لم يكن مركز الحوار الذي تبنى خادم الحرمين الشريفين فكرته وانشاءه بالرياض، خلال قمة التضامن الإسلامي الأخيرة بمكة المكرمة، إلا توثيقاً لفكر دؤوب، يعمل من خلاله على لم شمل الأمة، ووقف نزيف الفرقة والاختلاف، بين شتى تياراتها. ولعل الترحيب الهائل الذي لقيته الدعوة، سواء من قادة العالم الإسلامي أو من جموع المسلمين، يشير بجلاء إلى التوافق الإسلامي حول أهمية الفكرة، خاصة في الوقت الراهن، الذي تعيش فيه الأمة أنواع التصنيفات الفكرية، وتعاني من تداعياتها السلبية التي نشهد آثارها بوضوح فيما يجري حولنا، وما يقوم به بعض المتنطعين أو المارقين، الذين لا يهمهم سوى خدمة توجهاتهم الذاتية، وأجندة غيرهم السياسية التي تبدو بعيدة كل البعد عن توحيد الأمة واستنفار قواها. وحسناً، فعل أبناء القطيف الشرفاء، الذين أكدوا في بيانهم الأخير على عمق الثوابت الوطنية الكبرى، وأن السلام هو غاية المجتمع الإيماني وعنوان حركته، وما بيان 7 من أبرز علماء الدين في المحافظة، بتثمين دعوة المليك لمركز الحوار، إلا إشارة واضحة على أن أبناء هذا البلد، هم أول الملتفين حول فكرة القائد وليس غريباً، أن نعترف نحن، على هذه الأرض، بما عانيناه طيلة سنوات عديدة، من محاولات تصنيف فكري ، سبق أن حذر منها القائد عبد الله بن عبد العزيز، أكثر من مرة، وفي أكثر من مناسبة، بل بدا أكثر حرصاً على التنبيه من خطورة مثل هذه التصنيفات، في ظل ما يشهده العالم حولنا، وبالذات ما يجري في بعض دول الجوار، التي اتخذ الانقسام فيها صورة بغيضة للطائفية المقيتة، وصار القتل على الهوية مشهداً مأساوياً يكشف عورة هذه الأفكار ويعري سوءة منظريها والداعين إليها. وقد رأينا مؤخرا بعض الحوادث التي تعكس ما يُحاك للوطن، وللأسف الشديد دون وعي بخطورة الدعوات المتطرفة، التي جاهر بها بعض الشاذين فكرياً، دون إدراك لخطورة المرحلة، ولا وعي بقيمة دعوات سابقة حرص خادم الحرمين الشريفين على تفعيلها خلال العقد الأخير تحديداً، بدءاً من ملتقيات الحوار الوطني عبر دوراتها المتعددة، وليس انتهاءً بما يجسده مضمون الإصلاح وخطواته المتأنية والمتدرجة، سعياً وراء دمج المنظومة الوطنية بكافة أطيافها في بوتقة واحدة، تلتقي عند كلمة سواء، وترسخ فكر السيادة الوطنية ووحدة أطيافها على الأرض الواحدة. الوحدة الوطنية والإيمان بالتعددية الفكرية والمذهبية، اللتين تتماسان عند جوهر الوطن وتماسكه، دون تفريط في أرضه أو في حقوق مواطنيه، كانا بالذات عنوان كل خطوات المليك، وشعاراته وأقواله، وفي ظل ما كان يتعرض له وطننا من هجمة شرسة من عناصر الضلال والإرهاب، لم يتزحزح وطننا أو مواطنونا عن مواجهته، رغم كل ما يحاول بعض الأفاكين ترويجه من عبث أو تضليل.. حتى في أحلك أوقات المواجهة، استطاع هذا الشعب بقيادته وبأبنائه من مدنيين وعسكريين ورجال أمن، الوطن رد الهجمة في نحر مرتكبيها. وحسناً، فعل أبناء القطيف الشرفاء، الذين أكدوا في بيانهم الأخير على عمق الثوابت الوطنية الكبرى، وأن السلام هو غاية المجتمع الإيماني وعنوان حركته، وما بيان 7 من أبرز علماء الدين في المحافظة، بتثمين دعوة المليك لمركز الحوار، إلا إشارة واضحة على أن أبناء هذا البلد، هم أول الملتفين حول فكرة القائد الداعية للوقوف بحزم ضد العنف بكافة أشكاله، والاستنكار على الاعتداءات التي تطال الأنفس والممتلكات والمؤسسات العامة باعتبارها من أعظم المحرمات التي شدد عليها الإسلام العظيم. البيان الحضاري جداً، الذي اعترف بحقيقة المجتمع السعودي المتعايش منذ مئات السنين» وينعم في أمن وأمان أرسى دعائمه قادة هذه البلاد، ولا مساومة أو مزايدة على حفظ هذا التاريخ الذي حمله الأجداد والآباء ويواصله الأبناء في مؤسسات المجتمع والدولة على امتداد بلادنا الغالية، ما هو إلا جوهر يستحق التحية، من كل مواطن سعودي غيور على بلده وأمنه واستقراره ووحدة نسيجه الاجتماعي، الذي يجب أن نقر جميعاً دون مواربة أو مساومة على ان احترام هذا النسيج وعدم المساس بالثوابت التي اخترناها ورضينا بها منهجاً للعيش المشترك، يجب أن تكون هي خيارنا الوطني الذي نصرّ عليه وندافع عنه، ونعض عليه بالنواجذ. تذكر !! تذكر - ياسيدي - أن الشر ينتصر حين لا يحرك الأخيار ساكنا .. وتذكر - ايضا - .. ان لا أحد أقوى من نفسك على إرشادها إلى الخير . وخزة .. بعض الناس ينشرون التفاؤل أينما ذهبوا .. وبعضهم يخلفون التشاؤم وراءهم ..