أزمة قانونية تلاحق ChatGPT    الأخضر السعودي يواصل استعداده للقاء ساحل العاج ودياً في جدة    بيع 41 طنا من التمور يوميا    248 ألف سعودي يعملون بالأنشطة السياحية    الذهب يواصل الصعود    حالة من الاستياء في سانتوس البرازيلي بسبب تصرفات نيمار    فهد المسعود ينضم إلى لجنة كرة القدم بنادي الاتفاق    أرقام الجولة الثامنة.. 20 هدف ونجومية سيلا سو ومشعل المطيري    الفتح يعود للتدريبات بعد الإجازة استعداداً لاستئناف دوري روشن    العراقيون ينتخبون برلماناً جديداً    الكنيست يصادق على قانون إعدام الأسرى وسريانه بأثر رجعي    الأخضر الصغير يخسر أمام مالي    الأخضر يواصل استعداده للقاء ساحل العاج ودياً في جدة    الفيلم السعودي.. قوتنا الناعمة الجديدة    دارة الملك عبدالعزيز تطلق ملتقى «تاريخ الحج والحرمين الشريفين»    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على إبراهيم البنيان    ارتفاع أسعار النفط وخام برنت يتخطى 65 دولاراً للبرميل    اتفاق حماس وإسرائيل بين الشك والتقسيم    أوكرانيا تنسحب من عدة قرى جنوبي البلاد    ملفات قيصر من جديد: سوريا تبحث عن التعافي بينما تعود ذاكرة الجرائم    ضبط شخص في الرياض لقيادته مركبته في المسارات المخصصة للنقل العام    "الشؤون الإسلامية" تعلن أوقات إقامة صلاة الاستسقاء بمدن المملكة يوم الخميس المقبل    منتدى TOURISE يعلن عن استثمارات ب113 مليار دولار لتسريع نمو قطاع السياحة العالمي    «سلمان للإغاثة» يوزع (1.293) سلة غذائية بمنطقة في بوركينا فاسو    مركز الحياة الفطرية: إدراج «الثقوب الزرقاء» و«رأس حاطبة» ضمن قائمة المحميات الوطنية يعزز الريادة السعودية في الحماية البيئية    أمير تبوك يطّلع على التقرير السنوي لأعمال فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    فرع "البيئة" بالشرقية يقيم دورة تدريبية عن "أساسيات الزراعة العضوية"    وزير الحج والعمرة يلتقي بأكثر من 100 وزير ومفتي ورئيس مكتب شؤون الحج ويحثهم على استكمال إجراءات التعاقد قبل 15 رجب    مجلس الوزراء: الموافقة على نظام حماية المؤشرات الجغرافية    القيادة تعزي رئيسة جمهورية سورينام في وفاة الرئيس الأسبق رونالد فينيتيان    "دله البركة" تعلن توسعات نوعية في منظومة خدمات الحج والعمرة بإضافة 400 حافلة جديدة وتجديد كامل لفندق "دله طيبة"    منصة إحسان تدعم جمعية الإعاقة السمعية بجازان بمشروع توفير الأدوية للمرضى المتعففين    الهيئة السعودية للتخصصات الصحية تعتمد برنامج جراحة الفم والوجه والفكين في تجمع تبوك الصحي    أمير الشرقية يكرم مدارس المنطقة بدرع التميز والاعتماد المدرسي    ب "رؤية ما لا يُرى".. مستشفى الملك عبدالله ببيشة يُفعّل اليوم العالمي للأشعة    قصيدة اليقين    الفقد والادعاء.. حين يساء فهم معنى القوة    تعليم الطائف يعقد الاجتماع الأول للجنة الشراكات والاتفاقات    «التواصل الحضاري» ينظّم ملتقى التسامح    النصر يتصدر بالمحلي    علامات تكشف مقاطع الفيديو المولدة بال AI    الديوان الملكي: وفاة وفاء بنت بندر    وعكة صحية تدخل محمد صبحي المستشفى    1.7 مليون دولار تعويضاً على تنمر النظارات    اللباقة السلوكية    تحت رعاية ولي العهد.. تنظيم المؤتمر العدلي الدولي الثاني بالرياض    يتباهون بما لا يملكون    تقديراً لجهودها في إبراز خدمات المملكة لضيوف الرحمن.. نائب أمير مكة يكرم وزارة الإعلام بمؤتمر الحج    ثمن دعم القيادة الرشيدة للقطاع.. العوهلي: 24.89 % ارتفاع توطين الإنفاق العسكري    إسرائيل تواصل غاراتها على جنوب لبنان    ممرض ألماني يخدر المرضى ليهنأ بليلة هادئة    موانع حمل للرجال (1)!!؟    خديعة القيمة المعنوية    أزمة الأطباء الإداريين    القصيم: فرع الشؤون الإسلامية يُتعامل مع 1169 بلاغًا خلال الربع الثالث    رجال أمن الحرمين قصص نجاح تروى للتاريخ    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. منح رئيس «الأركان» الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. رئيس هيئة الأركان العامة يُقلِّد رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في مولد الإمام
نشر في أنباؤكم يوم 09 - 04 - 2010


عبدالوهاب بن ناصر الطريري - نقلا عن الاسلام اليوم
هنا ولد الإمام؛ فهذه أرض أجداده وآبائه ومولده، وبساط طفولته ومدرج خطاه، هنا استنشق أول نسائم الحياة، واستقبل أول مراحل العمر، هنا قضى السبع السنين الأول من حياته .
تذكرت هذا الإمام وأنا أزور مسقط رأسه في منطقة ماردين بتركيا فكان لذكراه مذاق آخر.
تذكرت اتساعه المكاني وامتداده الجغرافي؛ فلا أعلم عالمًا في عصره أو بعده كانت الأمصار المتباعدة تجتمع عنده لتتحول أسئلتها إلى فتاوى بلدانية صارت كتباً باسم تلك البلاد، فهذه حماة، وواسط، وصفد، وتدمر، ومصر، ومراكش، وقبرص، وماردين ، وغيرها كثير، فتساقطت عليه المسائل من هذه الأقطار على تباعدها وتنوع مذاهبها ليكون علمه المرجع لهم جميعاً، فكان حاضراً في تلك البلاد النائية، يراجعه علماؤها على ما كان هو عليه في بلده من الحبس والتضييق.
أما اتساعه الزماني فقد ظل منذ سبعمائة سنة حياً حاضراً في كل المراحل الزمنية ما بين تعصب له وتعصُّب عليه، وبقي علمه حياً يتجدد في حياة الأجيال، بحراً غمراً يَرِدُونه، فكلٌّ يغترف حسب سعة إنائه.
وها نحن بعد سبعمائة سنة لا نعلم عالماً ظلت حياته وتراثه مَنْجَماً للباحثين والدارسين كهذا العالم، بحيث إنه قد صدر إلى الآن قرابة مائتين وخمسين أطروحة، ما بين رسالة ماجستير ودكتوراه، عن علم هذا الرجل، ولا يزال تراثه يتسع للمزيد.
أما ما كُتِب عنه من مقالات وبحوث ودراسات، فإن استقصاءه يتردد بين الصعوبة والاستحالة.
ثارت في نفسي هذه الشجون وغيرها وأنا في منطقة ماردين التي تقع فيها بلدته التي ولد فيها؛ حيث عُقد مؤتمر حضره جمعٌ من أقطار العالم الإسلامي، من موريتانيا مروراً بالمغرب وليبيا والسعودية واليمن والكويت وإيران وغيرها؛ ليتدارسوا فتوى كتبها الشيخ في نصف صفحة، ولا نظن أنها أخذت من وقته نصف دقيقة، فهو الذي عُرِف بسرعة قراءته وكتابته.
وأتى في هذه الفتوى بتقسيم مبتكر عن الدور؛ حيث وصف هذه البلد التي هي بلده الأول بأنها قسم آخر جديد وهي "الدار المركبة"، وكان هذا التقسيم المبتكر إحدى سطوعات عبقرية هذا الإمام.
وقد عُقد المؤتمر لمدة يومين في جلسات متوالية، تُطرح فيها أوراق العمل في دراسةِ وتدارُس هذه الفتوى. فأي عبقرية وحضور مدهش لهذا الإمام!
احتفَتْ جامعة ماردين بهذا المؤتمر الذي أقامه مركز التجديد والترشيد، وأذن لي شيخنا راعي المؤتمر بكلمة في حفل الافتتاح فتطايرت من ذهني كل الكلمات، ولم يبق إلا دَفْقٌ عاطفي تحدثت به أمام إخوتي الأتراك؛ تنفست فيها حُبًّا، وقلت: إن كانت مدينتكم تُظِلُّنا اليوم؛ فإن الخلافة التي امتد رواقها من أرضكم قد أظلتنا ثمانية قرون، إننا نأتي إليكم وفي قلوبنا خزائن من الذكريات الجميلة لهذا البلد وأهله، فنذكر آباءكم الذين اندفعوا في أوربا فقلبوا مواجهة الحروب الصليبية حتى ضربت قبضاتهم القوية على أبواب "فيينا" ، نتذكر آباءكم الذين ساحوا في أوربا فأنبتت مواطئ أقدامهم مآذن يُنادى عليها: الله أكبر.
نتذكر أن الله ادخر بشرى رسوله صلى الله عليه وسلم يوم بشر أمته أن مدينة هرقل (القسطنطينية) تُفتح أولاً؛ فكان آباؤكم هم الذين فتحوها.
وإن الدماء التي كانت تجري في عروق أجدادكم تجري في عروقكم، وإن العزة التي كانت تظلل رؤوسهم تظلل رؤوسكم.
أما منطقتكم "ماردين" فلها شكر مُضَاعَفٌ؛ فهي التي أهدت للأمة الإسلامية عبقرية علميةً إحدى تجليات عظمتها أن نجتمع بعد سبعمائة عام في مؤتمر علمي عالمي نتدارس فيه صفحة من علمها.
ولئن كنا نتذاكر عبقرية، إمام فقد كنا بحضرة إمام نقبس من هديه وعلمه ونور بصيرته، كنا في هذا المؤتمر في حضرة شيخنا العالم المربي الذي لا أعلم أني عَرَفتُ عالمًا له رسوخ علمي عميق وتنوع معرفي واسع كما عَرَفْته في هذا الإمام، وإذا كان عبقريُّ ماردين قد امتد علمه إلى الأمصار؛ فإن عبقري شنقيط قد حمل علمَه إلى الأمصار بهمة شبابية لم يعُقْها تقدُّم العمر ولا وهن الجسد، فهو الذي يتوثّب بعلمه بين القارات لِبَثِّ الروح في المجتمعات الإسلامية التي تعيش في الفضاء العالمي؛ ليشعل فيها وقدة الوفاء لدينها، وحيوية التفاعل مع مجتمعها.
ولقد كان هو مصدرَ الطاقة والحيوية للشباب الذين حضروا هذا المؤتمر، وكانت دعوته لهذا المؤتمر وقيامُه عليه واحدةً من مبادراته الكثيرة والمتوالية.
أما نتاج ذاك المؤتمر الحافل، وما دار فيه، فهو منشورٌ في هذا الموقع عبر الملف الخاص بهذه القضية.
رحم الله فتى ماردين شيخ الإسلام والمسلمين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية، وحفظ الله وبارك في شيخنا الإمام العلامة عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.