المملكة ترتقي بجهود التنمية المستدامة عبر 45 اتفاقية ومذكرة تفاهم    النفط يتراجع مع عودة التركيز إلى محادثات السلام في أوكرانيا    ترامب: سنشارك في اجتماع أوكرانيا بشرط وجود فرصة جيدة لإحراز تقدم    بوتين يعلن الاستيلاء على بلدة سيفيرسك الأوكرانية    الاتحاد الدولي يختار"كنو" رجل مباراة السعودية وفلسطين    كنو: سعيد بتسجيل هدف الفوز على فلسطين وهدفنا تحقيق كأس العرب    الأدب وذاكرة التاريخ    قلم وشمعة وإدارة    أسبوع الفرص والمخاطر للسوق السعودي    الجريمة والعنف والهجرة تتصدر مخاوف العالم في 2025    معرض جدة للكتاب 2025 يسجل إقبالا كبيرا في يومه الأول    المرونة والثقة تحرك القطاع الخاص خلال 10 سنوات    العمل التطوعي.. عقود من المشاركة المجتمعية    القبض على 7 إثيوبيين في عسير لتهريبهم (140) كجم "قات"    مشروعات نفطية عالمية ب25 مليون برميل يومياً لتوازن السوق    نائب أمير الرياض يعزي أبناء علي بن عبدالرحمن البرغش في وفاة والدهم    السعودية تتفوق على فلسطين وتتأهل لنصف نهائي كأس العرب    مدينون للمرأة بحياتنا كلها    المغرب لنصف نهائي كأس العرب    بيلينجهام يثق في قدرة ألونسو وريال مدريد على التعافي رغم الضغوط    كتاب جدة يستهل ندواته الحوارية بالفلسفة للجميع    وفاة طفلة رضيعة في غزة بسبب البرد الشديد    القصبي يشرف مهرجان المونودراما بالدمام.. وتتويج عشرة فائزين في ليلة مسرحية لافتة    نائب أمير جازان يستقبل الدكتور الملا    خوجة في مكة يستعرض تاريخ الصحافة السعودية ومستقبلها الرقمي    يوم الجبال الدولي مشاركة واسعة لإبراز جمال تضاريس السعودية    القيادة تهنئ رئيس بوركينا فاسو بذكرى يوم الجمهورية لبلاده    روضة إكرام تختتم دورتها النسائية المتخصصة بالأحكام الشرعية لإجراءات الجنائز    رئيس الخلود: صلاح غير مناسب لدوري روشن    برعاية محافظ صبيا المكلف"برّ العالية" تُدشّن مشروع قوارب الصيد لتمكين الأسر المنتجة    طرق ذكية لاستخدام ChatGPT    ريما مسمار: المخرجات السعوديات مبدعات    فعاليات ترفيهية لذوي الإعاقة بمزرعة غيم    ممدوح بن طلال.. إرثٌ لا يرحل    مهرجان البحر الأحمر.. برنامج الأفلام الطويلة    أمير المدينة المنورة يستقبل تنفيذي حقوق الإنسان في منظمة التعاون الإسلامي    استضعاف المرأة    مستشفى الملك فهد الجامعي يعزّز التأهيل السمعي للبالغين    «طبية الداخلية» تقيم ورشتي عمل حول الرعاية الصحية    تطعيم بلا بروتين بيض    في سادس جولات اليورباليج.. مواجهة حاسمة بين سيلتيك غلاسكو وروما    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا انهيار مبنيين متجاورين في مدينة فاس    المملكة تعزز ريادتها العالمية في مكافحة الجفاف    اتفاقيات مليارية لدعم القطاعات التنموية    «مسألة حياة أو موت».. كوميديا رومانسية مختلفة    غرفة إسكندراني تعج بالمحبين    أمير الشرقية يسلّم اعتماد "حياك" لجمعية «بناء»    زواج يوسف    الأرض على موعد مع شهب التوأميات    في ذمة الله    ترفض الإجراءات الأحادية للمجلس الانتقالي الجنوبي.. السعودية تكثف مساعيها لتهدئة حضرموت    وسط ضغوط الحرب الأوكرانية.. موسكو تنفي تجنيد إيرانيين وتهاجم أوروبا    بيروت تؤكد سيادتها واستقلال قرارها الداخلي.. رفض لبناني رسمي لدعوة إيران    دراسة تكشف دور «الحب» في الحماية من السمنة    استئصال البروستاتا بتقنية الهوليب لمريض سبعيني في الخبر دون شق جراحي    ضمن المشاريع الإستراتيجية لتعزيز الجاهزية القتالية للقوات الملكية.. ولي العهد يرعى حفل افتتاح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    طيور مائية    ولي العهد يفتتح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا طليقي.. أنصف أبناءك
نشر في اليوم يوم 30 - 07 - 2004

الطلاق مأخوذ من الإطلاق وهو الإرسال والترك وفي الشرع هو حل رابطة الزواج وإنهاء العلاقة الزوجية ولم يرد في الشرع بأن قطع العلاقة بالزوجة هو قطع لعلاقة الأبناء بأبيهم أو أمهم كما يفعل بعض الآباء أو الأمهات. وبالرغم من أن عقد الزواج إنما يعقد للدوام والتأبيد إلى أن تنتهي الحياة ليتسنى للزوجين أن يجعلاً من البيت مهداً يأويان إليه وينعمان في ظلاله الوارفة وليتمكنا من تنشئة أولادهما تنشئة صالحة إلا أن هذا العقد قد ينفرط لسبب أو لآخر.
وأسمى لون من ألوان التربية هو تربية الطفل في أحضان والديه إذ ينال من رعايتهما وحسن قيامهما عليه ما يبني جسمه وينمي عقله ويزكي نفسه ويعده للحياة.
وإذا حدث أن افترق الوالدان وبينهما طفل فالأم أحق به من الأب ما لم يقم بالأم مانع يمنع تقديمها أو بالولد وصف يقتضي تخييره.
وسبب تقديم الأم أن لها ولاية الحضانة والرضاع لأنها أعرف بالتربية في هذه المرحلة وأقدر عليها ولها من الصبر في هذه الناحية ما ليس للرجل وعندها من الوقت ما ليس عنده لذلك قدمت الأم رعاية لمصلحة الطفل. وعن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنه - أن امرأة قالت: يا رسول الله أن ابني هذا كان بطني له وعاء وحجري له حواء وثديي له سقاء وزعم أبوه أنه ينزعه مني فقال - صلى الله عليه وسلم: " أنت أحق به ما لم تنكحي". وينبغي على الأب بعد الطلاق دفع الأجرة للأم لحضانة الطفل فأجرة المسكن أو إعداده إذا لم يكن للأم مسكن مملوك لها تحضن فيه الصغير وكذلك عليه أجرة الخادم أو إحضاره إذا احتاجت إلى خادم وكان الأب موسراً بخلاف نفقات الطفل الخاصة من طعام وكساء وفراش وعلاج ونحو ذلك من حاجاته الأولية التي لا يستغني عنها. وهذه الأجرة كما قال الفقهاء تجب من حين قيام الحاضنة بها وتكون ديناً في ذمة الأب لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء.
وإذا بلغ الصغير سبع سنين أو سن التمييز وانتهت حضانته فإن اتفق الأب والحاضنة على إقامته عند واحد منهما أمضي هذا الاتفاق وأن اختلفا وتنازعا خير الصغير بينهما فمن اختاره منهما فهو أولى به، والعلماء متفقون على أنه لا يتعين أحدهما مطلقاً، بل لا يقدم ذو العدوان والتفريط على البار العادل المحسن والمعتبر في ذلك القدرة على الحفظ والصيانة فإذا كان الأب مهملاً لذلك أو عاجزاً عنه أو غير مرض والأم بخلافه فهي أحق بالحضانة كما أفاد ابن القيم قال: " فمن قدمناه بتخيير أو قرعة أو بنفسه فإنما نقدمه إذا حصلت به مصلحة الولد".
هذا باختصار هو رأي الدين فيما يخص الأبناء بعد الطلاق (اليوم) التقت مع عدد من المطلقات اللاتي طالبن بإنصاف الأبناء من ناحية الرعاية والنفقة والاحتواء النفسي. فقالت أم منال: غالبية الرجال لا ينصفون أبناءهم بعد الطلاق فزميلتي مطلقة من ابن خالتها ولديها خمسة أبناء ويقيم الأولاد الثلاثة معه بينما تقيم البنتان مع والدتهما ومع ذلك لا يصرف عليهما شيئاً بل حتى شهادة ميلاد البنت وأوراقها الرسمية رفض إعطاءها لها عندما احتاجتها لإلحاق البنت الكبرى بالمدرسة. كما أعرف زميلة أخرى يذهب أبناؤها لزيارة جدهم وجدتهم في منطقة أخرى بالمملكة وهو في مدينة أخرى قريبة جداً ومع ذلك لا يرونه طيلة مكثهم هناك خلال الإجازة الصيفية وتعاني ابنته الآن بعد تخرجها من عدم قبولها في الجامعة مع تفوقها لكونها لا تستطيع إحضار دفتر العائلة الأصلي للمطابقة عند التسجيل.
وتروي أم منال قصة بناتها مع زوجها الذي يتعامل مع بناتها بكل طيبة مع كون زوجته الأخرى غيورة جداً وقد ظللت لسنوات اشتري لهن ملابس العيد وأصرف على دراستهن ولكن منذ ست سنوات وهو ينفق عليهن بسخاء فقد كبرن وأصبحت يزرنه من فترة لأخرى. وتنتقد أم منال ما تقوم به بعض الأمهات من الحديث عن والدهم بالسوء بعد الطلاق والحديث عن أعمامهم وعماتهم مما يؤثر في نفسية الأبناء خاصة إذا كانوا يعون ما تقوله مؤكدة أن وجود الأب في المنزل لا يعوضه شيء مهما كانت عيوبه.
( سناء.م) قالت: طلقت ولدي ولد وبنت وظللت عند أهلي في الصومال وظل زوجي يرسل المصروف لأولادي ومع ذلك فقد أصيب ابني بعقدة نفسية مني ومن زوجي وعندما بلغ عامه الثاني عشر أرسلته لوالده في السعودية فكبر وتربى لدى زوجة أبيه وكانت له أماً ثانية لشدة طيبتها فعاش حياة هنيئة معها ومع أخوته ولكنه استمر يعامل والده بقسوة ويسكت كلما دخل عليهم وهم يضحكون ولا يتبادل معه الأحاديث وقد كان يتعامل معي بنفس الطريقة دون أن أعرف الأسباب؟!
وفاء ناصر معلمة في الرياض تقول: عندما طلقني زوجي طلق ولده أيضاً فحرصت على العمل واستلمت الوظيفة في قرية بعيدة عن منطقتي من أجل رعاية ولدي فمصلحته لدي فوق كل اعتبار واشترطت على زوجي الثاني في العقد أن يكون ولدي معي فرحب بذلك، ومع ذلك تركته عند والدتي لأن أخوتي في نفس عمره وهناك من يكبره بقليل فيهتمون به ويوجهونه ويتابعون دراسته ومع ذلك فأنا أحثه على زيارة والده وأزين صورته في عينيه وعندما يأتي من عنده عادة يكون مصاباً بخيبة أمل شديدة. فالكل يتربى عند والده إلا هو مما أثر في نفسيته كثيراً. أما أم خلفان فتقول بحسرة: منذ زمن وأنا أتمنى الحديث عن هذا الموضوع وأتمنى أن يكون نظام الطلاق لدينا مثل نظام الطلاق في الكويت حيث يشترط على الزوج عند الطلاق عدم أخذ الأبناء وتوفير منزل لسكن طليقته مع أولادها مع الإنفاق عليهم حتى ولو تزوجت وهذا الإجراء سيحد من كثرة حالات الطلاق ويجعل الأزواج يفكرون ألف مرة قبل الإقدام عليه وتتساءل أم خلفان: لماذا لا يوجد قانون يحمي المطلقات بحيث توضع أسماؤهن في قائمة وتتابع من قبل جهة مختصة شهرياً هل قام بدفع النفقة أم لا؟ ولو عن طريق فتح حسابات يمكن ملاحظة زيادتها شهرياً.
وتحدثت أم خلفان عن تجربتها بحسرة قائلة: أول عمل عمله بعد الطلاق هو أنه تزوج فوراً ثم ظل سنوات لا يسأل عن أولاده ولا يعرف عنهم شيئاً وبعد أن رزق بأطفال تذكرهم وبدأ يسأل عنهم ولم يكن ينفق عليهم حتى تكاليف العلاج تكلفت بها وكان يرفض حتى التوقيع على بعض الأمور الأساسية وحرم أولادي من كلمة (بابا) بعد ذلك طلب رؤيتهم وهو يراهم كلما اضطر للنزول للدمام مع (المدام) للتسوق فيأخذهم ساعة ساعتين ليراهم ويدفع لهم مبالغ لا تذكر مع علمه بأنني غير موظفة وأنفق من ميراث الوالد وهناك الكثير الكثير من الشكاوي في المحاكم بخصوص ذلك دون فائدة.
( منيرة. ع) إحدى المتضررات من الطلاق فقد طلق والدها والدتها وعمرها لم يتجاوز السنة بعد أن تركها قبل ذلك سبع سنوات مات خلالها طفلاً صغيراً لديها وعمره 14 يوماً لشدة الضرب والألم الذي تتلقاه منه. وتقول منيرة: الطلاق أثر على مستقبلي وتسبب في ضياعي فقد عشت منذ صغري في منزل أخوالي مع والدتي وهم شباب لا يعملون ولم يتمكنوا من الزواج لفقرهم الشديد وعشت معهم في خوف وصراع وضياع ثم خرجنا من منزلهم وتركت المدرسة وعملت حتى أسد حاجتي وحاجة والدتي وبعد فصلي من عملي ضعت مرة أخرى فلا أستطيع التفكير في نفسي الآن ولا بالزواج أو غيره لأن أمي مريضة وتحتاج إلى علاج واهتمام وسيرفض أي رجل يتزوجني أن تبقى أمي معي، خاصة أنني جربت الطلاق قبل ذلك بعد أسبوع واحد من الزواج وظللت شهرين طريحة الفراش دون أن يقف معي أحد أقاربي أو يسأل عني. وعن والدها تقول منيرة: ظلمني وظلم والدتي فحتى الجمعيات الخيرية ترفض مساعدتي لأن والدي موظف كبير في أرامكو وهو الآن متقاعد ولديه عدد من العمائر السكنية والأموال ويظن الجميع بأنه فعلاً يتعامل معي كابنه وينفق علي وهو يعيش في حياة أخرى مع زوجته وأبنائه وحوله الخدم والحشم، وبحثت عن أي عمل أقوم به دون فائدة.
وتضيف منيرة: الأطفال يتعرضون للضياع بعد الطلاق وقد جربت ذلك بنفسي وأتمنى لو أستطيع مد يد العون لكل محتاج لشدة ما رأيت من الفقر والعوز ولكن ما باليد حيلة. وبقصة منيرة التي تدمي القلب نختتم استطلاعنا هذا مع علمنا الأكيد بأن قصص الطلاق والضياع تملأ المكان والزمان وأن الإنصاف ندر وجوده في هذا الوقت بالذات وبانتظار أن تكون هناك لجنة مختصة تبحث عن الإنصاف وتجبر كل راع أن يكون مسئولاً عن رعيته حماية لهم من الانحراف والضياع.
الأخصائية الاجتماعية بدار الحضانة الاجتماعية بالدمام صبيحة البوعلي أدلت برأيها في الموضوع ذاكرة بان الانفصال بالطلاق قد يكون أحيانا كثيرة افضل للأطفال من استمرار الحياة خاصة إذا كان الوالدان غير متفقين نهائيا ويكثر اختلافهم أمام الأطفال لا سيما إذ تطور الأمر الى العنف سواء لفظيا أو يدويا أو كان الأب منحرفا سلوكيا أو غير ذلك من المشاكل التي نراها ونسمع عنها كثيرا.
وتؤكد البوعلي على أهمية اختيار الجهة الأفضل لرعاية الأطفال وابعادهم عن البيئة الغير سوية خاصة إذا كانت الام تعيش في بيئة مهيأة لرعاية الأطفال ومساعدتهم على الاستقرار نفسيا والاستمرار في حياتهم العلمية والعملية بكل هدوء وطمأنينة لأن البيئة التي يعيش فيها الطفل بعد الطلاق قد تشعره بالنقص فينشأ قاسي القلب متبلد المشاعر كما يؤثر على مستقبله وتكوينه لاسرة أخرى في المستقبل.
وعن الإنفاق على الأطفال تقول الأخصائية الاجتماعية ان على الأم في حال قبولها حضانة الأطفال أن تحاول مع طليقها بالمعروف حتى تقنعه بالأنفاق فان وجدت أنه لا فائدة من ذلك تلجأ لأي شخص مقرب من أهله وتجعل لجوءها للمحاكم هو الحل الأخير لأنه قد يكون إنسانا عديم التفاهم متحجر القلب والعقل فيرفض حتى الحضور للمحكمة عند استدعائه في كل مرة وتصبح الطرق مسدودة أمامها ولا يوجد حل حينها إلا أن تصرف هي على أولادها ان كانت موظفة. وذكرت البوعلي قصة مطلقة طلبت الطلاق من زوجها لسوء خلقه وعدم إنفاقه عليها وعلى ابنتها وانشغاله بزوجة أخرى حتى اصبح مالك المنزل الذي تسكنه يطالبها بالإيجار. وقد حكم لها القاضي بحضانة البنت وهي في نظري من أفضل الامهات وتربيها في بيئة سليمة مما أشعرها بالاستقرار والهدوء
وإذا حدث أن افترق الوالدان وبينهما طفل فالأم أحق به من الأب ما لم يقم بالأم مانع يمنع تقديمها أو بالولد وصف يقتضي تخييره.
وسبب تقديم الأم أن لها ولاية الحضانة والرضاع لأنها أعرف بالتربية في هذه المرحلة وأقدر عليها ولها من الصبر في هذه الناحية ما ليس للرجل وعندها من الوقت ما ليس عنده لذلك قدمت الأم رعاية لمصلحة الطفل. وعن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنه - أن امرأة قالت: يا رسول الله أن ابني هذا كان بطني له وعاء وحجري له حواء وثديي له سقاء وزعم أبوه أنه ينزعه مني فقال - صلى الله عليه وسلم: " أنت أحق به ما لم تنكحي". وينبغي على الأب بعد الطلاق دفع الأجرة للأم لحضانة الطفل فأجرة المسكن أو إعداده إذا لم يكن للأم مسكن مملوك لها تحضن فيه الصغير وكذلك عليه أجرة الخادم أو إحضاره إذا احتاجت إلى خادم وكان الأب موسراً بخلاف نفقات الطفل الخاصة من طعام وكساء وفراش وعلاج ونحو ذلك من حاجاته الأولية التي لا يستغني عنها. وهذه الأجرة كما قال الفقهاء تجب من حين قيام الحاضنة بها وتكون ديناً في ذمة الأب لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء.
وإذا بلغ الصغير سبع سنين أو سن التمييز وانتهت حضانته فإن اتفق الأب والحاضنة على إقامته عند واحد منهما أمضي هذا الاتفاق وأن اختلفا وتنازعا خير الصغير بينهما فمن اختاره منهما فهو أولى به، والعلماء متفقون على أنه لا يتعين أحدهما مطلقاً، بل لا يقدم ذو العدوان والتفريط على البار العادل المحسن والمعتبر في ذلك القدرة على الحفظ والصيانة فإذا كان الأب مهملاً لذلك أو عاجزاً عنه أو غير مرض والأم بخلافه فهي أحق بالحضانة كما أفاد ابن القيم قال: " فمن قدمناه بتخيير أو قرعة أو بنفسه فإنما نقدمه إذا حصلت به مصلحة الولد".
هذا باختصار هو رأي الدين فيما يخص الأبناء بعد الطلاق (اليوم) التقت مع عدد من المطلقات اللاتي طالبن بإنصاف الأبناء من ناحية الرعاية والنفقة والاحتواء النفسي. فقالت أم منال: غالبية الرجال لا ينصفون أبناءهم بعد الطلاق فزميلتي مطلقة من ابن خالتها ولديها خمسة أبناء ويقيم الأولاد الثلاثة معه بينما تقيم البنتان مع والدتهما ومع ذلك لا يصرف عليهما شيئاً بل حتى شهادة ميلاد البنت وأوراقها الرسمية رفض إعطاءها لها عندما احتاجتها لإلحاق البنت الكبرى بالمدرسة. كما أعرف زميلة أخرى يذهب أبناؤها لزيارة جدهم وجدتهم في منطقة أخرى بالمملكة وهو في مدينة أخرى قريبة جداً ومع ذلك لا يرونه طيلة مكثهم هناك خلال الإجازة الصيفية وتعاني ابنته الآن بعد تخرجها من عدم قبولها في الجامعة مع تفوقها لكونها لا تستطيع إحضار دفتر العائلة الأصلي للمطابقة عند التسجيل.
وتروي أم منال قصة بناتها مع زوجها الذي يتعامل مع بناتها بكل طيبة مع كون زوجته الأخرى غيورة جداً وقد ظللت لسنوات اشتري لهن ملابس العيد وأصرف على دراستهن ولكن منذ ست سنوات وهو ينفق عليهن بسخاء فقد كبرن وأصبحت يزرنه من فترة لأخرى. وتنتقد أم منال ما تقوم به بعض الأمهات من الحديث عن والدهم بالسوء بعد الطلاق والحديث عن أعمامهم وعماتهم مما يؤثر في نفسية الأبناء خاصة إذا كانوا يعون ما تقوله مؤكدة أن وجود الأب في المنزل لا يعوضه شيء مهما كانت عيوبه.
( سناء.م) قالت: طلقت ولدي ولد وبنت وظللت عند أهلي في الصومال وظل زوجي يرسل المصروف لأولادي ومع ذلك فقد أصيب ابني بعقدة نفسية مني ومن زوجي وعندما بلغ عامه الثاني عشر أرسلته لوالده في السعودية فكبر وتربى لدى زوجة أبيه وكانت له أماً ثانية لشدة طيبتها فعاش حياة هنيئة معها ومع أخوته ولكنه استمر يعامل والده بقسوة ويسكت كلما دخل عليهم وهم يضحكون ولا يتبادل معه الأحاديث وقد كان يتعامل معي بنفس الطريقة دون أن أعرف الأسباب؟!
وفاء ناصر معلمة في الرياض تقول: عندما طلقني زوجي طلق ولده أيضاً فحرصت على العمل واستلمت الوظيفة في قرية بعيدة عن منطقتي من أجل رعاية ولدي فمصلحته لدي فوق كل اعتبار واشترطت على زوجي الثاني في العقد أن يكون ولدي معي فرحب بذلك، ومع ذلك تركته عند والدتي لأن أخوتي في نفس عمره وهناك من يكبره بقليل فيهتمون به ويوجهونه ويتابعون دراسته ومع ذلك فأنا أحثه على زيارة والده وأزين صورته في عينيه وعندما يأتي من عنده عادة يكون مصاباً بخيبة أمل شديدة. فالكل يتربى عند والده إلا هو مما أثر في نفسيته كثيراً. أما أم خلفان فتقول بحسرة: منذ زمن وأنا أتمنى الحديث عن هذا الموضوع وأتمنى أن يكون نظام الطلاق لدينا مثل نظام الطلاق في الكويت حيث يشترط على الزوج عند الطلاق عدم أخذ الأبناء وتوفير منزل لسكن طليقته مع أولادها مع الإنفاق عليهم حتى ولو تزوجت وهذا الإجراء سيحد من كثرة حالات الطلاق ويجعل الأزواج يفكرون ألف مرة قبل الإقدام عليه وتتساءل أم خلفان: لماذا لا يوجد قانون يحمي المطلقات بحيث توضع أسماؤهن في قائمة وتتابع من قبل جهة مختصة شهرياً هل قام بدفع النفقة أم لا؟ ولو عن طريق فتح حسابات يمكن ملاحظة زيادتها شهرياً.
وتحدثت أم خلفان عن تجربتها بحسرة قائلة: أول عمل عمله بعد الطلاق هو أنه تزوج فوراً ثم ظل سنوات لا يسأل عن أولاده ولا يعرف عنهم شيئاً وبعد أن رزق بأطفال تذكرهم وبدأ يسأل عنهم ولم يكن ينفق عليهم حتى تكاليف العلاج تكلفت بها وكان يرفض حتى التوقيع على بعض الأمور الأساسية وحرم أولادي من كلمة (بابا) بعد ذلك طلب رؤيتهم وهو يراهم كلما اضطر للنزول للدمام مع (المدام) للتسوق فيأخذهم ساعة ساعتين ليراهم ويدفع لهم مبالغ لا تذكر مع علمه بأنني غير موظفة وأنفق من ميراث الوالد وهناك الكثير الكثير من الشكاوي في المحاكم بخصوص ذلك دون فائدة.
( منيرة. ع) إحدى المتضررات من الطلاق فقد طلق والدها والدتها وعمرها لم يتجاوز السنة بعد أن تركها قبل ذلك سبع سنوات مات خلالها طفلاً صغيراً لديها وعمره 14 يوماً لشدة الضرب والألم الذي تتلقاه منه. وتقول منيرة: الطلاق أثر على مستقبلي وتسبب في ضياعي فقد عشت منذ صغري في منزل أخوالي مع والدتي وهم شباب لا يعملون ولم يتمكنوا من الزواج لفقرهم الشديد وعشت معهم في خوف وصراع وضياع ثم خرجنا من منزلهم وتركت المدرسة وعملت حتى أسد حاجتي وحاجة والدتي وبعد فصلي من عملي ضعت مرة أخرى فلا أستطيع التفكير في نفسي الآن ولا بالزواج أو غيره لأن أمي مريضة وتحتاج إلى علاج واهتمام وسيرفض أي رجل يتزوجني أن تبقى أمي معي، خاصة أنني جربت الطلاق قبل ذلك بعد أسبوع واحد من الزواج وظللت شهرين طريحة الفراش دون أن يقف معي أحد أقاربي أو يسأل عني. وعن والدها تقول منيرة: ظلمني وظلم والدتي فحتى الجمعيات الخيرية ترفض مساعدتي لأن والدي موظف كبير في أرامكو وهو الآن متقاعد ولديه عدد من العمائر السكنية والأموال ويظن الجميع بأنه فعلاً يتعامل معي كابنه وينفق علي وهو يعيش في حياة أخرى مع زوجته وأبنائه وحوله الخدم والحشم، وبحثت عن أي عمل أقوم به دون فائدة.
وتضيف منيرة: الأطفال يتعرضون للضياع بعد الطلاق وقد جربت ذلك بنفسي وأتمنى لو أستطيع مد يد العون لكل محتاج لشدة ما رأيت من الفقر والعوز ولكن ما باليد حيلة. وبقصة منيرة التي تدمي القلب نختتم استطلاعنا هذا مع علمنا الأكيد بأن قصص الطلاق والضياع تملأ المكان والزمان وأن الإنصاف ندر وجوده في هذا الوقت بالذات وبانتظار أن تكون هناك لجنة مختصة تبحث عن الإنصاف وتجبر كل راع أن يكون مسئولاً عن رعيته حماية لهم من الانحراف والضياع.
الأخصائية الاجتماعية بدار الحضانة الاجتماعية بالدمام صبيحة البوعلي أدلت برأيها في الموضوع ذاكرة بان الانفصال بالطلاق قد يكون أحيانا كثيرة افضل للأطفال من استمرار الحياة خاصة إذا كان الوالدان غير متفقين نهائيا ويكثر اختلافهم أمام الأطفال لا سيما إذ تطور الأمر الى العنف سواء لفظيا أو يدويا أو كان الأب منحرفا سلوكيا أو غير ذلك من المشاكل التي نراها ونسمع عنها كثيرا.
وتؤكد البوعلي على أهمية اختيار الجهة الأفضل لرعاية الأطفال وابعادهم عن البيئة الغير سوية خاصة إذا كانت الام تعيش في بيئة مهيأة لرعاية الأطفال ومساعدتهم على الاستقرار نفسيا والاستمرار في حياتهم العلمية والعملية بكل هدوء وطمأنينة لأن البيئة التي يعيش فيها الطفل بعد الطلاق قد تشعره بالنقص فينشأ قاسي القلب متبلد المشاعر كما يؤثر على مستقبله وتكوينه لاسرة أخرى في المستقبل.
وعن الإنفاق على الأطفال تقول الأخصائية الاجتماعية ان على الأم في حال قبولها حضانة الأطفال أن تحاول مع طليقها بالمعروف حتى تقنعه بالأنفاق فان وجدت أنه لا فائدة من ذلك تلجأ لأي شخص مقرب من أهله وتجعل لجوءها للمحاكم هو الحل الأخير لأنه قد يكون إنسانا عديم التفاهم متحجر القلب والعقل فيرفض حتى الحضور للمحكمة عند استدعائه في كل مرة وتصبح الطرق مسدودة أمامها ولا يوجد حل حينها إلا أن تصرف هي على أولادها ان كانت موظفة. وذكرت البوعلي قصة مطلقة طلبت الطلاق من زوجها لسوء خلقه وعدم إنفاقه عليها وعلى ابنتها وانشغاله بزوجة أخرى حتى اصبح مالك المنزل الذي تسكنه يطالبها بالإيجار. وقد حكم لها القاضي بحضانة البنت وهي في نظري من أفضل الامهات وتربيها في بيئة سليمة مما أشعرها بالاستقرار والهدوء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.