يبدو أن دغدغة إيران عبر حمَلها الوديع الإصلاحي "روحاني" لأميركا وبدء العلاقة الدافئة بينهما، التي أدت إلى التخاذل الأميركي أمام أزمة سورية ومجزرة الكيماوي، والتسامح مع نظام الأسد الذي بدت الآن راضية عنه بعد تخليه عن الكيماوي، وكأن موت المدنيين السوريين بالكيماوي يختلف عن موتهم بالرصاص والقنابل والدبابات! بجانب التخاذل أمام فرض العقوبات ضد إيران؛ بسبب تطوير برنامجها النووي، كل هذا يبدو أنه أثار الغيرة لدى الطفلة المدللة "إسرائيل"، ولم يجد نتنياهو سوى أن يسخر من ديموقراطية الإيرانيين، بعدم وجود حرية لديهم كي يرتدوا الجينز، هذه السخرية رد عليها الشباب الإيراني بسخرية ضد نتنياهو، بأنه لا يعرف شيئا عن إيران، وأنهم يرتدون فعلا الجينز مرسلين له صورهم به، حسبما نقله موقع "العربية نت". لكن يبدو أن "الجينز" الإيراني أصبح أحد المفردات السياسية الهامة للتراشق بين الإخوة الأعداء - أقصد بين إيران وإسرائيل - وكأن قضايا المنطقة الساخنة التي تعبث بها أصابع إيران غير موجودة، فلا يوجد كل يوم قتلى من الأطفال والمسنين والنساء في العراق وسورية، ولا لبنان تعيش على صفيح ساخن من التفجيرات، فيما اليمن تعيش مرارة القاعدة والتفكك السياسي، وكل هذا تغذيه إيران بوضوح أمام أعين العالم، فهل إسرائيل قلقة من أن تتحول إيران إلى دولة مدللة لدى أميركا بعد امتلاك النووي، وتسحب منها البساط! ولهذا يُذكر نتنياهو أميركا بمنع إيران ارتداء "الجينز" الذي هو أحد مكونات الثقافة الأميركية عبر السخرية! أم أن كل الحكاية كلام فارغ؟! وبعيدا عن العاطفة التي مع الأسف سببت نكبات العرب في منطقة الشرق الأوسط، فإنه بعد فشل المشروع الإخواني وسقوطه في مصر، وقد تم من قبل التخطيط له لأجل بدء مشروع الفوضى الخلاقة لتقسيم منطقة الشرق الأوسط، بدأت إعادة النظر في الحسابات من جديد من قبل دول العالم في المنطقة وفق موازين القوى، ولا أستغرب دفء أميركا مع روحاني، وهي تدرك جيدا أنه ونجاد وجهان لعملة واحدة، فإن تغير الرئيس الإيراني فالمرشد الذي يوجه نجاد هو من يوجه روحاني، ورئيس الدولة الإيرانية مهما كان إصلاحيا لا يملك قدرة الخروج عن أوامر المرشد، وإيران لديها مشروع فارسي في المنطقة، وسلاحها النووي الذي تطمح له يمثل خطرا على المنطقة والخليج بالذات، ولهذا علينا التفكير جديا في الخليج وفي السعودية بكيفية مواجهة تهديدات إيران النووية بشكل عملي كشأن خليجي وعربي، بعيدا عن العاطفة وعوائق الالتزامات الدولية، التي تتراخى أمام إيران حاليا، حتى لو وصل الأمر بنا إلى أن يكون لدينا أيضا سلاحنا النووي، ما دامت إيران على بعد عام من امتلاكه، ولم تنفع في إيقافها عقوبات دولية ولا معاهدات، فما الذي يمنعنا من اتخاذ قرار كهذا، رغم كرهنا للسلاح أيا كان؟! لكن سياسة "الجينز" واللغة الدافئة التي يحملها الرئيس الإيراني الإصلاحي لتحسين العلاقات مع الخليج، لا يمكن تصديقها ولا الوثوق بها؛ لأنه ومن قبله وجهان لعملة واحدة، هي المرشد الذي يكمل مسيرة من قبله، و"المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين"!