شهر تكثر فيه العبادات، وتكثر العادات والمتغيّرات، شهر رمضان المبارك يطل علينا في كل عام بخيره وبركاته التي اختصه الله «سبحانه وتعالى» بها، إلا أن الكثيرين لا ينتبهون إلى حضور الشهر حتى منتهاه، والمتأمل لهذا الشهر يرى مقدار التغيّر الذي يحدث في حياة الإنسان بين الليلة التي تسبق هذا الشهر، وأول أيامه المباركة، لذا علينا أن نسأل أنفسنا: هل نحن مستعدون لتغيير أنفسنا بإرادتنا كما تتغيّر عاداتنا اليومية في شهر رمضان بحكم عادات المجتمع التي تتغيّر؟! أولى العادات التي تتغيّر في حياتنا هي عادات العمل اليومية وما يطرأ عليها من تغيير في أوقات الدوام، وهذا التغيير يجعلنا نتصوّر أن هناك تغييراً يحدث. أما العادة الثانية التي تتغيّر فهي عادة الإفطار والغداء والمشروبات التي يتعوّد الناس والعاملون تناولها في الأيام العادية، ويرون فجأة أنه لم يعد مسموحاً لهم تناول هذه المشروبات، ويحل محلها الإفطار بعد أذان المغرب، والسحور والذي غالباً ما يتم في حضور كل أعضاء الأسر، بل قد يتجاوز أعضاء الأسر إلى الأقارب، وأقارب الأقارب، وهو ما لم يكن يحدث قبل شهر رمضان المبارك، حيث قلما مما تتوافق ظروف كافة أعضاء الأسرة في التجمع والجلوس سوياً على مائدة الإفطار. لا عيش هنيئاً إلا بالصبر، إنما تطيب الحياة وتحلو بمعايشة الصبر والتربي عليه، وتجرع مرارته أولاً، لتتحوّل الحياة بعده بمالحها، ومصائبها، ومعوّقاتها إلى متعة بالدنيا والفوز بالجنة ونعيم الآخرة. من العادات التي تتغيّر أيضاً في حياة الإنسان هي صلاة التراويح، وانتشار دروس الوعظ في المساجد، وشدّ الرحال لتأدية عمرة رمضان والصلاة في الحرم المكي والمسجد النبوي ومجاورة النبي المصطفى «صلى الله عليه وسلم».. كل ذلك لا يمكن أن يمرّ من دون أن يجلس الإنسان مع ذاته يتحسس طريقه، ويراجع عاداته، ويقرّ بأنه قد جاءت اللحظة المناسبة التي يجلس مع ذاته ويحاول أن يغيّر عاداته كلها إلى الأفضل والأصوب، لأن وقت التغيير يأتي مرة كل عام خلال هذا الشهر الفضيل؛ ولأن شهر رمضان هو شهر الله وهو يجزي به. على الإنسان أن يخرج من هذا الشهر الفضيل وقد زاد من تقواه وورعه، وعزف عن كافة العادات والممارسات، والأخلاقيات التي تحتاج إلى تغيير.. بعض الناس يشتد خلقه مع الجوع ويغلظ في القول، لكن الصوم يسمى الصبر، ولذا قال تعالى: ((واستعينوا بالصبر والصلاة)) سورة البقرة آية 45.. قال بعض المفسّرين «الصبر: الصوم» أي: استعينوا بالصوم والصلاة، ويسمى رمضان شهر الصبر، والصبر جزاؤه الجنة (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) سورة الزمر آية 110، ولا عيش هنيئاً إلا بالصبر، إنما تطيب الحياة وتحلو بمعايشة الصبر والتربي عليه، وتجرع مرارته أولاً، لتتحوّل الحياة بعده بمالحها، ومصائبها، ومعوّقاتها إلى متعة بالدنيا والفوز بالجنة ونعيم الآخرة. اللهم إنا نسألك أعمالاً تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات، وتقضي لنا بها جميع الحاجات، وتطهّرنا بها من جميع السيئات، وترفعنا بها عندك اعلى الدرجات. [email protected]