الأحساء المحروسة تلك البقعة المباركة من أرض الوطن والتي تغطي شرق الكيان السعودي في وسطه وجنوب شرقه، ثلثي المنطقة الشرقية، وحاضنة حقول نفطه الغزيرة، والأهم والأقوم حاضنة سليلي خير أهل المشرق كما أبلغ الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم صحبه الكرام كما جاء في فتح الباري في شرح صحيح البخاري: بينما النبي -صلى الله عليه وسلم- يحدث أصحابه إذ قال لهم: (سيطلع عليكم من هاهنا ركب هم خير أهل المشرق)، فقام عمر فتوجه نحوهم فلقي ثلاثة عشر راكبا فبشرهم بقول النبي- صلى الله عليه وسلم-، ثم مشى معهم حتى أتوا النبي- صلى الله عليه وسلم-، فرموا بأنفسهم عن ركائبهم فأخذوا يده فقبلوها... الحديث.. وهم من نزل فيهم الذكر الحكيم في قوله تعالى (أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والارض طوعا وكرها وإليه يرجعون). قال أنسُ بن مَالك رضي الله عنه: (الملائكةُ أطاعوه في السماء، والأنصارُ وعبدُالقَيس أطاعوه في الأرض) وأهل الأحساء في عصر النبوة (هجر) قرنوا بالانصار ايضا بتشبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم بهم حين قال (هم أشبه الناس بكم)، وخيرية المكان وأهل المكان قائمة على مر التاريخ الذي سطر قوى الجذب الغريبة للأحساء الحبيبة من جميع الأجناس والشعوب حتى من يفد عليها من العمالة يهيم بها ويتعلق بجمال أرواح أهلها، الذين يجمعون طيوف قبائل العرب وكرام العروق القبلية فلا تكاد تذكر قبيلة عربية إلا وجدت من يمثلها في المجتمع الأحسائي الذي تعلوه الطيبة وتملكه المحبة وإن كان البعض يتحرج خطأ من مجرد نقاش كينونة شيعة الأحساء فإني اعتدت منذ كنت طفلا تخطي هذا التوجه لأسباب كثيرة يراها البعض جرأة وأراها تأكيدا قاطعا على لحمة وطنية سعودية تعودناها منذ نعومة أظفارنا بل ومن جذور تاريخ المنطقة فالسلام والوئام وطيب المعشر شعار أحسائي بارز والشواهد تملأ تواريخ الأسر الأحسائية التي زهت بها بيوت كبار الأسر وصغارها ومزارع النخيل التي شهدت لحمة المال والمصير فالشريك كما يسميه أهل الأحساء هو تسمية راقية محببة للنفس للمزارع الذي يتولى شؤون مزرعة النخيل وهو في الغالب من أبناء الشيعة الذين يأكلون ويشربون في إناء واحد مع جيرانهم السنة كبارا وصغارا قبل أن تنعق أبواق الحقد الدخيلة في المنطقة لتربك جمال هدوء النفوس ولكنها ما نالت ولن تنال بإذن الله من أهل الأحساء. والمعلوم والذي نراه ونسمعه أن السواد الأعظم من شيعة الأحساء موالون لوطنهم ومليكهم وهم كذلك وكما أعلمهم لا يقرون الباطل وإن كان هناك من شواذ في المشهد الأحسائي فإنه لا يلبث أن يكبحه عقلاء القوم بتصاريح وبرقيات لأولياء الأمر وأبناء الشيعة في الأحساء كما أعلمهم أذكى وأبعد نظرا من الهرج والمرج الذي يجري في الخارج ويحاول أن يلبس ثياب الدين والتعصب الطائفي البغيض للوصول لأهداف سياسية مفضوحة والأسر العريقة من أبناء الشيعة في الأحساء تثمن بعقل راجح عظم النعمة وجمال الحياة ورغد العيش الذي يتمتعون به كجزء من المجتمع السعودي في عهد الدولة السعودية. والعقلاء يدركون تماما أن آل سعود الكرام لا ولم يفرقوا ببين أبنائهم وأبناء أهل السنة وأنا هنا أقولها بصوت عالٍ إن التاريخ سيحسب هذا لآل سعود في صفحات مشرقة فالطبيب والمهندس والمعلم والتاجر وأصحاب المهن الأخرى هم سواء بسواء مع الجميع بلا فرقة ولا تمييز ومن يحاول بث روحه الكريهة فنحن له بالمرصاد وليعلم بأن حكام السعودية لم يتخذوا إجراء منع خاص بأبناء الشيعة على مر التاريخ وحالات الضبط الخاصة في بعض الوظائف هي رهينة ما تمليه مصلحة الوطن العليا سواء كان الممنوع أبناء السنة وهم المثال الأكبر أو أبناء الشيعة وعلى قدر ما يقدمه ذلك الشخص أو المجموعة من تاريخ تراكمي على قدر ما تبادله الدولة في كرم لا أجد له مثيلا في التاريخ الحديث والتمييز العنصري البغيض والقتل الذي تمارسه إيران على أهل الأحواز وقبائلها العريقة لم يهز كيان البيت السعودي الحاكم الذي يرتفع خط الثقة البياني له تصاعدا مع مرور السنين إلى الدرجة التي تجد إحدى المنشآت المفصلية في الدولة يحرسها أفراد جيش سعودي من أبناء الشيعة والسنة. وهذه اللحمة التي يفرضها ولي الأمر في السعودية مُدرَكه تماما من عقلاء القوم سواء في الأحساء أو القطيف إدراكا يجعلهم ينظرون إلى الحادث الإجرامي الدخيل في الدالوة على أنه أقل وأوهن من أن يمس الكيان السعودي الواحد الذي نعيش في رغده جميعا وسنحارب بيد واحدة جميعا كل من تسول له نفسه المساس باللحمة السعودية الأحسائية لأنها ببساطة حب دفين لكيان مكين ومن أراد غير ذلك فنحن عنه معرضون. * عضو المجلس العلمي الاستشاري لمعهد رياضيات القلب الأمريكي