اعتماد الإمام الاحتياطي في الحرمين    إنقاذ مريض توقف قلبه 34 دقيقة    الاتحاد السعودي يختتم موسمي دوري البراعم تحت 14 وتحت 13 عاماً    العلاقة بين المملكة وإندونيسيا    في الشباك    «هيئة الشورى» تحيل 26 موضوعًا إلى جدول أعمال جلسات المجلس للمناقشة    "وكالة الفضاء" تطلق جائزة على الابتكار للجهات غير الربحية    «التخصصات الصحية» تعتمد دبلوم تمريض العناية القلبية بتخصصي تبوك    تلاشي المخاطر الجيوسياسية في سوق النفط    التحذير من الشائعات والغيبة والنميمة.. عنوان خطبة الجمعة المقبلة    الرياض تحتضن مستقبل الطاقة العالمي    مستشفى الملك فهد بالمدينة يقدم خدماته ل258 ألف مستفيد    القيادة تهنئ رئيسي ملاوي وجزر القُمر    سوق العمل السعودي نهضة استثنائية    توزيع 1.200 سلة غذائية في السودان ل 8.874 مستفيدًا    بين التخزين والامتثال.. معركة الوعي في قلب المدينة    مسام ينزع 1.559 لغماً في أسبوع    صراع القيم هو ما ينتظر الشرق الأوسط مستقبلاً    تجربة جديدة لعمرو دياب في موسم جدة    صراعات الشرق الأوسط.. الرابحون والخاسرون ومنتظرو المكاسب    أمير الشرقية يشيد بجهود «مكافحة المخدرات»    تركي بن هذلول يلتقي قائد قوة نجران    بلانيس: «ميركاتو» العميد سيكون هادئاً    هداية تواصل الأثر.. 18 ألف مستفيد و100 مسلم جديد في يونيو    أمير حائل يدشّن مبادرة "أبناؤنا بعيون الصحة"    خطبة الجمعة القادمة عن التحذير من الشائعات والغيبة والنميمة    أحداث تاريخية وقعت في جيزان.. معركة الضيعة وشدا    تمكين الهمم يختتم عامه القرآني بحفل مهيب لحَفَظَة القرآن من ذوي الإعاقة    الشؤون الإسلامية في جازان تختتم الدورة العلمية في صامطة    الشؤون الإسلامية في جازان تناقش آلية تدريب الموظفين على الإسعافات الأولية    الأهلي يُعلن عن ودياته التحضيرية للموسم الجديد    المياه الوطنية تدعو عملاءها لتسجيل التوصيلات المنزلية غير النظامية    والدة المحامي حمود الحارثي في ذمة الله    ريال مدريد يكمل عقد نصف نهائي كأس العالم للأندية بثلاثية في شباك دورتموند    ترحيل السوريين ذوي السوابق الجنائية من المانيا    بلاستيك إلكتروني صديق للبيئة    495 مليار ريال حجم الاقتصاد الرقمي.. السعودية تتصدر مؤشر تنمية الاتصالات والتقنية    أكدت تمكينه وتوسيع أثره بالقطاعات الحيوية.. وزارة "الموارد": تنمية القطاع التعاوني للمساهمة في مستهدفات رؤية 2030    أوكرانيا تستهدف قاعدة جوية روسية    القيادة تهنئ رؤساء فنزويلا والجزائر وكابو فيردي ب"ذكرى الاستقلال"    ترمب يتولى الإعلان ويدفع نحو حل شامل.. اتفاق غزة الجديد يقترب    "الإيسيسكو" تبحث إنشاء منصات رقمية لتوثيق تراث المملكة    مسابقة لترشيح سعوديين ل«كأس العالم للحلويات»    يستعرض التطورات في المملكة خلال الأعوام الماضية.. «كنوز السعودية» بوزارة الإعلام تطلق الفيلم الوثائقي «الوجهة»    دعا لتجاوز خلافات الماضي.. المبعوث الأمريكي: فرصة تاريخية ل«حصر السلاح» في لبنان    ألف اتصال في يوم واحد.. ل"مركز911"    الرياض تستضيف مجلس "التخطيط العمراني" في ديسمبر    تطوير التعاون مع صربيا وإندونيسيا في النقل الجوي    "الداخلية": ضبط 17.8 ألف مخالف في أسبوع    قواعد جديدة منها إغلاق المنشأة وإلغاء الترخيص.. غرامات تصل إلى مليوني ريال للمخالفات البلدية    1334 حالة ضبط في المنافذ الجمركية خلال أسبوع    رابطة دوري المحترفين تتولى الرقابة المالية للأندية    محافظ صبيا يُدشّن حملة "لقمتنا ما تنرمي" للتوعية بأهمية حفظ النعمة في المناسبات    قطاع ومستشفى ظهران الجنوب يُُنفّذ "اليوم العالمي لمكافحة التدخين"    قطاع ومستشفى المضة يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي لسلامة الغذاء"    911 يستقبل 2.8 مليون اتصال في يونيو    الأمير جلوي بن عبدالعزيز يرعى حفل انطلاق فعاليات صيف نجران    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة النقل والخدمات اللوجستية بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دلالات فشل المثقف السياسي

أثبتت المتغيرات السياسية الأخيرة فيما يسمى الربيع العربي فشل نموذج المثقف السياسي. إذ في الدول التي تغيرت فيها القيادات السياسية بقوة الشارع، والتي غاب عن قرارها أو مواقفها المثقف! لم يبحث ذلك الشارع عن المثقف بقدر بحثه عن القيادات النزيهة
على مر التاريخ الإنساني، لم يتم تسجيل أية حالة كبيرة ناجحة لتحركات (المثقف السياسي) نحو السلطة. إذ وحتى من يذهب إلى استجلاب بعض الأمثلة الفردية الزهيدة للمثقف في الزي السياسي – أو هكذا يظن-، سيصطدم في نهاية المطاف بنتائج ذلك النموذج الصغير وفشله إجمالاً.
لقد أخطأ المجتمع حين هرول في لحظة ما إلى كوة المثقفين للاستنجاد بهم بعد إسقاطهم للرؤوس النفعية في بعض أنظمة الحكم، والتي تمكنت من سلب قوى اقتصادات شعوبها وبعثرة الأدوار التي كان من الممكن أن تلعبها تلك الدول في وقتِ ما. فالمثقف ليس هو ضالتهم بكل تأكيد. لكنهم (المجتمع) كانوا قد عشقوا المبادئ والأخلاقيات التي ينادي بها المثقف، وتاقوا إلى تطبيق ولو جزء يسير منها حينما كانت السلطة تعمل على تهميشه وإضعاف صوته، واستمتاعها باستجابته المحيرة في فترات قوتها وسيطرتها. لكن المثقف النبيل لم يفاجئ أحداً حين رفض الخوض في دهاليز السلطة. والذين قبلوا بالدخول سرعان ما انتكسوا على أعقابهم. فالسلطة في واقعها قسوة وتحايل وتبرير، ويتطلب الدخول إلى عالمها شخصية مختلفة تماماً عن شخصية المثقف. فالنفعية وطرح الاحتمالات وتدوير الكلمات وتمرير المواقف هي خصال أساسية من صفات السياسي. بعكس المثقف الذي عادة ما يسعى إلى تفعيل البرامج الإصلاحية والبحث عن التوليفات التوافقية والمبادرات السلمية، ولا يعتمد الواقع لتقييم المستقبل.
وقد أثبتت المتغيرات السياسية الأخيرة فيما يُسمى الربيع العربي فشل نموذج المثقف السياسي. إذ في الدول التي تغيرت فيها القيادات السياسية بقوة الشارع، والتي غاب عن قرارها أو مواقفها المثقف! لم يبحث ذلك الشارع عن المثقف بقدر بحثه عن القيادات النزيهة. وحيد المثقف - وربما بغير قصد - عن أي دور في أجندته السياسية المستقبلية. وعلى الرغم من ذلك شاهدنا تقافز بعض الموصوفين بالمثقفين نحو ساحات السياسة والسلطة. وقد كان أغلبهم على كراسي المعارضة في السابق. لكن عوامل كثيرة وضعتهم فجأة أمام الأمر الواقع. وبالتالي فقد كان عليهم الاختيار بين الإخلاص للمبادئ والأخلاقيات والمثاليات التي طالما صبها في يوميات المجتمع، وبين واقع السياسة الرهيب وشيم السياسي المتقلبة.
وقد مثلت الوجوه الثقافية في كل من بلدان المغرب وتونس ومصر واليمن الجزء الأكبر من اللوحة الرئيسية لما نحن بصدده بالنسبة للمثقف السياسي. الذي عانى كثيراً صراع ضمير ومبادئ المثقف ومهام السياسي وتقلباته وريبته. ونرى تركز الهجوم من قبل المرجعيات الفكرية على بعضهم البعض بطريقة هيستيرية تعبر عن حجم اللهث الذي كان عليه بعضهم، وقد صب ذلك بالطبع في صالح السياسي الذي كان يعلم ربما بما سيؤول إليه الوضع. وكذلك أيضاً فقد سمح هذا التراشق بظهور أنصار جدد لمدرسة التشكيك والتخويف والترهيب أحياناً والتي مارست دورها لصالح جهات بعينها داخلية كانت أم خارجية.
ومما يسرده التاريخ الإنساني البعيد والحديث أن المثقف حتى وإن فكر بانتهازية أحياناً حين تخذله الحياة والمجتمع فإنه يفشل، لأن ذلك ليس من شيمه فهو إذن سيسجل فشلاً ذريعاً كما حدث مع الروائي البيروفي (ماريو فاراغاس ليوسا) الذي حاول الدخول إلى عالم السلطة وفشل، على الرغم من الحب الذي يكنه له الشعب البيروفي أمام مرشح آخر اتهم فيما بعد بالفساد. ورفض محمود درويش مواصلة مشواره إبان مفاوضات أوسلو الشهيرة حينما قال: "إن الاتفاقية ستحول الضفة والقطاع إلى سجنين كبيرين لا أكثر...". وهذا دليل على تفكير المثقف السلبي باتجاه المصلحة الفردية الخاصة. ومن قبل فشل سعي (المتنبي) الذي كان حينها يمثل المثقف الانتهازي الباحث عن السلطة والمنصب.
كل ذلك يدل في الواقع على نزاهة المثقف أكثر من إدانته. إذ لو كان غير ذلك لرأيناه يتبوأ أعلى المناصب. فهل حُكم على المثقف أن يعيش ضمن إطار معين يتشكل من خلاله ويموت؟ أم أن ذلك خلل وقع فيه وقبله هو بشكل مرض لوضع قاس؟ أسئلة كثيرة من هذا النوع تجعلني أمام حالة غريبة وعجيبة جداً قد يغفل عنها الكثير ومنهم المثقف المعني بالأمر. فالمثقف الذي يفكر بفردانية لا يمكنه أن يعمل بفردانية أيضاً، فذلك يعني نهاية مأساوية وحتمية لكل ما أراده أو حُلم به. لكنه حين يبدأ العمل الجماعي تجده يفتقد للدور والموهبة القيادية، وهذا ليس خطأه بل إنه خطأ وضعف استجابة الآخر لما يريده المثقف، ويعني ذلك اختلال معادلة التكامل المفترضة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.