عبدالله ناصر الفوزان - الوطن الكويتية من زار معرض الكتاب الذي تُشرف عليه وزارة الثقافة لابد أن يكون قد لفت نظره جناح مخصص لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (غير مكتبها في المعرض المخصص للإشراف والرقابة) لا يوجد فيه ولا كتاب واحد، وعندما يلقي الزائر نظرة على هذا الجناح ليعرف ما الغرض من وجوده طالما أنه لا يضم كتباً وما علاقته بالمعرض، يجد أن الهيئة قد خصصت الجناح لتعريف زوار المعرض بأنشطتها، وعندما يتأمل الزائر في هذه الأنشطة ليعرف مدى علاقتها بمعرض مخصص للكتاب، يجد أن تلك الأنشطة التي يراد تعريف الزائر بها – تتركز حسب العرض كما بدا لي - في أمرين بارزين.. مكافحة تهريب الخمور والمخدرات، ومكافحة أعمال السحر والشعوذة.. وحينئذ سيعود السؤال السابق لذهن السامع ولكن بشكل أكثر حدة.. فما علاقة نشاط تهريب الخمور وأعمال السحر والشعوذة بمعرض الكتاب، وهذا السؤال سيتطور لسؤال آخر أكثر أهمية وإلحاحاً، وهو طالما أن هذا هو واقع جناح الهيئة الخالي من أي كتاب وطالما أن وزارة الثقافة هي الجهة المشرفة على المعرض وبالتالي فهي التي توزع مساحة المعرض إلى أجنحة وزوايا وتوزعها على المشتركين حسب تقديرها فلماذا أعطت الهيئة هذا الجناح الذي لم تضع فيه الهيئة أي كتاب وإنما خصصته لتعريف الزوار بنشاطها الذي كما يبدو في الظاهر لا علاقة له بالكتب..؟! لماذا طالما أن من الممكن تخصيص أجنحة للجهات التي ترغب في التعريف بنشاطها لا يتم تحديد أجنحة للتعريف بأنشطة جهات تتركز أنشطتها في خدمة الكتاب والعلم والمعرفة مثل الجامعات والمدارس والمطابع وغيرها من الجهات التي يتركز نشاطها في خدمة الكتاب وليس في مكافحة تهريب الخمور وأعمال السحر والشعوذة مثل حال الهيئة كما يفهم من جناحها..؟؟ بل ولماذا لم يسمح لبعض دور النشر بالاشتراك بعلة ضيق المساحة..؟ ولأن زائر المعرض لن يجد إجابة حاضرة على سؤاله فإنه سيلجأ إلى تفكيكه لعله ينجح في حل لغز وزارة الثقافة، إذ سيلفت نظره عندما يتأمل طريقة عرض الهيئة لنشاطها أنها بالنسبة لمكافحة الخمور والمخدرات اكتفت بإفادات مكتوبة بخط عريض على ورق مقوى مثبت في جدار الجناح أما بالنسبة لمكافحة السحر والشعوذة فقد وضعت صندوقاً زجاجياً صغيراً في مدخل المعرض عرضت بداخله نماذج لأعمال سحرية أبطلتها، وخصصت أحد العاملين فيها ليطلع الزائرين على هذه النماذج ويوضح لهم ما ينبغي معرفته حتى يعرفوها، وحينئذ سيبرز للزائر سؤال في غاية الأهمية قد تعينه الإجابة عليه في الإجابة على السؤال السابق وهو لماذا طالما أن الهيئة عرضت نماذج للأعمال السحرية لم تعرض نماذج لزجاجات الخمور طالما أن الغرض هو التعريف بالنموذج لتتم معرفته والحذر منه، فإذا كان المواطن السعودي غير ملم بنماذج الأعمال السحرية ومن المفيد تعريفه عليها حتى يعلمها ويحذرها فهو بنماذج وأشكال زجاجات الخمور ربما أكثر جهلاً ومن المفيد أيضاً تعريفه على تلك الأنواع من زجاجات الخمور ليعرفها ويحذر منها..؟؟ ولأن هذا السؤال مثل سابقه لن يجد زائر المعرض إجابة عليه، فلابد أن تتداعى الأسئلة بغرض حل اللغز الأساسي، إذ سيقول الزائر لنفسه هل يعقل أن تكون الهيئة هي التي فرضت نفسها وجناحها على وزارة الثقافة..؟؟ وهذا السؤال سيجد الزائر إجابة عقلية عليه إذا أن الإجابة ستكون بالنفي فلا يمكن القول إن الهيئة قد فرضت جناحها ولم تحتج لموافقة من الوزارة.. وإذن سيكون السؤال الثاني لماذا توافق الوزارة أو بمعنى أصح لماذا ترغب وتحرص على إيجاد جناح للهيئة لا يوجد فيه ولا كتاب واحد ولا يبدو للزائر أن له علاقة بالمعرض..؟ ثم لماذا كان الجناح الذي وافقت عليه الوزارة أو رغبت فيه على تلك الشاكلة نماذج فقط لأعمال سحرية (طريفة جداً) داخل صندوق زجاجي مغلق أشبه بصناديق بيع المقتنيات الذهبية والتحف الباهظة الثمن.. في حين لا يوجد نماذج لأنشطة الهيئة الأخرى..؟؟ لقد فكرت كثيراً ولم أجد إلا إجابة محتملة واحدة.. وهي أن الإخوة المسؤولين في وزارة الثقافة – معقل التوعية والتنوير - من الذين يخافون كثيراً من الحسد، ويعتقدون بخطر الشياطين المختبئة في صفحات بعض الكتب القادمة من الخارج، وحرصاً منهم على إنجاح المعرض وتلافي أضرار عيون الحاسدين وكيد الشياطين، وإدراكاً منهم بأن تلك النماذج السحرية التي أبطلتها الهيئة وروضتها سيكون لها تأثير فعّال في إغلاق عيون الحاسدين بالشمع الأحمر، والقبض على الشياطين من تلابيبهم وإخراجهم من مخابئهم وقذفهم خارج أسوار المعرض بعيداً حتى عن مواقف السيارات.. أقول من أجل هذا ربما فقد تقدم الإخوة المسؤولون في وزارة الثقافة للمسؤولين في الهيئة وخصصوا للهيئة ذلك الجناح ورجوهم أن يعرضوا فيه تلك النماذج السحرية أملاً منهم في إنجاح المعرض وحمايته من عيون الحاسدين وكيد الشياطين. وكنت أتمنى أن تلك الإجابة قد خطرت ببالي قبل خروجي من المعرض لأزور الإخوة في وزارة الثقافة في مكتبهم في المعرض (المجاور بالصدفة لجناح الهيئة) لأقدم لهم الشكر الجزيل على أفكارهم النيرة التي يستهدفون بها إنجاح المعرض، ولكن الإجابة مع الأسف لم تخطر ببالي إلا بعد خروجي من المعرض، وهاأنذا أقدم لهم شكري الجزيل، راجياً من الإخوة الزائرين الذين قد يقتنعون بإجابتي أن يقدموا شكرهم للمسؤولين في الوزارة مثلي، أما من لم يقتنع بإجابتي التي هي دون شك مجرد احتمال فمن حقه أن يتأمل ويحدد الإجابة التي يراها، أو يسأل قبل ذلك ويتحرى جيداً ويعبر عن موقفه بالطريقة التي يراها متوافقة مع ما يتضح له.. وقانا الله - بجهود وزارة الثقافة معقل التوعية والتنوير - حسد الحاسدين وكيد الشياطين قولوا آمين.