وفد اقتصادي سعودي رفيع المستوى يزور سوريا    اللجنة التنفيذية للتعاون الإسلامي تؤكد ضرورة وقف إطلاق النار في غزة    رئيس بلدية صبيا يطّلع على مشاريع التدخلات الحضرية لتحسين المشهد العام في المحافظة    الشؤون الإسلامية في جازان تنظم عدد من المناشط الدعوية في محافظات المنطقة    المملكة تُشارك تجربتها في إدارة الموارد المائية    تدشين المرحلة التطبيقية الأولية للمركبات ذاتية القيادة    الطيران المدني تصدر تقرير التزام المطارات والناقلات الوطنية بأوقات الرحلات لشهر يونيو 2025م    الدولار يتراجع أمام الين    القيادة تهنئ رئيس جمهورية مصر العربية بذكرى اليوم الوطني لبلاده    جامعة جازان تعلن مواعيد التسجيل الذاتي للفصل الدراسي الأول 1447ه    الصين تعلن تقديم "احتجاجات رسمية" للاتحاد الأوروبي    نجم يكشف أسرار منكب الجوزاء    سوري يشتري عملات ويسلمها للمتحف    مجسات ذكية لراحة مرضى السكري دون ألم    أسباب وعواقب إدمان الحلويات    لماذا غسل الدجاج غير مستحب    فريق التنسيق الآسيوي يبدأ زيارته الرسمية إلى الرياض لمتابعة التحضيرات القارية    جذور العدالة    إطلاق كود"البنية التحتية" بمنطقة الرياض بعد 15 يوماً    عزز صفوفه بالخيبري.. الأهلي يشارك في السوبر بديلاً للهلال    النصر يتراجع عن صفقة هانكو.. ويخسر الجابر    ربط التعليم التقني باحتياجات السوق.. أمير المدينة: معامل ابتكارات الحرف نموذج للاستثمار في رأس المال البشري    4.9 مليار ريال تداولات الأسهم    أمير حائل يكرم «طبيباً استشارياً»    أكد دعم سوريا لضمان أمنها واستقرارها.. مجلس الوزراء: السعودية تدعو لاتخاذ قرارات عملية أمام التعنت الإسرائيلي    استطلاع عدلي.. "تطوير خدمة المستفيدين" أولوية    "صواب" تحتفي بمتعافي الإدمان    إطلاق جمعية سقيا الماء بجازان    "البيئة": تمديد مهلة رخص مياه الآبار لمدة عام    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة عبدالرحمن بن فرحان    ترحيب سعودي ببيان الشركاء الدوليين المطالب بإنهاء الحرب على غزة    المنتخب السعودي يشارك في أولمبياد الأحياء الدولي    وزير الداخلية يلتقي منسوبي الوزارة المبتعثين في بريطانيا    اختتام تدريب الخطباء بتبوك    منسوبات واعي يطلعن على مركز التراث وبيت الحرفيين بجازان    منع الفنان راغب علامة من الغناء في مصر    سبعة آلاف طفلٍ في مركز ضيافة المسجد النبوي    حكمي.. قصة تحدٍ ملهمة في عالم التوحد وحفظ القرآن    دينية الحرمين توقع اتفاقية تعاون لبرامج نوعية    مفوض إفتاء جازان يستقبل منسوبي إدارة جمعية سقيا الماء    أكد وجود انتهاكات جسيمة.. لجنة تقصي الحقائق تسلم تقريرها للرئيس السوري    رئيس الوزراء يدعو لتعزيز التواجد في عدن.. تحذير يمني من وجود المقرات الأممية بمناطق الحوثي    تصاعد الضغوط لإنجاز اتفاق وقف النار بغزة    "هلال مكة" يفعل مساراته الطبية الإسعافية القلبية والدماغية    155 ألف مستفيد من خدمات مستشفى ينبع    جولة أمير جازان ترسم ملامح المستقبل والتنمية في فيفاء والعيدابي    السعودي محمد آل نصفان يحقّق إنجازاً تاريخياً في الاسكواش العالمي    جمعية اللاعبين القدامى بالشرقية تكرّم المدرب الوطني حمد الخاتم    قوميز يستأنف تدريبات الفتح ويُطلق أولى ودياته المحلية لرفع الجاهزية    نبض العُلا    ميلان يتعاقد مع المدافع الإكوادوري إستوبينان    أمير جازان ونائبه يتفقدان عددًا من المشروعات التنموية والسياحية بمحافظة فيفاء    الجامعة العربية تدعو المجتمع الدولي لكسر حصار غزة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل رئيس ووكلاء جامعة جازان    السعودية ترحب بمطالبة دولية لإنهاء حرب غزة    تقنية تحسن عمى الألوان    المفتي يطلع على أعمال جمعية البر    رئيس باكستان يمنح رئيس أركان القوات البحرية وسام "نيشان الامتياز" العسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فوارق القوى تتلاشى أمام العقيدة الراسخة
في ذكرى موقعة بدر "يوم الفرقان"
نشر في اليوم يوم 31 - 10 - 2004

يوافق اليوم ذكرى غزوة بدر الكبرى التي وقعت في السنة الثانية للهجرة .. وعندما تذكر غزوة يوم الفرقان يتداعى في الخاطر طريق المسلمين إلى بدر ، وبناء العريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومشورة الحباب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. كما يقفز في الخاطر دعاء عتبة بن ربيعة إلى المبارزة ، ورمي الرسول صلى الله عليه وسلم للمشركين بالحصباء ومناشدته ربه النصر .
فيما تتعاظم ذكرى الموقعة التي فصل الله فيها الحق عن الباطل بنزول قريش بالعدوة القصوى والمسلمين ببدر ومقتل أبي جهل و أمية بن خلف.
"اليوم" تستذكر الموقعة الخالدة في كل أرجائها مستنهضة في نفوس المسلمين الدروس الجليلة والعبر والدروس التي تبرز في هذه الموقعة الفاصلة في التاريخ الاسلامي:
يوم الفرقان
كانت موقعة بدر من المعارك الفاصلة في تاريخ الإسلام , ولذا سماها الله تعالى في كتابه ب "يوم الفرقان" لأنه فرق بها بين الحق والباطل , وكان لها أعظم الأثر في إعلاء شأن الإسلام وإعزاز المسلمين.
كانت غزوة بدر التي ابتدأت وانتهت بتدبير الله وتوجيهه ومدده فرقانًا بين الحق والباطل -كما يقول المفسرون إجمالاً-، وفرقانًا بمعنى أشمل وأوسع وأدق وأعمق كثيرًا، كانت فرقانًا بين الحق والباطل فعلاً، ولكنه الحق الأصيل الذي قامت عليه السماوات والأرض، وقامت عليه فطرة الأحياء والأشياء، الحق الذي يتمثل في تفرد الله -سبحانه- بالألوهية والسلطان والتدبير والتقدير، وفي عبودية الكون كله سمائه وأرضه.
الحق والباطل
كانت فرقانًا بين هذا الحق وهذا الباطل في الواقع الظاهر كذلك. فرقانًا بين العبودية الواقعية للأشخاص والأهواء وللقيم والأوضاع وللشرائع والقوانين وللتقاليد والعادات - وبين الرجوع في هذا كله لله الواحد الذي لا إله غيره، ولا متسلط سواه، ولا حاكم من دونه، ولا مشرع إلا إياه. فارتفعت الهامات لا تنحني لغير الله، وتساوت الرؤوس لا تخضع إلا لحاكميته وشرعه.
الصبر والمصابرة
كانت فرقانًا بين عهدين في تاريخ الحركة الإسلامية عهد الصبر والمصابرة والتجمع والانتظار، وعهد القوة والحركة والمبادأة والاندفاع والإسلام بوصفه تصورًا جديدًا للحياة، ومنهجًا جديدًا للوجود الإنساني، ونظامًا جديدًا للمجتمع، وشكلاً جديدًا للدولة بوصفه إعلانًا عامًا لتحرير الإنسان في الأرض، وبتقرير ألوهية الله وحده وحاكميته ومطاردة الطواغيت التي تغتصب ألوهيته وحاكميته الإسلام بوصفه هذا لم يكن له بد من القوة والحركة والمبادأة والاندفاع ، لأنه لم يكن يملك أن يقف كامناً منتظراً على طول الأمد.
الفرقان بين النصر والهزيمة
وكانت فرقانًا بين تصورين لعوامل النصر وعوامل الهزيمة؛ فجَرَتء وكل عوامل النصر الظاهرية في صف المشركين، وكل عوامل الهزيمة الظاهرية في صف العصبة المؤمنة حتى لقد قال المنافقون والذين في قلوبهم مرض: (غَرَّ هَؤُلاء دِينُهُمء)، وقد أراد الله أن تجري المعركة على هذا النحو، وهى المعركة الأولى بين الكثرة المشركة والقلة المؤمنة، لتكون فرقانًا بين تصورين وتقديرين لأسباب النصر وأسباب الهزيمة، ولتنتصر العقيدة القوية على الكثرة العددية وعلى الزاد والعتاد، فيتبين للناس أن النصر للعقيدة الصالحة القوية، لا لمجرد السلاح والعتاد، وأن أصحاب العقيدة الحقة عليهم أن يجاهدوا ويخوضوا غمار المعركة مع الباطل غير منتظرين، حتى تتساوى القوى المادية الظاهرية؛ لأنهم يملكون قوة أخرى ترجح الكفة، وأن هذا ليس كلامًا يقال، إنما هو واقع متحقق للعيان.النصر الحقيقي من الله وكل ما دونه ستار لقدر الله :
نزول الملائكة
(إِذء تَسءتَغِيثُونَ رَبَّكُمء فَاسءتَجَابَ لَكُمء أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلءفٍ مِّنَ الءمَلآئِكَةِ مُرءدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشءرَى وَلِتَطءمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمء وَمَا النَّصءرُ إِلاَّ مِنء عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
عن عبد الله بن عباس - رضى الله عنهما- قال حدثني عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- قال لما كان يوم بدر نظر النبي - صلى الله عليه وسلم- إلى أصحابه وهم ثلاثمائة رجل وبضعة عشر رجلاً، ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة، فاستقبل نبي الله القبلة ثم مدّ يده وجعل يهتف بربه "اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض" فما زال يهتف بربه مادًا يديه مستقبلاً القبلة حتى سقط رداؤه فأتاه أبو بكر - رضي الله عنه- فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه وقال: يا نبي الله كفاك منا شدتك لربك فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله تعالى: (إِذء تَسءتَغِيثُونَ رَبَّكُمء فَاسءتَجَابَ لَكُمء أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلءفٍ مِّنَ الءمَلآئِكَةِ مُرءدِفِينَ) فلما كان يومئذ والتقوا هزم الله المشركين، فقُتل منهم سبعون رجلاً وأُسر سبعون.
البشرى والطمأنينة
(وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشءرَى لَكُمء وَلِتَطءمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصءرُ إِلاَّ مِنء عِندِ اللّهِ الءعَزِيزِ الءحَكِيمِ) يقول ابن جرير الطبري: "يقول - تعالى ذكره-: لم يجعل الله إرداف الملائكة بعضها بعضًا، وتتابعها بالمسير إليكم أيها المؤمنون مددًا لكم إلا بشرى لكم؛ أي بشارة لكم تبشركم بنصر الله إياكم على أعدائكم (وَلِتَطءمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ)، يقول: ولتسكن قلوبكم بمجيئها إليكم وتوقن بنصر الله لكم، وما النصر إلا من عند الله. يقول: وما تنصرون على عدوكم أيها المؤمنون إلا أن ينصركم الله عليهم لا بشدة بأسكم وقواكم، بل بنصر الله لكم؛ لأن ذلك بيده وإليه، ينصر من يشاء من خلقه". فالملائكة إذن لا تحقق النصر، وقوة بأس المؤمنين لا تحقق النصر؛ بل المؤمنون والملائكة ستار لقدَر الله وهم جنود الله تعالى، ينصر بهم وبغيرهم؛ لأن النصر بيده سبحانه. وهذا المعنى الذي يشهده المؤمنون اليوم في بدر له مذاق خاص، وله حلاوة خاصة، فليس معنى مجرداً في الذهن، أو أملاً معقوداً في الأفق بل هو واقع حى لا تزال آثاره الضخمة في حسهم وشعورهم، ولا بد أن يتم التجرد الكامل من عالم الأسباب، وإعادة الأمر كله لله.
النعاس
(إِذء يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنءهُ) عن علي - رضى الله عنه- قال: ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد على فرس أبلق، ولقد رأيتنا وما فينا متيقظ إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- تحت شجرة يصلى ويبكى حتى أصبح.
وفي امتنان الله تعالى عليهم بالنوم في هذه الليلة وجهان أحدهما أنه قواهم بالاستراحة على القتال من الغد.والثاني أنه أمَّنهم بزوال الرعب من قلوبهم.
وظائف الماء
(إِذء يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنءهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيءكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذءهِبَ عَنكُمء رِجءزَ الشَّيءطَانِ وَلِيَرءبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمء وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقءدَامَ) ظاهر القرآن يدل على أن النعاس كان قبل المطر، وقال ابن أبي نجيح: كان المطر قبل النعاس. وحكى الزجّاج: أن الكفار يوم بدر سبقوا المؤمنين إلى ماء بدر فنزلوا عليه وبقي المؤمنون لا ماء لهم، فوجست نفوسهم وعطشوا وأجنبوا وصلوا كذلك. فقال: بعضهم في نفوسهم بإلقاء الشيطان إليهم: نزعم أنا أولياء الله وفينا رسوله وحالنا هذه والمشركون على الماء؟ فأنزل الله المطر ليلة بدر السابع عشر من رمضان حتى سالت الأودية؛ فشربوا وتطهروا وسقوا الظهر وتلبدت السبخة التي كانت بينهم وبين المشركين؛ حتى ثبتت فيه أقدام المسلمين وقت القتال.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "نزل النبي صلى الله عليه وسلم يعني حين صار إلى بدر والمسلمون بينهم وبين الماء رملة وعصة فأصاب المسلمين ضعف شديد، وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ فوسوس بينهم: تزعمون أنكم أولياء الله، وفيكم رسوله وقد غلبكم المشركون على الماء، وأنتم تُصلُّون مجنبين؟
فأمطر الله عليهم مطرًا شديدًا، فشرب المسلمون وتطهروا، وأذهب الله عنهم رجز الشيطان، وثبت الرمل حين أصابه المطر، ومشى الناس عليه والدَّواب، فساروا إلى القوم، وأمد الله نبيه بألف من الملائكة فكان جبريل عليه السلام في خمسمائة من الملائكة مجنبة، وميكائيل في خمسمائة مجنبة.
الملائكة في معية الله سبحانه
(إِذء يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الءمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمء) فالملائكة بدون عون الله تعالى عاجزون عن تحقيق أي نصر حتى وهم يثبتون المؤمنين ويقاتلون معهم، لا بد لهم من معية الله سبحانه ليلقي الرعب في قلوب الكافرين.
إدارة المعركة
(إِذء يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الءمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمء فَثَبِّتُواء الَّذِينَ آمَنُواء سَأُلءقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواء الرَّعءبَ فَاضءرِبُواء فَوءقَ الأَعءنَاقِ وَاضءرِبُواء مِنءهُمء كُلَّ بَنَانٍ ذَلِكَ بِأَنَّهُمء شَآقُّواء اللّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الءعِقَابِ ذَلِكُمء فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلءكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ)
قوله: (إِذء يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الءمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمء فَثَبِّتُواء الَّذِينَ آمَنُواء) يقول: قووا عزمهم، وصححوا نياتهم في قتال عدوهم من المشركين، وقد قيل وهم من المشركين وقد قيل إن تثبيت الملائكة المؤمنين كان حضورهم حربهم معهم، وقيل كان ذلك معونتهم إياهم بقتال أعدائهم، وقيل كان ذلك بأن المَلَك يأتي الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول: سمعت هؤلاء القوم يعني المشركين يقولون: والله لئن حملوا علينا لننكشفن فيحدث المسلمون بعضهم بعضًا بذلك فتقوى أنفسهم. قالوا: وذلك كان وحي الله إلى ملائكته.
(سَأُلءقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواء الرَّعءبَ) يقول تعالى: سأرعب قلوب الذين كفروا بي أيها المؤمنون منكم وأملأها فَرقًا حتى ينهزموا عنكم، فاضربوا فوق الأعناق.
جند الله
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواء إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواء زَحءفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدءبَارَ وَمَن يُوَلِّهِمء يَوءمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوء مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدء بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأءوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئءسَ الءمَصِيرُ)
وبعد هذه المعية وهذا العون. لا مجال لفرار المؤمنين من الزحف فقد أمر الله عز وجل في هذه الآية ألا يولي المؤمنون أمام الكفار وهذا الأمر مقيد بالشريطة المنصوصة في مِثءلي المؤمنين فإذا لقيت فئة من المؤمنين فئة هي ضعف المؤمنين من المشركين فالفرض ألا يفروا أمامهم.
وقال الجمهور من العلماء أن حكم الآية باقٍ إلى يوم القيامة وليس في الآية نسخ، وإلى هذا ذهب مالك والشافعي وأكثر العلماء. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبع الموبقات ... وفيه - والتولي يوم الزحف".
وأما يوم أحد فإنما فر الناس من أكثر من ضعفهم ومع ذلك عنفوا، وأما يوم حنين، فكذلك من فر إنما انكشف من الكثرة.
الحصى من جند الله
(فَلَمء تَقءتُلُوهُمء وَلَكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمء وَمَا رَمَيءتَ إِذء رَمَيءتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبءلِيَ الءمُؤءمِنِينَ مِنءهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ذَلِكُمء وَأَنَّ اللّهَ مُوهِنُ كَيءدِ الءكَافِرِينَ)
روي أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صدروا عن بدر ذكر كل واحد منهم ما فعل: قتلت كذا، فعلت كذا؛ فجاء من ذلك تفاخر ونحو ذلك، فنزلت الآية إعلامًا بأن الله تعالى هو المميت والمقدر لجميع الأشياء، فقيل: المعنى لم تقتلوهم، ولكن الله قتلهم بسوقهم إليكم حتى أمكنكم منهم، وقيل: ولكن الله قتلهم بالملائكة الذين أمدكم بهم.
(وَمَا رَمَيءتَ إِذء رَمَيءتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى) ولما التحم القتال، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعًا يديه يسأل الله النصر وما وعده، وأُمِر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأخذ من الحصى كفاً فرماهم بها وقال: "شاهت الوجوه، اللهم أرعب قلوبهم وزلزل أقدامهم" فانهزم أعداء الله لا يلوون على شيء وألقوا دروعهم، والمسلمون يقتلون ويأسرون وما بقي منهم أحد إلا امتلأ وجهه وعيناه ما يدري أين توجه والملائكة يقتلونهم.
استفتاح الكافرين
(إِن تَسءتَفءتِحُواء فَقَدء جَاءكُمُ الءفَتءحُ وَإِن تَنتَهُواء فَهُوَ خَيءرٌ لَّكُمء وَإِن تَعُودُواء نَعُدء وَلَن تُغءنِيَ عَنكُمء فِئَتُكُمء شَيءئًا وَلَوء كَثُرَتء وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الءمُؤءمِنِينَ) قال أبو جهل: اللهم أعن أعز الفئتين وأكرم القبلتين وأكثر الفريقين فنزلت الآية. كأنما هو يدعو على نفسه وفئته فاستجاب الله له.
وعد الله
وبهذا بشّر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم- إذ وعده وصحبه إحدى الطائفتين؛ العير التي جاءت من الشام تريد مكة، أو المناجزة والقتال ثم النصر.
1 - وليتم الله تدبيره مكّن أبا سفيان -الذي كان على رأس القافلة- من النجاة بالعير، بعد أن أرسل إلى مكة محذرًا قريشًا يستدعيها لتدافع عن أموالها، فلما اطمأن إلى سلامة العير استدرك واسترجعهم فقد سلم المال والمتاع والإبل.
2 - وليتم الله تدبيره أخرج أبا جهل -أبو الحكم عمرو بن هشام- في ألف أو يزيد، في عدة كاملة، وظهر حاضر من خيل وإبل، وسلاح وافر ودروع، يختال كبرًا وكفرًا، وأبى أن يستجيب لاسترجاع أبى سفيان بن حرب، يقول: لا نرجع حتى تضرب علينا القيان ونسقى الخمر ونطعم الطعام وتسمع بنا العرب فلا يزالون يهابوننا بعدها.
3 - وليتم الله تدبيره قدَّر أن يكون اللقاء حيث لا يمكن أن يتم في مكان أو ميعاد إلا بإذنه هو: ( إِذء أَنتُم بِالءعُدءوَةِ الدُّنءيَا وَهُم بِالءعُدءوَةِ الءقُصءوَى وَالرَّكءبُ أَسءفَلَ مِنكُمء وَلَوء تَوَاعَدتَّمء لاَخءتَلَفءتُمء فِي الءمِيعَادِ وَلَكِن لِّيَقءضِيَ اللّهُ أَمءراً كَانَ مَفءعُولاً لِّيَهءلِكَ مَنء هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحءيَى مَنء حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ)
بدر
سميت بدراً كما تقول الروايات نسبة إلى اسم بدر بن يخلد بن النضر وهو من كنانة وقيل من بني ضمرة وكان هذا الرجل قد سكن هذا المكان فنسب إليه وسمي به وبعد ذلك غلب على المكان الاسم وكان قرية صغيرة قليلة السكان وقيل إن الاسم جاء انتساباً إلى بدر بن قريش الذي حفر بئراً في هذا المكان فسميت البئر باسمه ثم غلب الاسم على المكان وعرفت بماء بدر والرجل الذي حفر البئر هو ابن لقريش من بني الحارث بن يخلد وكان دليل قريش وصاحب ميرتها( الميرة : جلب الطعام ) وقد غلب اسمه على المكان وسمي بدراً . وفي معجم البلدان لياقوت الحموي ذكر عن بدر أنها ماء مشهور بين مكة والمدينة في أسفل وادي الصفراء وبين هذا الماء وبين ساحل البحر ليلة واحدة ويقول ابن حجر :"هي قرية مشهورة نسبت إلى بدر بن يخلد بن النضر بن كنانة ويقال بدر بن الحارث".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.