بوتين: أشعر بالقلق من أن العالم يتجه نحو الحرب العالمية الثالثة    الأهلي المصري يعلن جاهزية كوكا لمواجهة بورتو في «مونديال الأندية»    القبض على شخص في عسير لترويجه (8,096) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي    أرامكو السعودية تدشن المركز الإقليمي للتنمية المستدامة للثروة السمكية في جزيرة أبوعلي    جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ضمن أفضل 100 جامعة عالميًا    جثمان الشاعر موسى محرق يصل اليوم والصلاة عليه غدًا    قرعة كأس السوبر تضع القادسية في مواجهة الهلال في هونغ كونغ    وفد وزارة الرياضة يدشن مشاركته في برنامج التبادل الشبابي بالمملكة المغربية    بعد الفوز بصعوبة.. الإعلام الأمريكي يُشيد بقوة المنتخب السعودي    خطيب المسجد النبوي: التفكر في تعاقب الأيام سبيل للفلاح وميزان للربح والخسران    الاتحاد ينافس موناكو على ضم بوغبا    خطيب الحرم: محاسبة النفس دليل على كمال العقل وسبيل للفلاح    مدير تعليم جازان يكرم "افتراضيًا" الطلبة المتفوقين دراسيًا والمتميزين في الأنشطة المدرسية    اغبرة تغطي معظم مناطق المملكة    هبوط خام برنت    أمانة تبوك تنهي المرحلة الأولى من تطوير طريق الملك فيصل    أمير المنطقة الشرقية يؤدي صلاة الميت على والدة سعود العطيشان    تغير خطط سفر السعوديين أزمات العالم    الكونجرس : تحديث أسلحة أمريكا النووية الأكثر تكلفة في التاريخ    ما بعد الجينوم.. سيادة البيانات الحيوية    1200 كائن فطريّ في الطبيعة    أمير الشرقية: تسجيل مدينة الخُبر قفزة عالمية في مؤشر قابلية العيش تجسيد لدعم القيادة    هل ستدافع عن موظفيك؟    الأردن: إصابة طفلين وأضرار مادية جراء سقوط طائرة مسيّرة    الاحتلال يسابق الزمن لابتلاع «سبسطية» الأثرية..    تجريد المساحة وإعادة تركيب الذاكرة البصرية    خدمة الحجيج.. ثقافة وطن وهوية شعب    سجين العقل    الرياض على موعد مع انطلاق كأس العالم للرياضات الإلكترونية "2025"    مونديال الأندية .. الأهلي المصري يخسر أمام بالميراس بثنائية    مشاعر الحج    عشرة آلاف خطوة تقي من السرطان    زرع مثانة في سابقة عالمية    أمانة تبوك تنهي المرحلة الأولى من تطوير طريق الملك فيصل    أمير منطقة جازان ونائبه يزوران شيخ شمل محافظة جزر فرسان    أمير منطقة جازان يتفقد مكتب الضمان الاجتماعي بمحافظة جزر فرسان    صندوق الاستثمارات يطلق شركة إكسبو 2030 الرياض    الولايات المتحدة تقرر فحص حسابات التواصل الاجتماعي لجميع المتقدمين للحصول على تأشيرة طالب    وكيل وزارة الحج والعمرة يدشّن جائزة "إكرام للتميّز" لتحفيز مراكز الضيافة خلال موسم حج 1446ه    الهلال الأحمر وتجمع نجران الصحي "بمنطقة نجران يدشّنان حملة للتبرّع بالدم    شاشات تفاعلية ذكية في المسجد النبوي تُقدّم محتوى توعويًا وإرشاديًا ب23 لغة عالمية    دول «التعاون»: اعتداءات تل أبيب «انتهاك صارخ».. روسيا تحذر أمريكا من دعم إسرائيل    جامعة الملك فيصل ضمن" التصنيف العالمي"    " مركز الدرعية" يطلق برنامج تقنيات السرد البصري    حققت حلمها بعد 38 عاما.. إلهام أبو طالب تفتتح معرضها الشخصي    2.7 مليار تمويلات زراعية    الإطاحة بمروجي مادة الأفيون المخدر في تبوك    عريجة يزف نجله محمد    تسمية إحدى حدائق الرياض باسم عبدالله النعيم    وزارة الصناعة تشارك في معرض باريس.. السعودية تستعرض فرص الاستثمار في صناعة الطيران    لن نستسلم وسنعاقب تل أبيب.. خامنئي: أي هجوم أمريكي عواقبه لا يمكن إصلاحها    دعوات لتسريع تطبيق حل الدولتين.. إدانة دولية متصاعدة لانتهاكات الاحتلال في غزة    يوليو المقبل.. إلزام المنشآت الغذائية بالكشف عن مكونات الوجبات    العلاقات الأسرية تساعد الأطفال على النوم الهادئ    تعادل تاريخي للهلال أمام ريال مدريد في مونديال الأندية    ميكروبات المطاعم تقاوم العلاج بالمضادات الحيوية    أمير الرياض يوجه بتسمية إحدى حدائق العاصمة باسم "عبدالله النعيم"    أمير تبوك يزور الشيخ أحمد الحريصي في منزله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قانون الحماية من التحرش... متى يرى النور؟
نشر في أنباؤكم يوم 29 - 10 - 2013

عبر المئات من أفراد المجتمع السعودي في الأسبوع الفائت على «تويتر» عن استنكارهم واستيائهم الشديد منذ أولى لحظات تداول «مقطع جريمة التحرش في أحد مجمعات مدينة الظهران» حتى تجاوزت تغريداتهم أكثر من 300 ألف تغريدة في وقت قصير، ذلك التفاعل الكبير حصل لأنها حادثة جرى تصويرها وتم تداولها، وإلا فهناك الكثير من الحوادث التي لم تصور ولم يعلم عنها أحد، وكانت تنتهي بغصة في حلوق المعتدى عليهن وبنشوة حيوانية تافهة لدى الفاعل، ومثل هذه الحوادث العامة لا تمثل عدواناً وإجراماً في حق المعتدى عليهن، وإنما هي عدوان على المجتمع بأكمله، وجريمة تأخذ شكلاً عاماً، لأنها حدثت في مرفق عام يستخدمه الجميع، ما يجعل الكثيرين عرضة لذات الموقف، وترى العديد من الفتيات بأنه تعرض الفتاة في الأماكن العامة والمجمعات إلى التحرش بتنوع وتدرج درجاته من نظرة وتحملق مريب إلى حركة أو إشارة أو تلميح أو اعتداء جنسي بالقول أو الفعل، وتعرضها للمعاكسة والملاحقة وخدشها بالألفاظ النابية وطلب رقمها عنوة أو إملاء رقمه عليها بات مشهداً متكرر الوقوع، هكذا يكون الحال وما هو قد أسوأ حينما تغيب لغة القانون، ويأمن المتحرش بذهنيته البذيئة من طائلة المحاسبة والمعاقبة، فلا جزاء يردعه ولا عقاب يمنعه! يحسب ألف حساب من مجرد التعدي والتجاوز على خط أبيض تطأه الأقدام والسيارات عند الإشارة المرورية، خوفاً فقط من التقاط كاميرا «ساهر»، لأنه يدرك أن عقوبة وغرامة مالية محدودة هي جزاء مخالفته، لكنه لا يأبه ولا حتى يساوره قلق وهو ينتهك كرامة إنسان في صورة تجسد مستوى البهيمية والانحطاط الأخلاقي وحجم الإهانة والاحتقار، فأي مصير رادع قد يحدث به نفسه؟ الجواب: هو لا شيء، ونحن حينما نتحدث ونطالب بضرورة سنّ قانون للتحرش يتعين علينا قبل كل شيء التأكيد على مقدمتين رئيسيتين، أولهما: أن من الضروري في الدولة الحديثة أن توجد كل القوانين والتشريعات لحماية المجتمع وأفراده، وحفظ حقوق الناس وكرامتهم، لا أن يكون التشريع والقانون مرتهناً بوجود ظواهر اجتماعية قل أو كثر متضرروها.
ثانيهما: أن وجود حالات التحرش في المجتمع لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يكون مبرراً أو ذريعة في منع مشاركة المرأة طبيعياً في المجتمع، ومنعها من أن تعمل وتدرّس وتخرج وتسافر وتقود سيارتها، وأن تشارك وتختلط في ميادين الحياة كافة، كل ذلك هو حق طبيعي لها، والتعدي على ذلك هو الجريمة التي يجب الالتفات لها والمحاسبة والمعاقبة عليها، فالذي يحمي النساء من التحرش هو القانون وليس تغييبها من الحياة العامة، هو إدانة ومحاسبة المجرم المعتدي، وليس لوم واتهام الضحية والمجني عليها والتحجج بكل وقاحة بلباس وغيره، القضية هي أن يكون كل مكان آمناً أصلاً لكل فرد، لا أن نفصل الأمن بوقت معين وزي معين وأجواء معينة، ومن يبرر التحرش بهذا المنطق يقدم منطقاً عاماً لتبرير الجريمة في المجتمع، فلماذا نلوم من يسرق أموال الآخرين؟ إنه فقير لم يستطع مقاومة إغراء وغريزة حب المال، ولماذا نلوم من يسرق سيارة فارهة؟ إنه تمنى مثل هذه السيارة لكنه حرم من اقتنائها، فلما رآها أمامه لم يستطع مقاومتها فسرقها!
إن مما يجهله الكثيرون ربما هو أن مجلس الشورى أعد مسودة نظام لحماية المرأة من التحرش من عدد من الأعضاء والقانونيين في العام 2008، وذلك بعد الاطلاع على الأنظمة والتشريعات التي تعنى بمكافحة التحرش الجنسي في عدد من الدول، وتضمنت مواده تعريف التحرش بنوعيه والحالات التي تدخل في نطاقه، ومسؤولية صاحب العمل ودوره في منع وردع أفعال التحرش التي قد ترتكب في جو العمل، وتحديد الجهات المختصة بالنظر في أفعال التحرش وتحديد عقوباته بالسجن والغرامة، وعرف «التحرش في مادته الأولى بأنه كل قول أو فعل أو إشارة أو اتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على الرغبة في الإيقاع الجنسي بالطرف الآخر أو إهانته أو استفزازه أو تحقيره بسبب جنسه أو مجرد خدش حياء الأذن أو العين».
واقترح بعض الأعضاء حينها أن يلحق بالنظام وضع وسائل كالكاميرات في أماكن العمل والمكاتب والممرات والمصاعد وغيرها، ووضع تحذيرات بوجودها حتى يصعب حدوث أي تصرف مسيء، وأثار هذا المشروع استفهامات عدة منذ بداية طرحه وعلى مدى أكثر من عامين ونصف العام، بدءاً من تعالي عدد من الأصوات داخل المجلس وخارجه، بأن المشروع مرفوض باعتباره تشريعاً لبيئات عمل مختلطة!
وانتهاءً بتجميده واختفائه من دون مناقشة حتى أن نائب رئيس المجلس آنذاك أكد لإحدى الصحف المحلية وبصريح العبارة «أنه لا يعلم أين اختفى المشروع»، لنفاجأ بعدها بتصريح من رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية بأن المجلس دمج مواد مشروع نظام حماية المرأة من التحرش مع مواد المشروع الجديد «نظام الحماية من الإيذاء» الذي صدر أخيراً في خطوة كانت مؤشراً واضحاً على إجهاض وعدم قبول مناقشة المشروع الخاص بالتحرش، وبالاطلاع على النظام الجديد للحماية من الإيذاء والمنشور في موقع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، فإنه لم يتطرق إلى قضية التحرش إلا في شكل ضمني، وهو ما يعني ضرورة إصدار نظام مستقل ومتكامل بمكافحة التحرش، لقد بادرت النساء بكسر حاجز الصمت، وبدأن يتحدثن عن واقعهن وما قد يتعرضن له من إساءة وتحرش، فمتى نستجيب لصدى شكواهن، ونبادر بقانون للتحرش صارم ورادع لا يستثني أحداً، ويحقق الأمن ويضبط الشارع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.