1341 كدادا في قبضة هيئة النقل خلال 19 يوما    تحذيرات من تصعيد نووي وسيناريوهات لتسليح أوكرانيا بصواريخ توماهوك    قطر إلى كأس العالم 2026 بالفوز على الإمارات    محافظ الطائف يكرّم لاعبي ولاعبات مركز الصم بالمحافظة    "جمانة" تحقّق ميدالية برونزية مع المنتخب السعودي في البطولة العربية المدرسية لكرة القدم    صدور رواية نبية وبيوت الموت للأديبة والفنانة التشكيلية سعاد عسيري    القبض على (7) إثيوبيين في عسير لتهريبهم (120) كجم "قات"    حزمة كبيرة من المساعدات السعودية تصل غزة    تشكيل منتخب السعودية أمام العراق في الملحق الآسيوي    53.4 % قفزة في فائض الميزان التجاري السعودي خلال يوليو    رئيس سوريا يزور روسيا يوم غدٍ الأربعاء    القبض على مصريين وباكستانيين لاستغلالهم الرواسب في مكة    بلدية محافظة صبيا تواصل تنفيذ أعمال حجر الحماية بمدخل عبارة "طناطن"    انخفاض واردات الهند من نفط روسيا بنسبة 8.4%    محافظ تيماء يستقبل مدير المعهد الصناعي الثانوي وفرع الكلية التقنية بتيماء    إنفانتينو يهنئ منتخب كاب فيردي على تأهله للمرة الأولى لكأس العالم    بيئة العمل في المصانع السعودية نحو التحول الرقمي    ختام الآيات ومناسباتها وعلاقتها بما قبلها    أمير الشرقية يصدر قراراً بتعيين البقعاوي محافظاً للنعيرية    أمير حائل يطلع على برامج وخطط جمعية إعمار    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يرأس اجتماع اللجنة الدائمة للحج والعمرة    مجلس الشورى يعقد جلسته العادية السادسة من أعمال السنة الثانية للدورة التاسعة    مجلس الوزراء: تعديل نظام مهنة المحاسبة والمراجعة    تجمع الأحساء الصحي يواصل حملة «التبكيرة خيرة» للكشف المبكر عن سرطان الثدي    الملك فهد الجامعي" يفعّل اليوم العالمي للصحة النفسية تحت شعار "لتصل لذاتك"    تجمع الرياض الصحي الثاني يستقبل أكثر من 470 متدربًا ومتدربة في برامج البورد السعودي    امير القصيم يزور محافظة رياض الخبراء    أمين العاصمة المقدسة يرأس الاجتماع الثالث للجنة الأعمال البلدية والبيئية لتعزيز التكامل التنموي بمكة    أمانة نجران : أكثر من 1700 جولة خلال أسبوع لمكافحة الحشرات    تعليم جازان يتصدر ب 10.8% من المدارس الحكومية المتميزة على مستوى المملكة.    محمد بن سلمان رجل السلام    المملكة تتضامن مع أسر ضحايا حادث شرم الشيخ    «الأرصاد» : حالة مطرية خلال نوفمبر بمعظم المناطق    رئيس جامعة الملك سعود يدشن الدورة الخامسة.. بدء الترشيح لجائزة «جستن للتميز»    «فلكي» يوضح أسباب الاختلاف في موعد دخول الوسم    فيروسات الإنترنت وبرامج التواصل الاجتماعي    رينارد: مواجهة المنتخب العراقي الأهم في حياتي    الهلال يحتاج إلى وقفة تقويم    أكد أن الظروف الحالية تشجع على التسويات السياسية.. عون يدعو للتفاوض مع إسرائيل لحل القضايا العالقة    تخريج أطباء سعوديين من برنامج «القيادة المتقدمة» بأوتاوا    برعاية وزير الداخلية وبمشاركة 40 دولة ومنظمة.. مؤتمر الإنتربول يناقش مستقبل العمل الشرطي    ماجد الكدواني بطل «سنة أولى طلاق»    الجيش السوداني يتصدى لهجوم على الفاشر    إطلاق كائنات فطرية في محمية الوعول    الكلمة الطيبة.. محفّزة    بدعم من القيادة الرشيدة ..مرحلة جديدة نحو المستقبل.. السعودية تتسلم رسميا راية «إكسبو 2030 الرياض»    «التخصصي» يعزز ريادته في العلاجات الجينية    الإفراط في استخدام الشاشات يضعف التحصيل الدراسي للأطفال    التهاب المفاصل.. أهمية التشخيص المبكر والعلاج المناسب    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 67,869 شهيدًا    المدينة تحتضن ملتقى علمياً لمآثر شيخ الحرم ابن صالح    كوزمين: قادرون على تجاوز قطر    الصقر رمز الأصالة    النصر يخسر ودية الدرعية بهدفين    الوطن أمانة    أمراض الراحة    رئيس جمعية حقوق الإنسان يستقبل وفد هيئة حقوق الإنسان    «الحياة الفطرية»: إجراءات شاملة لصون الطيور المهاجرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن ادعاء وركاكة عدنان إبراهيم أتحدث
أن تكون ركيكاً ويخيل لك ولمعجبيك أنك عبقري (1)
نشر في عكاظ يوم 10 - 12 - 2016

سأضع عدنان إبراهيم الذي يتوهم – ومعه المعجبون به – أنه مفكر عظيم الوقع وفيلسوف جليل الخطر وعالم موسوعي عظيم الشأن على محك النقد، وسأظهر – وأنا أضعه على هذا المحك – أنه ليس أكثر من داعية وواعظ ديني، حسن الاطلاع، حاد الحفظ، مستظهر في معلوماته وآرائه لا مستبطن، وأن آراءه وأن آليته في الفهم والنظر لا تخلو من الضعف والسذاجة والركاكة والسطحية والادعاء الفج، مع أنه رجل مزهو بمعلوماته وآرائه وطريقة فهمه إلى حد التيه والغطرسة والعجرفة. وسأختار موضوعاً رئيسياً، لإظهار ذلك، كان حرياً به أن يعرف صميمه ويحيط بأبعاده، لأنه قد تربى عليه، ويعد هو من أبنائه، والموضوع هو موضوع عام، سيكون إدراكه واستيعابه سهلاً على المتعلمين على اختلاف منازلهم ومراتبهم من الثقافة العامة، لكثرة ما كتب فيه وعنه، ألا وهو موضوع الصحوة الإسلامية وتاريخها والثقافة الاسلامية بواقعها المعاصر، وبمعناها التقليدي.
في برنامج (صحوة) الذي أعده وقدمه الزميل أحمد العرفج في قناة (روتانا خليجية) في شهر رمضان الماضي، والمخصص لأحاديث عدنان إبراهيم في موضوعات يطرحها عليه المعد والمقدم، وكان أحد الموضوعات، كما حددها عنوان الحلقة (إلى أين أخذتنا الصحوة؟!)، طلب الزميل أحمد العرفج منه في البداية تعريف الصحوة وتعريف التجديد وسأله عن الفرق بينهما. فراح يعرف كلمة الصحوة في اللغة. ثم بعد ذلك قال: «الحقيقة أن الأمة لم تكن ميتة. هذه الأمة لا تموت. هي أمة خالدة بإذن الله تبارك وتعالى. قد يحدث لها نوع من التقاعس، نوع من الخمول، لكن هل نامت الأمة؟! الأمة لا تنام. الجيل لا ينام. الفرد هو الذي ينام. الأمة لا تنام هي دائماً مستيقظة. ربما هنا بعض الخطأ الضمني العميق الذي اعترى الصحوة والذي انتهى بها إلى مآلات ربما أنها لم تقدّر أنها ستنتهي إليها».
تتضمن إجابته هذه ركاكة منهجية وضعفا في المعلومات. فضلاً عن أنها بتجلببها بمسوح التقوى والورع الديني غير دقيقة من الناحية اللغوية، فالموت ليس نقيض الغفوة والنوم، وهي غير صحيحة من الناحية العلمية والتاريخية، فالأمم والقوميات والمجتمعات والشعوب، من الممكن أن تذبل وتتدهور وتضمحل وتنحط وتغط في سبات عميق في كل شؤونها وعلى مختلف الصعد والمستويات، وكون الأمة في نشأتها وتكونها وصعودها قامت على أساس ديني، فإن هذا لا يعصمها من التعرض إلى ما ذكرناه، وتاريخ العرب والمسلمين يشهد بذلك.
إن كلمات من مثل إحياء وبعث أو انبعاث ونهضة ويقظة وتجديد هي ترجمة عربية مصطلحات أوروبية تستعمل في تقسيم عصور الأدب والفن والعلم في أوروبا، واستعملت أيضاً في تقسيم عصور الأدب العربي، فعصر الإحياء أو البعث عند الدارسين العرب تحدد بدايته في لبنان المسيحي مع المنتصف الثاني من القرن التاسع عشر، وتحدد بدايته في مصر منذ فترة حكم الخديوي إسماعيل. وعصر النهضة والتجديد تحدد بدايته عند بعض الدارسين منذ ثورة 1919 في مصر، وينتهي مع ثورة 1952. وعصر الإحياء والنهضة في تقسيمهم تلا عصر الانحطاط الممتد من سقوط بغداد إلى بدايات المنتصف الثاني من القرن التاسع عشر. وتستعمل كلمة اليقظة بوصفها مرادفاً لكلمة النهضة، فيقال اليقظة العربية، ويقصد بها استفاقة العرب على وعي قومي. وتتمثل اليقظة العربية في اتجاهات وحركات سياسية مقاومة للعثمانيين وكفاح المستعمرين الغربيين. ويقال حيناً اليقظة الإسلامية. وهذا التعبير يتعدى العالم العربي إلى العالم الإسلامي، ويقصد به حركات علمية وحركات سياسية اجتماعية، قامت ونادت بالتجديد بمعناه الديني، سواء أكانت هذه الحركات منغلقة على إسلامها أو منفتحة على العصر.
واليقظة الإسلامية Islamic awakening هي في أصلها تعبير يستعمله المستشرقون والدارسون الغربيون وحركة الإخوان المسلمين مشمولة عندهم بهذا التعبير.
وقد برز مصطلح الصحوة – الذي هو من مرادفات كلمة يقظة – وارتضاه الإسلاميون اسماً لحراكهم ونشاطهم الدعوي والسياسي والاجتماعي والفكري في العالم العربي في ثنايا سبعينات القرن الماضي، وكانوا قبل هذا العقد، لا يتسمون بهذا الاسم.
وإذا كان مسلمو القارة الهندية يستعملون تعبير البعث الإسلامي – الذي هو أيضاً في أصله تعبير غربي - اسماً لحراكهم ونشاطهم الدعوي والسياسي والاجتماعي الفكري، ويستعملونه في عناوين كتبهم وفي عناوين فصول منها، واسما لمجلة ذائعة عند الإسلاميين الهنود والإسلاميين العرب، فإنه مما يلحظ أن الإسلاميين العرب يتحاشون استعمال ذلك التعبير، يتحاشونه ليس لأنهم لا يريدون أن يتشبهوا بحزب قومي علماني، هو حزب البعث العربي، وإنما لتحرج ديني، منشأه فهم حرفي للمعنى الديني الاصطلاحي لكلمة بعث.
لعل القارئ بعد هذا الشرح البسيط يلمس بوضوح أن إجابته التي تكلف فيها تعريف كلمة الصحوة لغوياً، وتفلسف فيها على غير هدى، كلام فارغ صادر عن شخص متعالم. والأدق في وصف ما تفلسف به حول تسمية الصحوة، هو أنه كلام ساقط، فهو بأسلوب ناعم ورقيق عاتب الإسلاميين على تسمية حركتهم بها، لأنه رأى فيها «بعض الخطأ الضمني العميق»، وكأنهم هم الذين اخترعوها أو سكوها!
ولأنه حبس نفسه ببروز تسمية الصحوة خلال عقد سبعينات القرن الماضي، فلقد اعتقد أن الصحوة – كما قال – «ظهرت في سبعينات القرن العشرين بعد المتنفس الكبير الذي أتاحه المرحوم الرئيس السادات – رحمة الله عليه - والذي سقط شهيداً أو ضحية بسبب هذه الحرية التي أتاحها». وعقد سبعينات القرن وبخاصة أواخرها – كما هو مشهور – هو لحظة صعود الصحوة وانتشارها في العالم العربي، أما ظهورها في بعض بلدان المشرق العربي، فيؤرخ له بعقدي ثلاثينات القرن الماضي وأربعيناته. فهو قد خلط هنا بين تاريخ التسمية وتاريخ الحركة التي حملت تسميات متعددة في مسيرتها التاريخية. ونلمح في استرساله في تلك الإجابة أنه كان خافياً عليه أن تسمية الإسلام السياسي هي تسمية غربية متأخرة للحركة الإسلامية، وهي التسمية التي سبقت بسنوات قليلة تسميتها في كتابات الغربيين بالأصولية والإحيائية، والتسمية الأخيرة لا تنطبق عليهم، وإنما تنطبق على العصر الذي أشرنا سلفاً إليه، فالإحيائيون، هم أعلام في اللغة والأدب، مسيحيون ومسلمون، تلتهم أجيال اهتمت بإحياء اللغة العربية الكلاسيكية والأدب العربي، وعنيت ببعث التراث العربي بمفهومه الشامل. وهؤلاء لم يكن بينهم على مدى أكثر من قرن، نفر من الإسلاميين. ولم يسلم عدنان إبراهيم من الوقوع في الاضطراب والتناقض في تحديده لظهور الصحوة في سبعينات القرن الماضي، ففي حديثه عن تاريخ الصحوة في السعودية، قال عنها: «بدأت تتجلى في مظاهر شتى في ثمانينات القرن العشرين تقريباً، مع أن لها جذورا لها 20 سنة على الأقل. على إثر الإصلاحات التي أدخلها المرحوم الملك عبدالعزيز، وهي إصلاحات جذرية وجادة، وبدأت تتشكل ردود فعل عليها تمتح من المعين والتصورات والأعراف التقليدية». أي أنه مد جذورها إلى سنة 1960، أي عهد الملك سعود وليس الملك عبدالعزيز كما ظن. الاضطراب والتناقض الذي وقع به هنا أنه جعل تاريخ الصحوة في السعودية أقدم من تاريخ الصحوة في بقية البلدان العربية، مع أنها ليست سوى صدى ورجع لفكر حركة الإخوان المسلمين، وفكر الجماعة الإسلامية الهندية، وقد نشأت بتأثير وتبشير مباشر من هاتين الحركتين. وجذور الصحوة في السعودية أقدم من التاريخ الذي ذكره، فتاريخها بدأ قبل منتصف القرن الماضي ومطلع خمسيناته. ولقد ظلت ضعيفة طوال عقود طويلة إلى أواخر سبعينات القرن الماضي ومطلعه. ومما يسع تقريره بهذا الصدد أن صعود الصحوة الإسلامية وانتشارها في العالم العربي، قد تم في لحظة زمنية متزامنة.
وكلامه الأخير لا أصل له، فتاريخ الصحوة في السعودية لا صلة له بإصلاحات الملك عبدالعزيز، وردود الفعل الدينية والتقليدية المحافظة المنكمشة والمتزمتة إزاء إصلاحاته، لا علاقة لها بتاريخ الصحوة ولا بمسيرتها.
قال له الزميل العرفج: حدثت حركة جهيمان والثورة الإسلامية في إيران وحدث مقتل السادات تقريباً في عام واحد، وسأله إن كانت هذه الحوادث خدمت الصحوة أم أنها أفشلتها؟
وقصر إجابته على إعطاء رأيه بحركة جهيمان والحديث عن أثرها، فقال: «بلا شك هي ألقت بظلال كثيفة على مسار الصحوة، أي في المملكة مثلاً، حركة جهيمان العتيبي مدعي المهدوية وجماعته، كان لها بعض التأثيرات – أستطيع أن أقول - السلبية، ربما قبل حركة جهيمان كان المسار العام في المملكة أقرب إلى روح الانفتاح والاعتدال، أليس كذلك؟ حتى إسلامياً في فهم الدين والتعاطي مع الدين. بعد حركة جهيمان أخذت الأمور منحىً آخر إلى حد ما.. نوع من التشدد، نوع من الانغلاقية».
هذه الإجابة إجابة هروبية؛ لأنه متحزب للثورة الإيرانية وللفكر الشيعي ولفكر الصحوة، وهي إجابة مدارية مماذقة، لأنه يتحدث في قناة يملكها أمير سعودي. وهي إجابة ناقصة وقاصرة؛ لأنه يجترئ على الخوض في موضوعات هو غير ممسك بزمامها.
*باحث وكاتب سعودي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.