كثيرة هي الشكاوى التي نقرأ أو نسمع عنها والتي تتعلق بتقصير بعض السفارات السعودية تجاه المواطن السعودي في الخارج، وتتكرر هذه الشكاوى، دون أن يوجد لها حل دائم وإجراء حاسم يقطع دابرها، والسفارة هي المعين بعد الله لأي مواطن قد يتعرض لإشكالات في الخارج مهما كان نوعها أو حجمها أو دوافعها، ولعل من أسباب هذه الشكوى عدم أو قلة وجود السعوديين العاملين في تلك السفارات. وأنت عندما تراجع إحدى هذه السفارات، أو القنصليات، ستفاجأ بكثرة العاملين بها من غير السعوديين، وكان مجلس الشورى قد أكد على أهمية عمل السعوديين في سفاراتنا وقنصلياتنا باعتبارهم خير من يمثلون بلادهم في دول العالم، إضافة إلى ما ينطوي عليه توظيف غير السعوديين في هذه المؤسسات الدبلوماسية من أخطار أمنية، إلى جانب ما يتعرض له المواطن السعودي من سوء المعاملة إذا قدرت له زيارة إحدى السفارات لأي سبب من الأسباب، مع أن ذلك يسيء إلى سمعة السفارة والمسئول الأول فيها، وفي الأمثال الشعبية، (اللي ما هو من دينك ما يعينك). قد تكون بحاجة ماسة لأي خدمة من إحدى القنصليات أو السفارات، لكنك ستصطدم بحواجز عاتية تحول بينك وبين إنهاء مهمتك بسهولة، وستجد أن وراء ذلك كله موظفا غير سعودي. قد تكون بحاجة ماسة لأي خدمة من إحدى القنصليات أو السفارات، لكنك ستصطدم بحواجز عاتية تحول بينك وبين إنهاء مهمتك بسهولة، وستجد أن وراء ذلك كله موظفا غير سعودي كل همه هو خدمة بني جلدته، وترك المراجع السعودي في المؤخرة، وربما ابتزازه في غياب الرقابة عليه، وهو وضع لا يمكن السكوت عنه، مهما كانت دوافعه، خاصة وأن لدينا من الشباب المؤهلين علميا وعمليا من يمكنهم العمل في هذا المجال بكفاءة عالية، مع أن الوظائف الإدارية لا تحتاج أصلا لمؤهلات عالية ولا خبرات كبيرة، ولدينا أعداد لا يستهان بها من الخريجين ويمكن لهذه السفارات توظيف عدد منهم لتسهم في التخفيف من وطأة البطالة عليهم، وتضمن عدم تعرض هذه السفارات للخروقات الأمنية التي يسعى أعداؤنا لعمل المستحيل للقيام بها، ونحن نقدمها لهم على طبق من ذهب، عندما نوظف غير السعوديين في وظائف يفترض أن تكون للسعوديين فقط.. لأهميتها وحساسيتها، وهل يمثل الأوطان إلا رجالها؟ مجلس الشورى الذي أبدى اهتماما جادا بهذه المسألة عليه متابعتها، والتأكد من تنفيذ توصياته بهذا الشأن، لبلورة سياسة واضحة من أجل قصر العمل في كل مؤسساتنا الدبلوماسية في الخارج على السعوديين فقط من السفير إلى الغفير وليس من الحكمة أن تغيب الدواعي الأمنية عن هذا الموضوع، خاصة بعد التجارب المريرة التي مر بها بعض دبلوماسيينا في بعض البلدان، فدفعوا حياتهم ثمنا لاختراقات أمنية كان وراءها دون شك، من يناصبوننا العداء سرا وجهرا، من دول تسيء لنا وعلى رؤوس الأشهاد. والمسألة هنا تتعدى الشكليات إلى الجوهر، فالعمل الإداري في مؤسساتنا الدبلوماسية ليس وجاهة بقدر ما هو مسئولية، تفرضها حقوق المواطنة، وكثيرون يتمنون أن تتاح لهم فرصة خدمة الوطن في هذا المجال، وهم على استعداد للتغرب في أقصى الديار إذا اتيحت لهم هذه الفرصة.. فهل يأتي اليوم الذي نجد فيه كل العاملين في مؤسساتنا الدبلوماسية في الخارج من السعوديين؟ نرجو ذلك.