تبدو الآن الابحاث النفسية تقترب من تفسير كثير من الظواهر التي اعتدنا التعرف عليها من قبل العبارات والحكم الشائعة ومقولات الشعوب، وهذا جزء بسيط من حلاوة واهمية علم النفس، منها عبارة ان «الانطباع الاول» هو المهم في الحكم على الآخرين. وجدت بعض الابحاث ان الخبرة الجديدة المتعلقة بشخص في مكان وسياق مختلف ممكن ان تخلف نظرة جديدة لكن الانطباع الاول ما زال مسيطرا على تفكيرك ووعيك .. خفيا كان ام واضحا «الوعي» فعندما تكون او تكونين نظرة معينة عن احدهم وبعد فترة تلتقون بهم في اجتماع ما وتكتشفون ان الفرد هذا احسن من انطباعك الاول عنه – فإن النظرة تتعدل فقط في سياق الاجتماع او الاحتفال هذا، لكن المخ يخزن (حسب نتائج الدراسات النفسية الحديثة) معلومات تنطبق مع الانطباع الاول بينما نظرتك الجديدة متغيرة فقط في مكان او طبيعة الاجتماع الجديد. ان التغيير فقط يحصل في البيئة الجديدة وليس في البيئة القديمة، هذا يؤكد اكثر وبصورة بحثية ان الانسان بمخه يكون انطباعا معينا عن الآخرين لا يزول بسهولة الا بتغير السياق (المكان والزمان والانشطة الجديدة). قامت دراسة باعطاء معلومات للمفحوصين عن افراد اغراب، مما شكل انطباعا معينا لدى الفحوص، بعد ذلك قاموا بتغيير المعلومات والخلفية التي قدمت بها هذه المعلومات المغايرة للانطباع الاول، وجد الباحثون النفسيون ان التغيير فقط يحصل في البيئة الجديدة وليس في البيئة القديمة، هذا يؤكد اكثر وبصورة بحثية ان الانسان بمخه يكون انطباعا معينا عن الآخرين لا يزول بسهولة الا بتغير السياق (المكان والزمان والانشطة الجديدة). تخيلوا اجدادنا في الصحراء – رجل وحده ويقترب منه رجل آخر لا يعرفه، فإن مخه سيعمل بأعلى طاقة ليحدد اذا كان هذا الفرد صديقا او عدوا، ان الخطأ في تكوين الانطباع الصحيح سيكلف الفرد حياته، ان الله خلق هذه الآلية عند الانسان من اجل بقائه الشخصي، فالفرد يكون انطباعا معينا ليحميه من غدر او انقضاض الآخرين عليه – هذا الانطباع عبارة عن اجهزة رادار خطر تحمي الانسان من خطر الآخرين. في الحياة المعاصرة لم تعد المسألة حياة او موتا جسديا الى حد كبير، انتهت تلك المرحلة الى حد ما جسديا فقط بل مازالت المسألة قائمة نفسيا فالفرد يسعى ليبقى نفسيا متزنا وسمعة الآخرين طيبة عندهم – هذه الحياة والموت النفسي المعاصرة، ففي الانطباع الاول تبقى سمعتك عند الفرد – ومن سينقل لهم عنك – عالية او في الحضيض كلتا الحالتين لهما عواقبهما ونتائجهما التي ستؤثر على حياتنا كأفراد. لا يخفى على القراء ان الفروق الفردية تجعل من بعضنا ك(الذيب) حساسا والبعض الآخر لا يعنيه ما يأخذه الآخرون عنه من انطباع ان نقاط القوة النفسية والشخصية تحدد اين انت من هاتين المجموعتين. ممكن الاشارة الى انك اذا وجدت صراعا عميقا بين الانطباع الاول والخبرة الجدية فمن الحلول النفسية ان تغير مكان اللقاء والحدث والانشطة مع «ضحيتك» لتغير الانطباعات السابقة تدريجيا مع مرور الزمن ستجدون ان الانطباع الاولي غير هذا الا اذا كنت شخصية متعنتة او صلبة، او لا تعرف المرونة بالتعامل مع الغير، او كنت شخصية وسواسية كمالية فإنها تضفي مزيدا من العناء والتعب على من حولها ولا ينال رضا الا القلة – اعانهم الله. استشاري علم النفس العيادي والعصبي