يأتي اليوم الوطني السادس والثمانين لبلادنا هذا العام، وهي تعبر بقيادة زعيمها وقائدها الكبير ومجدد أركان بنائها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله واحدة من أخطر المراحل في ظل تكالب الأعداء، وتغلغل بعض القوى الاقليمية التي تحلم ببسط أطماعها على الأمة والوطن العربي ومقدساته، منتهزة فرصة حالة اللاتوازن التي جرّتها أحداث الربيع العربي لتحقيق أهدافها، وكذلك في ظل الخلل الفاضح في ميزان الحسابات الدولية فيما يتصل بالعلاقات مع ما كانت تسميه محور الشر، الأمر الذي أتاح لتلك القوى أن تتنمر، وأن تأخذ تلك التغيرات على أنها إشارة لها لإطلاق يدها في الإقليم، وتغيير ديموغرافيته على هوى أيديلوجياتها، إلى جانب الحقن المذهبي المخيف للتفريق بين الطوائف، ودفعها للتنافر. وكذا استخدام الدين في السياسة كما حدث في مؤتمر غروزني، وغيرها من الأحداث والمتغيرات السياسية والاقتصادية، ما جعل المملكة تجد نفسها في موقع الدفاع عن أمتها، وعن عروبتها، وعن كيانها كقبلة للمسلمين، لتضطر - بالتالي - لمواجهة تلك التوغلات على أكثر من صعيد عسكريا وسياسيا واقتصاديا، وليأتي يومها الوطني الجديد في سديم هذه الظروف القاتمة على غير العادة، حيث بات المواطن يستشعر مدى الأخطار التي تحيط ببلاده. ويثمن عاليا تلك المواقف الأبية لقيادته التي تواجه تلك العواصف بالحزم والحكمة والرأي السديد، وهي العناصر التي حرّكتْ المشاعر الوطنية لدى كافة أبناء هذا الوطن بمختلف شرائحه وأطيافه، وأسهمتْ بإبراز وطنيتهم بشكل أكبر بالتفافهم حول قيادتهم، وقطع الطريق على كل تلك المحاولات اليائسة التي كانت تسعى عبر الإشاعة والأكاذيب وتصعيد الخلافات المذهبية، لبث روح الفرقة بين المواطنين، إلا أن المواطن السعودي، الذي أدرك بفطنته واقع ما آلتْ إليه الحال في محيطه، أصبح أكثر وعيا بما يحيط به من المخاطر، وأكثر تشبثا بأمن وطنه، لا، بل أكثر وعيا بدوره في مثل هذه الظروف تجاه تعزيز الجبهة الوطنية الداخلية، ودعم تماسكها بالمزيد من اللحمة والغيرة على الأمن والاستقرار. لهذا ربما تمايز يوم الوطن هذا العام عن غيره من الأعوام الماضية بإبراز هذا الشعور في التعبير العفوي لكافة مفردات الوطن، وكيفية تفاعلهم مع هذه المناسبة الكبرى، كما لو أنها كانت الفرصة المواتية لبعث بعض الرسائل إلى كل الطامعين في ثرى هذا الوطن ومقدراته، والحاقدين عليه والمتربصين به، والحالمين بجرّه عنوة إلى دوّامة العنف والتوتر.. ليقولوا لهم بكل ثقة: إن هذا الوطن الذي أنجز أول وحدة عربية راسخة سيبقى عصيا على كل الاختراقات، وسيبقى بلحمة قيادته بشعبه أكبر من كل المؤامرات، وسيبقى سدا منيعا أمام كل قوى العدوان التي تريد النيل منه، وسيظل يواصل بالأفعال لا بالأقوال والضجيج الإعلامي الرد على كل المهاترات، تماما كما كانت رسالته في حج هذا العام عندما أخرس كل ألسنة النعيق بإنتاج أهدأ مواسم الحج، وأكثرها انسيابية رغم كل التهديدات، حيث توحدت ايقاعات خطى القيادة الواعية مع شعبها الوفي في ترجمة تلك الرسائل سلوكا نابها لا يليق إلا بوطنٍ له كل هذا القدر من الشموخ والمنعة والسؤدد.