بحضور الروائية أميمة الخميس اختلف مساء «جمعية الثقافة والفنون» بالدمام الأربعاء الماضي، عن غيره من بقية الليالي، حيث تعدت الحكاية على حدود «شواطئ» المنطقة الشرقية وأتقن الشعر نقش القصائد المهداة على الأشرعة لأهل الشرقية، الذين يحملون «شغف المعارف»، الذي لا يندمل بداخلهم، معبرة عن سعادتها بهذه المبادرة، من «ديوانية رتوة الفكرية» إحدى المبادرات المجتمعية، التي قامت بها مجموعة من الثقافات. في البداية، قدمت الأمسية الدكتورة فاطمة الشملان مستعرضة سيرة الروائية الأديبة الخميس، التي بدورها أيضا طرحت في بداية «الأمسية» تساؤلات حول «الرواية التاريخية» و«الحكاية المضمرة» في داخل كل رواية تاريخية هناك رواية مقصاة ومغيبة، فهل الرواية التاريخية توثق التاريخ، أم هي تسرد التاريخ نفسه وإلى أي مدى يتاح للروائى تصنيع المادة الخام للتاريخ، وهو سؤال دائما يحدق ويتربص «بالرواية التاريخية»، مستشهدة بروايتها الأولى والوحيدة في كتابة التاريخ «رواية مسرى الغرانيق في مدن العقيق». وتساءلت الخميس من خلال محاور«الأمسية» متى تتقاطع الرواية مع التاريخ، ومتى تستقل برؤية مستقلة في حين أن «الرواية التاريخية» خطاب جمالي إنشائي. وتطرقت الروائية الخميس إلى بداية الرواية التاريخية ومؤسسها الكاتب والتر سكوت، وفي العالم العربي البداية كانت مع الكاتب فريد أبو حديد، وهي تتنقل بين المحاور مفصلة حال «الراوي» في العالم العربي والزمن الحاضر خاصة ومرحلة النضوج والتماسك الفني في ظل «الحراك الفكري» الذي شمل العالم العربي لإعادة قراءة التاريخ وإعادة علاقة القارئ به، وأشارت الخميس إلى أن وضع «الرواية التاريخية الحديثة» وخلوصها من «التنميط والنمذجة» بوجود طرح حول مصداقية التاريخ، واستنطاق «الحادثة التاريخية» فلا يوجد نص «نقي السلالة»، فكل نص هو نص جامع تقوم في أنحائه نصوص أخرى. ومن محور آخر، تتساءل الروائية الخميس عن تطابق «الرواية التاريخية» مع «التاريخ» وهل تتوازى معه، فالرواية تستقل بتاريخها الخاص الموازي والرسمي تاريخ المنتصرين والشخصيات الكبرى في المعارك، فتظل الرواية موازية للتاريخ وليست التاريخ نفسه، بل «بنية» تتخلل هذا التاريخ وتتبلور داخله. وتنتقل إلى سماع «كواليس وملامح» رواية «مسرى الغرانيق في مدن العقيق»، التي ولدت في وقت زمني وهو مطلع القرن الخامس الهجري زمن «الحقب»، تحمل بين سطورها تساؤلا عن العقل، والعلاقة بين المركز والأطراف مسترسلة بإيجاز واضح ينم عن إلمام بكل جوانب الثقافة التاريخية. وختمت الروائية أميمة الخميس «أمسية الأربعاء» مع رواية «مسرى الغرانيق في مدن العقيق» بالإجابة عن استفسارات الجمهور من الكتَّاب والمهتمين مبدية اعتزازها وامتنانها للدعوة، التى منحت للثقافة مظلة تصب جميعها في تيار الثقافة المحلية في وقتنا الحاضر باعتبارها عاملا تنمويا ونهضويا مهما ومطلوبا للغاية.