إذا كان الإعلام الجماهيري ظهر في المجتمعات الغربية أثناء الثورة الصناعية، فإن ظهور المجتع المعرفي خلال العقدين الأخيرين يجعلنا أقرب إلى مرحلة جديدة، هي مرحلة الإعلام ما بعد الجماهيري، التي تعتمد ثقافة الصور وتشكيل المعاني ومحركات الإعلام الجديد. بل إن ما نشهده من تزاوج غير مسبوق بين (الإعلام) و(المعلومات) و(الاتصالات) فرض بيئة جديدة ومفاهيم حديثة وممارسات خرجت على النظام الإعلامي الكلاسيكي، ونظرياته السائدة، خاصة مع بروز تأثيرات الإعلام الإلكتروني، الذي شكل سطوة تتجاوز في راهنها الإعلامي آليات عمل السلطة الرابعة، التي ظهرت مع الحكومات الدستورية وتبلور مفهوم السلطات الثلاث. وإذا كان مفهوم السلطة الرابعة يعد مصطلحا ملتبسا لدى البعض وغير دقيق في راهن العملية الإعلامية، لجهة من يؤثر في من، فإن سطوة الإعلام الإلكتروني وتسارع تأثيرات الإعلام الجديد ومستجداته، يجعلنا أقرب إلى مفهوم السلطة الخامسة، بعد أن أخفقت السلطة الرابعة (الكلاسيكية) في إنتاج ثقافة بنائية، وسقطت في أتون التسطيح الإعلامي وتقديم المصالح الضيقة على المصالح العليا، وتحولت المحركات الإعلامية العربية إلى حروب قطرية ضيقة، فالأفكار تتناقض، والمعلومات تتعارض، والإعلام العربي ينقسم حول ملفاته وتصطدم أجنداته. في وقت تشهد فيه الدول المتقدمة تفعيلا مدروسا لأنظمتها الإعلامية، لجهة توحيد الأهداف والمنطلقات، وتعظيم التكتلات بالمعنى الشامل، في حين تتجه الدول العربية إلى الشرذمة الإعلامية، والتفكك في البنى الثقافية، وهدم الكثير من القيم الإيجابية، دون مبادرات عملية لإنتاج قيم حضارية وتنميتها، أو حتى مشاريع رديفة لتعزيز القيم الإيجابية، ما أدى إلى إنتاج ثقافة مشوهة وصور قاتمة في ظرف سياسي واتصالي غير مسبوق؛ يجعل من السياسية الإعلامية لبلد ما شأنا يعني كافة بلدان العالم، لجهة الأيديولوجيا التي ينقلها هذا الإعلام أو ذاك، فالإعلام السياسي ليس مجرد ناقل محايد، خاصة في ظل التجاذبات السياسية والفكرية السائدة في المنطقة. فإلاعلام العربي خلال العقود الماضية شهد نموا وليس تنمية، توسعا أفقيا في عدد القنوات الفضائية، على حساب المضمون والرسالة الإعلامية (قناة لكل 400 ألف مشاهد) وإصلاح النظام الإعلامي العربي، بوابة رئيسية لكافة مشاريع التغيير والتطوير والتنمية. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 166 مسافة ثم الرسالة