لم تقتصر أحاديث العلماء حول ضرورة المحافظة على البيئة في القاعة الرئيسية لمؤتمر استانبول بل شمل ذلك الرحلة البرية التي نظمها لهم القائمون على المؤتمر. اعتمدت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف أنظمة التبريد صديقة للبيئة التي تخفض من انبعاث الحرارة من المبردات، إضافة لتبريد المبردات بأبراج المياه التي توفر قرابة 50 في المائة من الطاقة اللازمة لنظام التكييف، وهذا ما أوضحه مدير عام المشاريع والدراسات في الرئاسة المهندس عبد المحسن بن حميد، مشيرا إلى أن هذا يسهم بفعالية في خفض معدلات تلوث الهواء الناتج عن توليد الكهرباء. وبين أن الرئاسة تتجه إلى التقليل من الاعتماد على المياه المحلاة، واستبدالها بمياه الآبار المتجددة لتقليص عوامل التلوث الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري اللازم لتحلية مياه البحر في الحرم المكي والمدني. وأوضح أن مياه الوضوء في الحرمين الشريفين تم خفضها إلى قرابة النصف باستخدام المرشدات، مشيرا إلى أنه على الرغم من وفرة المياه المخصصة للحرمين الشريفين، إلا أنه يجري الاستثمار في وسائل الترشيد وأبحاث الاستدامة، انطلاقا من التوجيه النبوي الشريف «لا تسرف وإن كنت على نهر جار». وأضاف: «تم استبدال 25 ألف مصباح كهربائي بأخرى مرشدة للطاقة، وذات حرارة منخفضة وعمر افتراضي أطول، ونجم عن ذلك توفير 80 في المائة من الطاقة الكهربائية اللازمة للإضاءة، وتم التوجه نحو الإحلال المتدرج للسلالم الكهربائية الحالية بأخرى مرشدة للطاقة». وكان علماء ومفكرون من أنحاء العالم الإسلامي قد قدموا عدة مقترحات في مؤتمر الإسلام والبيئة لجعل المدينةالمنورة ومكة المكرمة بيئة آمنة وخضراء، وهو المؤتمر الذي نظمته المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «إيسيكسو» أخيرا في العاصمة التركية استانبول، ووجه فيه المشاركون من خلال أحاديثهم ومداخلاتهم رسالة قوية بأهمية العمل المشترك لمواجهة ظواهر التغيرات المناخية وتوعية المجتمعات بضرورة الشعور بحجم المشكلة. الإسلام والبيئة يتطرق رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوي إلى الركائز الثمانية التي يقوم عليها الدين الإسلامي لرعاية البيئة، موضحا أنها تشمل التشجير والتخضير، والعمارة والتثمير، والنظافة والتطهير، والمحافظة على الموارد، والحفاظ على صحة الإنسان، والإحسان إلى البيئة والمحافظة عليها من التلف، وحفظ التوازن البيئي. لكن مفتي مصر الدكتور علي جمعة يؤكد أن المسلمين قادرون على تطبيق الخطة الإسلامية للبيئة، لاحتوائها على برامج ضمن مبادئ وقيم الإسلام، مضيفا: «إن الاهتمام بثقافة البيئة قيمة موجودة في ديننا، لكنها تحتاج إلى نشر عن طريق مناهج التعليم، والإعلام بكل وسائله، إضافة إلى الموعظة عن طريق المساجد والتنبيه على أهميتها». ورأى الدكتور جمعة أن القضية تحتاج إلى تعود لتطبيق هذه الثقافة التي هي أصلا في عقلية ونفسية المسلم، لكنها تحتاج لمن يساعده في إبرازها بطرق متعددة، مشيرا إلى أهمية تحقيق تلك المبادئ، داعيا إلى صياغة البرامج الواقعية. ويطالب مفتي فلسطين رئيس الهيئة الإسلامية العليا الشيخ عكرمة صبري المجتمع الدولي على جميع المستويات تجريم إسرائيل لاستخدامها الأسلحة المحرمة دوليا كالأسلحة الفسفورية والبيولوجية، والأسلحة الفتاكة لأنها من أشد الأخطار على البيئة، مضيفا: أن ما تعانيه الأراضي الفلسطينية من عنجهية المحتل يجعل الحديث عن أخطار الأوزون آخر اهتمامات الشعب الفلسطيني، خصوصا إذا عرفنا أن البنية التحتية الأساسية غير متوفرة كشبكات الصرف الصحي، وأكد أن تطبيق الأنظمة البيئية الفاعلة يحتاج إلى تعاون دولي وتكاتف لتطبيقها، وميزانيات ضخمة. ويؤكد عضو مجلس اللوردات البريطاني المسلم محمد شيخ أننا نستطيع توجيه المسلمين في كافة أنحاء العالم لتطبيق تعاليم ديننا الإسلامي ونظرته المتطورة، من خلال قيمه السامية في الحفاظ على بيئة آمنة وخضراء. ثقافة البيئة في حين يعبر رئيس المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية والمدير التنفيذي للمنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية الدكتور عبد الرحمن العوضي عن قلقه من تطبيق المسلمين للخطة التي تم اعتمادها في المؤتمر، مبررا ذلك بغياب التسويق لمثل هذه الأفكار ودور الإعلام في الاهتمام بنشر ثقافة البيئة.. وفي الوقت الذي يحمل فيه أستاذ القانون في جامعة الإمارات الدكتور نجيب عبد الوهاب الإعلام مسؤولية نشر ثقافة قيم الإسلام في مجال البيئة، فإن وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت الدكتور مطلق القراوي يرى أهمية ترجمة الإستراتيجية الإسلامية للمحافظة على البيئة وتفعيلها إلى برامج وطنية، ومشاريع تعمل عليها المؤسسات ذات العلاقة، مشيرا إلى أن أولى الخطوات تطبيق شبكة لتبادل المعلومات البيئية.