إن آفة القرن الواحد والعشرين على مستوى العالم هي المخدرات، التي تفتك بالبشرية ما لا تفتكه الأمراض الصحية الأخرى، ومنذ أن وعينا على هذه الدنيا والكل يحذر من تلك الآفة، لأن ضررها يطول ليس المتعاطي فقط بل الأسرة والمجتمع والوطن، إن مريض الإدمان يبدأ بشهوة ورغبة في تغيير الحال وينتهي بعواقب وخيمة نفرة من المجتمع ومفارقة للحياة، الله -عز وجل- لما خلق الإنسان وركبه جعل لكل عضو في جسمه خاصية من تنظيف السموم وتدفق الدم ومكافحة الفيروسات وغيرها وتلك الأعضاء عندما تواجه خطراً عظيماً تتعرض له تبدأ بالإنذار والاستنفار والحرب على ذلك الخطر ولكن لن تستطيع الاستمرار وسوف ترفع علم الاستسلام أمام ذلك العدو الذي سينهك الجسد ويفسده، إن من الضروريات الكلية الخمس في ديننا الحنيف كان منها حفظ العقل وحفظ النفس والشارع الحكيم يعلم أن بحفظ هذين تستقر الحياة وتستمر وتعمر الأرض، ولكن مروجي المخدرات ضعاف النفوس ومحبي الشهوات هدفهم الرئيس تدمير الأوطان من خلال الزج بالشعوب إلى براثن الرذيلة والإدمان لأنهم يعلمون إذا وقع الضعيف في المخدرات فسوف يكون في حلقة لن يخرج منها إلا بعزيمة صادقة وسوف يكون ضرره متعدياً، إن الدراسات التي تناولت مرضى الإدمان كان أهم العوامل المؤثرة على التعاطي تأثير الأقران، المشاكل الأسرية، الضغوط النفسية، سهولة الحصول على المواد، وكانت التوصيات تكثيف برامج التوعية والوقاية، تعزيز دور الأسرة في المراقبة والتوجيه، أهمية التدخل المبكر، تطوير استراتيجيات وقائية شاملة، إن المسؤولية الكبرى تقع على الأسرة التي ينبغي لها التوعية الشاملة لأبنائها والاحتواء والتنشئة الحسنة، كلما عززنا التوعية في وقت مبكر وخاصة في الصغر كان أثرها في المستقبل البعيد محكماً ومقاوماً لكل خطيئة، ولذلك الرؤية الوطنية 2030 كان مرتكزاتها الرئيسية مجتمع حيوي والذي كان يهدف إلى تمكين حياة صحية وعامرة وكان أحد مؤشراته الفرعية تعزيز حصانة المجتمع تجاه المخدرات، وهذه الرؤية الطموحة تستثمر في أبنائها وتحسن جودة الحياة وتجنبهم كل خطر وسوء حتى يكونوا مؤثرين وفاعلين، والكل مشارك مع تلك الرؤية الوطنية الطموحة من القطاع الحكومي والخاص وغير الربحي، وكان من توفيق الله لنا حضور ذلك المؤتمر العلمي الثاني الرائع والجميل بمنطقة جيزان برعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن عبد العزيز بن محمد آل سعود وكان عنوانه "مستجدات الوقاية والعلاج من إدمان المخدرات" وذلك بتنسيق من جمعية التوعية بأضرار المخدرات بمنطقة جازان في يونيو لعام 2025، شارك في ذلك المؤتمر ثلة من الوجهاء والعلماء والأكاديميين والمتخصصين، وكان من أبرز جلساته، التدخلات الدوائية لعلاج الإدمان، التدخلات النفسية لعلاج الإدمان، الآثار النفسية والجسدية للإدمان، الوقاية من الإدمان، المخدرات والجوانب الأمنية، المنظور الشرعي للمخدرات، وصاحب ذلك المؤتمر ورش عمل تثري العقل من منظور أكاديمي وتجارب واقعية، فجزيل الشكر والامتنان لقيادتنا الحكيمة على تمكينها للقطاع غير الربحي لتقديم رسالته العظيمة والشكر أجزله لسمو أمير منطقة جازان لرعايته لذلك الموضوع الحيوي والشكر موصولة أواصره للعاملين في جمعية التوعية بأضرار المخدرات وكذلك الرعاة للمؤتمر والمشاركين من القطاعات والضيوف، ونسأل الله أن يحفظ قادتنا وعلماءنا وشعبنا العظيم من كيد الكائدين.