أكد عدد من الخبراء الاقتصاديين أن تطبيق قرار اغلاق المحلات التجارية الساعة التاسعة مساء سيحد من تنامي الاقتصاد الموازي المعروف باقتصاد الظل، وسيكون له تأثير إيجابي ومباشر على الاقتصاد الوطني ككل، وسيقلص من تسرب الاموال للخارج، وحذروا من ان احوال الطقس التي تعاني منها أغلب مناطق المملكة، إضافة إلى قرب بعضها من دول مجاورة يسمح فيها النظام بساعات عمل أطول سيتسبب في الحد من حيوية التجارة، ودعوا إلى ضرورة تفعيل وسائل الرقابة ورفع مستوى الأجور حتى تكون الكلفة التشغيلية متقاربة بين المواطن والأجنبي لجذب الشباب للعمل في القطاع الخاص. العوامل الديموغرافية وتطرق الخبير والباحث في التشريعات الاقتصادية طارق الصقير الى عدد من المقترحات التي قد تكون أكثر فاعلية من تحديد ساعات العمل بتطبيق قرار اغلاق المحلات التجارية في الساعة التاسعة مساء، للقضاء على التستر واستيعاب عدد أكبر من الشباب في سوق العمل بالقطاع الخاص. وقال الصقير: أعتقد ان تفعيل وسائل الرقابة على المتاجر أفضل بكثير من تحديد ساعات العمل التي ستؤثر سلبا على عملها، وبالتالي ستكون سببا في الحد من حيوية التجارة عموما وهذا أمر غير صحيح، وفي حال كانت الغاية هي استيعاب الشباب السعودي الباحث عن عمل في سوق، فإن هناك وسائل اخرى لمعالجة البطالة مثل رفع مستوى الاجور حتى تكون الكلفة التشغيلية متقاربة بين المواطن والاجنبي، والذي سيدفع المواطن الى الانجذاب لتلك المهن عندما تكون مستويات الاجور مناسبة لتغطية نفقات المعيشة. وحذر الصقير من بعض المعوقات التي قد تؤثر على تطبيق اوقات محددة لساعات العمل في المحال التجارية، ومن أهم هذه المعوقات احوال الطقس التي تعيشها أغلب مناطق المملكة مما قد يؤثر بشكل سلبي على العمل بموجب هذا التنظيم الجديد، والعديد من المستهلكين لدينا يفضلون التسوق خلال ساعات المساء وذلك تفاديا لارتفاع درجات الحرارة خلال ساعات النهار. والعقبة الثانية وجود مراكز تسوق في دول اخرى قريبة من المدن التي ستطبق ساعات الاغلاق المبكر، فمثلا قد يندفع سكان مدينتي الخبروالدمام الى مملكة البحرين القريبة منهم للتسوق مساء، مما يؤثر على نسبة مبيعات المتاجر في تلك المدن نتيجة رغبة البعض في التسوق المسائي، خصوصا لمن لا يسعفه الوقت لينال قسطا من الراحة بعد انتهاء عمله في الساعة الرابعة عصرا. وطالب بضرورة الاطلاع وقراءة التجارب الدولية التي حاولت تنظيم ساعات عمل متاجر مبيعات التجزئة لاستخلاص الايجابيات وتفادي السلبيات. وتابع: نحن نجد مثلا ان النمسا قد عدلت من قانون ساعات عمل المتاجر في عام 2008 حيث قيدت اوقات العمل المتواصلة من السادسة صباحا الى التاسعة مساء، ونجد ان كندا تركت مسألة تنظيم ساعات العمل لتقدير البلديات بحيث تقوم البلديات بتحديد ما يناسبها من ساعات العمل في المتاجر حسب العوامل الديموغرافية (نسبة توزع السكان في منطقة ما) وحسب نوعية المتاجر التي يتطلب بعضها ان تكون مفتوحة طوال اليوم مثل متاجر الاغذية الكبرى. وتابع: «في المقابل نجد ان السويد وكرواتيا والصين والولايات المتحدة لا توجد بها قوانين لتنظيم ساعات عمل المتاجر وبالتالي تصبح المسألة خاضعة لتقدير رغبات السكان في تلك المناطق». وتتميز فنلندا بوجود تنظيم لساعات العمل حسب مساحة المتجر حيث يسمح للمتاجر التي تقل مساحتها عن 400 متر مربع بساعات عمل مفتوحة حسب رغبة اصحابها، اما اذا زادت تلك المساحة عن 400 متر مربع فيتم تقييد ساعات العمل من السابعة صباحا الى السادسة مساء وتمتد الى التاسعة مساء في نهاية الاسبوع، وقام البرلمان الفنلندي بمعالجة تأثر متاجر الاغذية من خلال استثنائها من قيود ساعات العمل، وكذلك اعتمدت انجلترا معيار المساحة في تنظيم ساعات عمل المتاجر في يوم الاحد فقط، حيث سمحت للمتاجر ذات المساحة الاكبر من 280 مترا مربعا بالعمل 6 ساعات متواصلة فقط، اما المانيا فقد احالت وضع قيود على ساعات العمل الى تقدير مجالس المناطق ومنحت استثناءات للمناطق السياحية ومرافق النقل العام مثل المطارات. الاقتصاد الموازي من جهته، أكد الاقتصادي طلعت حافظ انه في حال تطبيق قرار اغلاق المحلات الساعة التاسعة سيكون له تأثير على الاقتصاد الموازي، ويعتبر تطبيق القرار بشكل عام إيجابيا وسيكون له تأثير مباشر على الاقتصاد الوطني للحد من تسرب الاموال الى الخارج وعدم الاستفادة منها. وتابع: «اقتصاد الظل له تأثير كبير وسلبي على الاقتصاد الكلي وعلى الفرد، وهذا النوع من الاقتصاد يعتبر من الممارسات غير الواضحة المعالم والمخالفة بالأصل، فهو اقتصاد غير منظم ويفتقد الى التشريع والوضوح لأنه غير مسجل وغير احترافي». وعن حجم الاموال التي يمكن توفيرها على الاقتصاد الكلي قال: «بلا شك ان حجم الاموال التي تحوّل كل شهر للخارج من هذا النوع من الاقتصاد كبيرة ولكن لا أحد يملك رقما دقيقا، لأنه كما ذكرنا هو اقتصاد خفي وفي الظل، وبالتأكيد انه يكلف الاقتصاد الكلي مبالغ هائلة يمكن توفيرها اذا ما تم القضاء عليه، وهذه المعاملات والممارسات التجارية في النهاية تعتمد زيادة قيمتها او نقصها بقوة الطلب عليها أو رفضها، فالبعض قد يتعامل معها ويكون تأثيرها السلبي واضحا على اقتصاد الفرد وبالتالي تنعكس على الاقتصاد الوطني بشكل عام».