إن التغيرات التي يُحدثها الطلاق للأسرة، يُحتمل أن تحدث في جميع مجالات الحياة الأسرية؛ سواء الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو النفسية، بالإضافة إلى التغيرات التي تطرأ على علاقة الطفل بالوالدين، وذلك في فترة زمنية قليلة خلال ما بعد الانفصال، ونتيجة لذلك فإن تجربة الكثير من الأطفال تتمثل في أن كل جوانب حياتهم في الغالب في حالة تقلُّب متَّصل خلال فترة من الزمن، وكذلك في حالة عدم استقرار كما عرفوه من قبلُ، ونجد أن تلك التغيرات تحدث بطبيعة الحال داخل أسرة سليمة أيضًا، إلا أن هذه التغيرات تزود أفراد الأسرة السليمة بالتماسُك والاستقرار، والتغيرات التي يُحدثها الطلاق مثيرة للضغوط؛ لأن دور الحماية للأسرة قد تداعى، ولذلك فإن كل فرد داخل هذه الأسرة لا يشعُر بالتغير فقط، ولكنه يشعر بالتعرُّض لخطر أكثر تهديدًا بالأثر المُحتمل لتلك التغيرات. وللطلاق آثار سيئة كثيرة على النمو النفسي للطفل، من أهمها: تكوين مفهوم الذات السيئ، والمفهوم السيئ للوالدين أيضًا؛ مما يؤدي إلى إخلال نمو الشخصية، وضعف الثقة في النفس وفي الناس، وسيْطرة مشاعر القلق والتوجُّس وعدم الكفاءة، وانخفاض الطموح، وقلة الرغبة في العمل والإنجاز، وسوء التوافق النفسي والاجتماعي. كما وُجِد في الدراسات أن الأطفال الذين يعيشون مع أحد الوالدين، يَنتشر بينهم ضَعْف التحصيل الدراسي، وارتفاع معدَّلات القلَق والاكتئاب، وسوء التوافق مع الأسرة؛ حيث إن انفصال الوالدين بالطلاق يعوق النمو الذهني والتحصيل الدراسي عند الأطفال، كذلك فإن الاستعداد للقلق عند أطفال الأُسَر المتصدعة، أعلى منه عند أطفال الأُسر المستقرة؛ مما يعني استعدادهم العالي للاضطراب النفسي. ويستمر هذا التأثير السيئ للطلاق على حياة الأبناء في المديين القريب والبعيد: فبالنسبة للأثر القصير الأجل على الطفل، ذلك يترك الأطفال يكافحون عاطفياً، فالغضب والحزن هنا أمر طبيعي بغض النظر عن عمر الأطفال حتى وإن كانوا بالغين، وبالتالي الحزن يمكن أن يؤدي إلى العزلة، الشعور بالوحدة، الصعوبات الاجتماعية، وثمة تحدٍ هام آخر على المدى القصير هو أن الأطفال غالباً ما يعتقدون أنهم مسؤولون عن انفصال والديهم. أما بالنسبة للأثر الطويل الأجل يتحدد في أن قرار الانفصال يترك أثرا دائما في حياة الأطفال المتضررين منه، ومن المرجح أن يعاني الأطفال الذين يعيشون في منازل مكسورة العلاقة من ارتفاع معدل الإجرام، فشل زواجهم في المستقبل، الاكتئاب أيضا. لكن ليس الانفصال وحده هو الذي يؤدي إلى مثل هذه النتائج لدى الأطفال، إنما النزاع المستمر يحمل تأثيراً كبيراً كإحدى النتائج طويلة الأجل على الأطفال، فالفوضى التي تحدث جراء الخلافات المستمرة بين الطرفين يجب أن يتم وضع حدٍّ لها، فبغض النظر عما سيحدث، إن كان الانفصال أو الطلاق سيكون لهما أثر سلبي على الأطفال، إلا أن الصراع كلما طال زاد أثره على الطفل، وهذا الأمر متروك للوالدين لاتخاذ القرار فيه، إما إنهاء الخلافات أو الانفصال.