أبدى عدد من المواطنين استياءهم وتخوفهم من عمليات السرقة المنظمة التي استهدفت بعض أحياء مدينة الدمام خلال الفترة الماضية، وازدادت تلك المخاوف في الوقت الذي تتمتع فيه نسبة كبيرة من المواطنين والمقيمين بإجازة منتصف العام الدراسي نظرًا لقضاء البعض منهم إجازته خارج المنطقة، وارتفعت أصوات العديد منهم بالمطالبة بتكثيف الدوريات الأمنية بشكل مستمر خصوصًا بعد منتصف الليل وفي الإجازات الرسمية. إطارات وفي أقصى غرب مدينة الدمام وتحديدًا بحي ضاحية الملك فهد وجد المواطن تركي العنزي سيارته وقد سلبت منها جميع إطاراتها .. يقول تركي: استيقظت في ساعة مبكرة للذهاب إلى عملي، وتفاجأت بأن جميع الإطارات قد تمت سرقتها من مجهولين، خصوصًا أن حي الضاحية يفتقد التواجد الأمني المكثف، وتتفرق فيه البنيان بحكم أنه من الأحياء الجديدة، وتقدمت ببلاغ لدى الشرطة عن الحادثة، وأنا بتقديمي للبلاغ لا انتظر أن يعود ما تمت سرقته، ولكن لإخبار الشرطة بخطورة الوضع الحالي في حي الضاحية. ويضيف العنزي: الجميع يعلم أن هناك شباب يجوبون الحي لغرض التفحيط وأنا لا استبعد ضلوع أولئك الشباب في مثل هذه الجرائم، فهم يشيدون حلبات خاصة بإتلاف الإطارات سواء كانت إطارات سياراتهم الخاصة أو سيارات مسروقة، وللأسف لم تتمكن الدوريات الأمنية من السيطرة على تلك الظاهرة بالشكل المطلوب، لأنه يتم التنسيق بين أولئك الشباب ببعضهم عن طريق الأجهزة حال وصول الجهات الأمنية. ثلاثون ألفا المواطن مبارك القحطاني تعرض منزله ( تحت الإنشاء ) الواقع بحي ضاحية الملك فهد لسرقة مواد البناء بقيمة ثلاثون ألف ريال ولم يحصل على أي معلومة عن الجاني حتى الآن. يروي مبارك تفاصيل الحادثة ويقول: كعادتي في كل صباح أذهب لتفقد العمل في منزلي الذي أنشأه بحي الضاحية، ولاحظت آثار سرقة في المبنى واكتشفت سرقة كيابل النحاس الخاصة بالتمديدات الكهربائية وبعض مواد السباكة والتي قد كلفتني مبلغا وقدره ثلاثون ألف ريال، واتصلت بعمليات الشرطة للبلاغ عن الحادثة عدة مرات حتى استجابت العمليات لاتصالي وذلك في قرابة الساعة السادسة والنصف صباحًا، وفي الساعة التاسعة وصلني اتصال من الرقم الخاص بالشرطي المكلف لإعداد تقرير حادثة السرقة يطلب مني الموقع، وبعد أن وصل كتب المحضر وقال كلمات لا تزال عالقة في ذهني, قال: ( اعتبر هذه الحادثة أجر وكفارة ولن تجني فائدة، إنما هو روتين لا بد أن نعمل به) !! وعن التواجد الأمني بالحي قال القحطاني: جميع أحياء غرب الدمام تفتقد تواجد الدوريات الأمنية بين المنازل، ولا توجد سوى دوريات قليلة جدًا تتمركز عند مدخل الحي لرصد المخالفات فقط، كما أن الجناة لم يعودوا يهابون أو يخافون من إلقاء القبض عليهم، وأغلب حوادث السرقات يغلب عليها طابع الجراءة. وذكر مبارك ما وصله عن الجناة حيث قال: لم يعد السارق يسرق من أجل سد الجوع أو الحاجة، وحسب ما وصلني أن الجناة الفعليين هم عصابات شبابية تتوزع على الأحياء ولكل عصابة مساحة معينة تستهدف ما فيها من منازل ومتاجر وسيارات، وفوق ذلك فهم يتباهون فيما بينهم بتلك الأفعال الإجرامية ، ويغلب على تلك العصابات استخدام المخدرات واقتناء الأسلحة وكما وصلني أيضًا أن بعض آباء أولئك الشباب يتمتعون بوظائف مرموقة. وطالب القحطاني من الجهات المختصة بالاهتمام بالمواطن قبل كل شيء والحفاظ على استتباب الأمن وذلك بتكثيف الجولات الميدانية في كل حي وزيادة عدد الدوريات الأمنية، كما طالب بتفعيل ملموس لمتابعة البلاغات وعدم الاعتماد في عملية البحث على المواطن. تتركز السرقة في المدن عنها في القرى والأرياف نتيجة ضعف القيم والعادات والأعراف في المدن مقارنة بالأرياف التي عادة ما تكون فيها القيم والعادات هما المحك لتقييم سلوك أفرادها. حد السرقة تفعيل إقامة حد السرقة مطلب من مطالب المواطن حمد اليامي الذي قال: نعيش ولله الحمد في بلد آمن، ولكن لاحظنا في الفترة الأخيرة تزايدا في عمليات السرقة، وتواجد تجمعات شبابية تثير الشبهة في حي بدر من الفئة التي تعرف نفسها بالدرباوية، وهم مجموعة من الشباب المراهق ليس لهم أهداف محددة وليس لهم توجه سوى التجمعات المشبوهة لغرض الاستعراض، وللأسف تواجدهم يبعث بالمخاوف، خصوصًا في حي بدر. ويضيف اليامي: اليوم يسرق منزل جاري ولا أعلم متى سيأتيني الدور ، لأن الحكمة تقول ( من أمن العقوبة أساء الأدب ) وأنا أقول من أمن العقوبة تجاوز حدود الله وانتهك محارمه، فلابد من تطبيق عقوبات صارمة وأن لا ينتهي الأمر بخروج المجرمين بكفالة. توعية وأكد الدكتور فيصل العزام على أهمية التصدي لهذه الظاهرة من خلال تفعيل الجانب التوعوي وتفعيل الدور التكاملي بين جميع الجهات المعنية بالتربية والشباب. وقال العزام: أصبحت الإجازات توقيتاً مناسباً لقيام ضعاف النفوس بالسرقة, وللأسف إن هؤلاء هم من فئة عمرية غير ناضجة فكريًا بسبب ضعف الجانب التوعوي، فلا بد من استغلال أوقات الإجازات بإحياء البرامج المناسبة التي تستقطب أكبر عدد من الشباب وتفجير طاقاتهم، كما يجب دمج العينات في مجتمعات تربوية وثقافية لينهلوا من الأفكار الإيجابية. وطالب العزام من مسؤولي الجمعيات والمراكز بتكثيف الأعمال التطوعية وفتح المجال للشباب بالمشاركة والإعلان عن ذلك في وسائل الإعلام للرقي بأفكار شبابنا، وتسخير طاقاتهم نحو العمل الخيري. بحوث وذكر الأخصائي الاجتماعي تركي بن ملافخ العتيبي في دراسة أعدها بعنوان العلاقة بين العوامل الأسرية وانحراف الأحداث أن الانتقال الانحرافي سلوك يساهم في اتساع دائرة الانحراف والإجرام عن طريق استقطاب أفراد جدد وقال أيضًا : يعتقد أنصار نظرية الانتقال الانحرافي أن الانحراف سلوك مكتسب، إذ يتعلم الفرد الانحراف كما يتعلم فرد آخر السلوك الذي يرتضيه النظام الاجتماعي. ويستند أصحاب هذه النظرية في اعتقادهم إلى الفكرة القائلة إن مستوى الجرائم الحاصلة في قرية أو مدينة معينة تبقى لسنوات عديدة مستقرة ضمن نسبها المئوية؛ أي أن الانحراف إذا ظهر في بيئة اجتماعية معينة، فلا بد له من الاستمرار في تلك البيئة حيث يتعمق ذلك الانحراف في التركيبة الثقافية والاجتماعية للقرية أو المدينة، وينتقل الطابع الانحراف من فرد إلى آخر ثم من جيل إلى آخر دون أن يتغير الدافع الذي يؤدي إلى ارتكاب الجريمة لدى هؤلاء الأفراد. وبموجب هذه النظرية، يساهم هذا الطابع الإجرامي لمجموعة الأفراد المنحرفين في اتساع دائرة الانحراف والإجرام عن طريق استقطاب أفراد جدد، إذ يشبه رواد هذه النظرية ظاهرة الانحراف بآلة المغناطيس التي تجذب إليها نشارة الحديد فحسب، وتترك نشارة الخشب وذرات التراب، فعندما يدخل الفرد المؤهل للانحراف ضمن هذه الدائرة توزن نظرته الشخصية للقيم الاجتماعية التي يؤمن بها من جانب أفراد هذه المجموعة المنحرفة، وتقيم ثم توضع تحت الاختبار، وبعدها يصبح سلوكه الاجتماعي مرهوناً بالقبول من جانب المنحرفين، وعندما يتم ذلك تنقلب الموازنات الاجتماعية في تصوراته الجديدة، فيصبح عندئذ الانحراف اعتدالاً والاعتدال انحرافاً. وأجرى العتيبي دراسة عن التنشئة الأسرية وظاهرة العودة عند الأحداث المنحرفين، وهدفت الدراسة إلى التعرف على حالات العودة التي يتعرض لها الأحداث المنحرفين ومعرفة الأسباب المؤدية لها، وأشارت الدراسة أن هناك علاقة بين أساليب التنشئة والعودة للجريمة, ووجود علاقة بين الظروف الاقتصادية للأسرة والعودة للجريمة، كما توجد علاقة بين المشكلات الأسرية والعودة للجريمة، كما أن الانهيار الخلقي في الأسرة من العوامل المهمة التي تؤدي بالحدث إلى الانحراف ويقصد بالانهيار الخلقي انعدام القيم الروحية وفقدان المثل العليا واختلال المعايير الاجتماعية داخل المنزل، و يرى البعض أن الطفل ينفس عن العدوان المكبوت بداخله عن طريق مشاهدة العدوان على التلفزيون واظهرت دراستهم بأن الأطفال الذين شاهدوا برامج وأفلام عنف أظهروا درجة أقل من العنف والعدوانية من الذين لم يتعرضوا لها، كثرة عدد الأطفال في الأسرة تقلل من الرعاية والعناية والإشراف التي يحتاجها الأفراد من قبل الآباء مما يؤدي بالحدث إلى اللجوء إلى الشوارع والأمكنة العامة التي تؤدي إلى اختلاطهم بأشخاص منحرفين مما يساعد هؤلاء الأحداث على الجنوح نتيجة قلة الإشراف والرعاية على سلوك الأبناء وتوجيههم التوجيه الخلقي الديني الصحيح. وأضاف العتيبي قائلاً: ظاهرة السرقة من الظواهر الاجتماعية الخطيرة التي تهدد امن المجتمعات الإنسانية بشكل عام ومجتمعنا السعودي بوجه خاص حيث قد تتركز السرقة في المدن عنها في القرى والأرياف نتيجة ضعف القيم والعادات والأعراف في المدن مقارنة بالأرياف التي عادة ما تكون فيها القيم والعادات هما المحك لتقييم سلوك أفرادها لذا فإن المهتمين في مجال السلوك الإنساني يرون أن ظاهرة السرقة تزداد في المدن عنها في الأرياف ومن العوامل المسببة لوقوع الأحداث في مغبة السرقة أولا: التفكك الأسري: فقد أشارت بعض الدارسات أن هناك علاقة بين ظاهرة السرقة والتفكك الأسري نتيجة الطلاق, ثانياً: مستوى دخل الأسرة: حيث تبين من خلال بعض الدراسات أن هناك علاقة بين انخفاض مستوى دخل الأسرة وانحراف الأحداث، ثالثاً: انخفاض المستوى التعليمي، رابعاً: مستوى الذكاء: هناك علاقة بين انخفاض مستوى الذكاء وارتكاب الجريمة، خامساً: مستوى التدين، سادساً: وقت الفراغ.
