضب جيوشه واتجه إلى نجران وحاصرها لمدة شهرين، عاد بعدهما إلى صنعاء بعد أن ترك قيادة الحصار لقائدين من قادته، وجاء اسم أحدهما في النصوص وهو نوف (نوفم) الذي تمكن من قتل قائد الثوار في نجران، وقدم أهل نجران رهائن للملك الشرح يحضب حتى يضمن أن لا يثوروا عليه مرة أخرى.
نقش النمارة
في عهد الملك شمر يهرعش الثالث الذي لقب بملك سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمنت، بعد أن كان في بداية حكمه يحمل لقب ملك سبأ وذو ريدان فقط، وأشار نقش النمارة المؤرخ سنة 328م إلى أن ملك المناذرة امرئ القيس بن عمرو قاد جيوشه إلى أسوار نجران التي وصفها النقش بأنها مدينة شمر، وقد أشار النقش (جام 658) إلى المعارك التي دارت بين الملكين شمر يهرعش وامرئ القيس الذي دخل الحرب نيابة عن حلفائه الفرس، الذين لم يرغبوا في دخول حرب مباشرة ضد العرب، بعد الفشل الذي حصدته حملة إليوس جالوس التي حاولت غزو بلاد العرب، ووصلت إلى نجران سنة 24 25 ق.م في عهد الإمبراطور الروماني أغسطس.
وذكرنا أيضا إشارة العديد من المؤرخين العرب إلى أن الملك الحميري أب كرب أسعد (أسعد كامل) (380 440م) قد اعتنق الديانة اليهودية، وأوضحنا أنه لم يرد في النصوص المنسوبة إليه، ومنها نقشا وادي مأسل الجمح (ريكمانز 509، 510) ما يشير إلى تهوده.
أما الملك الحميري يوسف أسار يثأر (517 525م) فلم تذكر نقوش جنوب الجزيرة العربية ما يؤيد اعتناقه الديانة اليهودية، ويأتي في مقدمة تلك النقوش نقشه الموجود في آبار حمى.
قسطنطين الثاني
وذكرنا أن محاولات الإمبراطورية البيزنطية لنشر الديانة المسيحية في جنوب الجزيرة العربية بدأت منذ عهد الإمبراطور قسطنطين الثاني (337 361م) (وكان هذا الإمبراطور لا يؤمن بالتوحيد، بل كان يؤمن بأن الله ثالث ثلاثة) وأدت تلك المحاولات إلى تشييد ثلاث كنائس كانت إحداها في ظفار (يريم) عاصمة مملكة حمير.
وأشرنا إلى اختلاف المصادر التاريخية في كيفية وصول المسيحية إلى نجران، وتعدد الروايات حول ذلك، ومنها أن المسيحية قد دخلت بواسطة أحد تجار نجران الذي اعتنقها في الحيرة ونقلها إلى مدينته، ورواية ثانية تشير إلى أن تاجرا يدعى حيان كان وراء وصول المسيحية إلى نجران، ورواية ثالثة تذكر أن عبدالله الثامر قد اعتنق المسيحية على يدي رجل يدعى فيمون كان يقيم في نجران.
وأكدنا أن نصارى نجران الذي قدموا على الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يؤمنون بالتثليث، ومرجعنا في ذلك الآيتين 61 62 من سورة آل عمران.
القراءة الصحيحة
ولكن بعد كل هذه التوضيحات جاء العقيد علي بن حسن المستنير، ليقول إن (ذو نواس وثق المحرقة نقشا على جبل الحماطة)، وإذا كان سعادته متخصصا في تاريخ نجران القديمة كما ادعى، فكيف وقع في هذا الكم الهائل من الأخطاء التي لا مجال لحصرها، ولكننا نشير إلى أفدحها وهي:
1 يقول إن قراءتنا للسطر الأول من نقش الملك يوسف أسار يثأر مغلوطة، وإذا كانت قراءتنا مغلوطة فهل القراءة الصحيحة للسطر الأول من النقش تذكر أن الملك تلقب بلقب: (ملك سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمنت)؟
هل قرأ العقيد علي بن حسن. النقش؟ لو قرأ النقش لعلم أن اللقب الخاص بالملك يوسف أسار يثأر هو: (ملك كل الشعوب).
2 من أوحى للعقيد علي بن حسن، أن الرحمن هو إله اليهود؟ «مالكم كيف تحكمون»، دونك التوراة والتلمود. فأخرج لنا منهما أسماء إله اليهود، لن تجد من بينها (ألن الله الرحمن)، وهي أسماء إله الملك يوسف أسار يثأر المذكورة في النقش.
3 لم نقل إن الملك يوسف أسار يثأر ذهب إلى الشام أو العراق، بل نقلنا رأي المفسرين بأن الأخدود ربما يكون في نجران أو غيرها من هذه البلاد. وإذا ثبت أن الأخدود حدث في نجران، فإن النقوش العائدة للملك يوسف أسار يثأر تقطع بأنه لم يكن يهوديا.
4 أكدنا ونؤكد مرة ثالثة أنه لا صلة لقس بن ساعدة الأيادي بنصارى نجران في ما يخص العقيدة؟ فقد كان قس بن ساعدة موحدا، وفقا لما جاء في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (رحم الله قسا إني لأرجو أن يبعثه الله أمة وحده).
5 لم نشكك في حديث القرى المحفوظة، وطالبنا ولانزال نطالب بتخريج الحديث من كتب الأحاديث الصحيحة، ومعرفة درجة إسناده، وهل يرتبط متن الحديث بحادثة الأخدود وحدوثها في نجران.
6 أن قول العقيد علي بن حسن بأن بعض نصارى نجران الذين وفدوا على الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم (بقية من الموحدين) قول عظيم، لأنه يتعارض مع ما جاء في محكم التنزيل، وقد أشرنا إلى الآيتين 61 62 من سورة آل عمران. ولو عاد العقيد علي بن حسن إلى القرآن، وإلى تفسير الآيتين لما قال هذا القول، الذي يعده هينا وهو عند الله عظيم.
عقيدة التثليث
7 وصف العقيد علي بن حسن شمعون الأرشمي بأن له: (مؤلفات ورسائل عديدة تخدم عقيدة التثليث.. وفيها يفصل أخبار استشهاد النصارى العرب الحميريين الذين قتلهم يوسف أسار ملك اليمن اليهودي)، ويوضح هذا التخبط والتناقض الذي وقع فيه العقيد علي بن حسن. فهذا دليل نفي، وليس دليل إثبات، أي أنه ينسف كل حجج العقيد برمتها، فهو يؤكد أن نصارى نجران الذين تحدث عنهم شمعون الأرشمي ليسوا موحدين، وهذا ما ذكرناه في ردودنا السابقة.
8 أن قول العقيد علي بن حسن: (إن الراهب الصالح فيميون الذي جاءت على يديه المسيحية إلى نجران كان نسطوريا موحدا على دين النبي عيسى عليه السلام وشريعته)، إن هذا القول يتناقض تماما مع المذهب النسطوري الذي يؤمن بأن الله ثالث ثلاثة، وما خلاف النساطرة مع اليعاقبة إلا حول الطبيعة الإلهية والبشرية للمسيح، واتفق المذهبان على ألوهية المسيح.
باب الرد
وبهذا الرد نأمل أن نوضح أن رأينا في مسألة وجود الأخدود في نجران: لا يقوم على مبدأ التشكيك بوجوده في نجران، كما لا يقوم على مبدأ عدم وجوده خارجها.
ونأمل الرجوع إلى مؤلفاتنا وأبحاثنا عن نجران، لمعرفة رأينا في هذه المسألة، ونعلن أننا بذلك قد أقفلنا باب الرد من قبلنا في هذه المسألة، لأننا لم نجد حتى الآن رأيا في المسألة صادرا عن عالم أو متخصص في آثار نجران وتاريخها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.