المَملكة ترفُض المَساس بأمن ووحدة سُورية    عراقجي: لن نتخلى عن تخصيب اليورانيوم    جمعية اللاعبين القدامى بالشرقية تكرّم المدرب الوطني حمد الخاتم    قوميز يستأنف تدريبات الفتح ويُطلق أولى ودياته المحلية لرفع الجاهزية    الأهلي يعوض غياب الهلال عن السوبر    ميلان يتعاقد مع المدافع الإكوادوري إستوبينان    أمير الإنسانية والعطاء    السوبر بدون طعم    نبض العُلا    «السينما.. فن المكان» شعار مؤتمر النقد السينمائي    أمير جازان ونائبه يتفقدان عددًا من المشروعات التنموية والسياحية بمحافظة فيفاء    برئاسة وزير الاستثمار.. وفد سعودي رفيع المستوى سيتوجه إلى دمشق    القبض على مصري في جدة لترويجه مادة الحشيش المخدر    الجامعة العربية تدعو المجتمع الدولي لكسر حصار غزة    شراكة بين الطرق والبلديات لتنفيذ المشاريع التنموية    ليلة بنكهة الإحساس في موسم جدة    الاتحاد يفتح باب الترشح لرئاسة وعضوية مجلس إدارته للدورة الجديدة    أمريكا تستهدف الحوثيين بعقوبات جديدة    ضبط صيني لممارسته الصيد البحري دون تصريح واستخدامه أدوات محظورة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل رئيس ووكلاء جامعة جازان    عملية نادرة في مستشفى الملك سلمان تعيد النور لمريضة تجاوزت 111 عامًا    أمير القصيم يدشّن مشاريع بلدية بمحافظة البكيرية ب 140 مليون ريالا    جامعة الأمير محمد بن فهد تُنجز المرحلة الأولى من مشروع الطاقة الشمسية    فيصل بن مشعل يرعى توقيع اتفاقية دعم "أهالي البكيرية الوقفية" لبرنامج المدينة الصحية    أمير حائل يستقبل استشاري تبرع بجزء من كبده لطفلة مريضة    البيئة تعلن تمديد مهلة الحصول على رخص استخدام مياه الآبار لمدة عام    السعودية ترحب بمطالبة دولية لإنهاء حرب غزة    أكثر من 7 آلاف طفلٍ استفادوا من مركز ضيافة الأطفال في المسجد النبوي    الشؤون الإسلامية في جازان تشارك في اليوم العالمي للعلاقات العامة 2025 م    'الحياة الفطرية' توضح حقيقة ظهور قرود البابون في الرياض    جامعة جازان تُطلق برامج جامعية قصيرة ضمن مبادرات برنامج تنمية القدرات البشرية        المسرح ورهانات المستقبل".. أمسية ثقافية بجمعية الثقافة والفنون بجدة    حرارة مرتفعة في الرياض والشرقية و رياح على معظم المناطق    أمير نجران يثمّن جهود الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    الجمعية للثقافة والفنون بالشمالية تنظم مسرحية 'الراعي' بعرعر يوم الأربعاء    أمير القصيم يدشن مشروعين خيريين في البكيرية بتكلفة 10.5 ملايين ريال    تقنية تحسن عمى الألوان    الوحدة ليست وباء بل تجربة إنسانية    دعوا لوقف فوري للحرب.. 25 دولة تستنكر قتل المدنيين الفلسطينيين    الأمير عبدالعزيز بن سعود يلتقي وزير الدولة لشؤون الأمن بوزارة الداخلية البريطانية ويزور ثكنات ويلينجتون العسكرية    أكاديمية الإعلام السعودية تقيم اللقاء الافتتاحي لمسار "قادة الإعلام"    موجز    اتفاقيات مع مؤسسات سنغافورية.. "روشن" تسرع التحول الرقمي العقاري    رئيس باكستان يمنح رئيس أركان القوات البحرية وسام "نيشان الامتياز" العسكري    10 ملايين زائر للمواقع والفعاليات الثقافية في 2024    فيلم «الشاطر» يتجاوز ال 15 مليون جنيه خلال 4 أيام    تحركات صينية لعقد لقاء ثلاثي.. الكرملين: لا نستبعد قمة بين بوتين وترامب في بكين    "واتساب" يدخل الإعلانات لحسابات المستخدمين    المفتي يطلع على أعمال جمعية البر    أكدت أن أمانات المناطق ترصد المخالفات.. "البلديات والإسكان": 200 ألف ريال غرامة تقسيم الوحدات السكنية ل»الاستثمار»    بدء التقديم على مقاعد دراسة التمريض في البحرين    محامية تعتدي على زملائها ب" الأسنان"    مليون ريال غرامات بحق 8 صيدليات مخالفة    أكد رفع التنفس الاصطناعي خلال 4 أيام.. الربيعة: استقرار حالة التوأم "يارا ولارا" بعد عملية الفصل    «تطوير المدينة» تُنفّذ 16 مبادرة لخدمة ضيوف الرحمن    1.9 مليون مصلٍ في روضة المسجد النبوي    أمير جازان يستقبل مدير فرع إدارة المجاهدين بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيما العالم يركض نحو المستقبل ثقافتنا المحلية المترددة تفتقد التأثير
الاختيار
نشر في اليوم يوم 26 - 05 - 2003

هناك بعض الكتابات التي تتناول الهم الثقافي في بعض الزوايا وصفحات الرأي بالصحف والمجلات المحلية وغير المحلية.. خارج الملاحق والصفحات الثقافية.. نلتقط هنا بعض هذه المقالات لاعادة نشرها. لتأكيد أهمية ما تطرحه مرحبين في نفس الوقت بالآراء حولها.. من توافق معها واختلاف لتتسع الرؤى واختلاف.. وتكبر الدائرة بالرأي والرأي الآخر، في عصر يدعو الى الشفافية لجلاء المعرفة بالكشف عما يشوهها، وحرب العتمة بالافصاح.. مما يكبلها
اليوم الثقافي
اهم ما يميز عصرنا هذا هو اختزال العالم في قرية كونية صغيرة تضاءلت امامها الابعاد وهدمت السدود فلم يعد بالامكان التقوقع على الذات او التمترس خلف قوميات او عرقيات او مفاهيم قابلة للتجزئة مالم تكن تلك السواتر ضاربة بجذورها في اعماق التاريخ.
وفي ظل احادية القطب وانتشار ثقافة اقتصاد السوق التي تميز المجتمعات الليبرالية ذات التفوق التقني, وثقافة الحرب والارهاب التي بدأت تتشكل منذ الحادي عشر من سبتمبر واكتملت صورتها بتدمير وحرق ونهب متاحف ما بين الرافدين ومكتباته, وفي ظلال عولمة تفرض نفسها على شعوب العالم فرضا قهريا, اراديا حينا ولا اراديا احيانا اخرى, تجد الثقافة المحلية نفسها طرفا في معادلة دولية نتجت عن صراعات فكرية انشأتها وتداخلت معها الاوضاع الاقتصادية والسياسية, واخرى محلية تزيد صعوبة بمرور الوقت وتتمثل في الاصالة والمعاصرة. ولا اعتقد اننا نبتعد كثيرا عن الواقع المستقبلي للثقافة المحلية ونحن نرسم صورة مغايرة لما قد يتوقعه البعض من ذوبان في خضم امواج العولمة وتداعياتها السائدة في عصرنا الحالي ومن ثم ايجاد الآلية المناسبة لكي تتمكن الثقافة المحلية من رسم مستقبلها المستقل, فالثقافة العالمية السائدة في اجزاء كثيرة من العالم تستند الى مفاهيم احادية تسعى الى الهيمنة والسيطرة والتأثير سواء عن طريق وسائل الاعلام والفضائيات او بممارسة الضغط على الحكومات او بمحاولة تشكيل رأي عام ثقافي مؤيد في محاولة للالتفاف على الخصوصية الثقافية لبلد ما, مما يؤكد قوة الصراع وتفاوت حدته استنادا الى مدى القبول والرفض الذي يبديه المتلقى, المثقف المحلي بدوره يؤمن تماما بأن الخصوصية الثقافية والبنية الفكرية المحلية مستهدفة شأنها في ذلك شأن باقي ثقاقات الدول النامية من قبل ثقافة اقتصاد السوق التي تعكس نسيج الدول الصناعية وثقافة الحرب والسيطرة التي تعكس احادية القطب, وهو يعلم كذلك ان حجم الدعم الذي تحتاجه ثقافة معينة يجب ان يعادل حجم الهجوم الذي تتعرض له لكي تتمكن من مقاومة التغلغل الثقافي المغاير, ولعل دقة التشخيص تستوجب الاشارة الى رؤية اليمين المتطرف الذي يمثل ثقافة القطب الاوحد - في المرحلة الحالية من التاريخ على الاقل يشوب هذه الرؤية للعالم العربي والاسلامي الكثير من التعصب ويغلفها الانفتاح الثقافي ولكنها تنتج سياسة عدائية مكشوفة لا يمكن تجاهل تأثيرها السلبي على مبدأ الحوار مع الآخر, فالنظرة السائدة عن المسلمين عموما والعرب بصفة خاصة تشكل صورة نمطية تعكس التخلف والعدائية وعدم العقلانية والارهاب ولعل هذه النظرة تبرر مسارعة الاعلام الغربي الى الصاق اي عمل ارهابي بالعرب والخلط المتعمد بين المقاومة والارهاب, وهو ما يؤكد كذلك افتعال اعمال السلب والنهب المنظم لحضارة ما بين الرافدين واتهام العراقيين بها لتأصيل هذه الصورة النمطية لدى العقلية الغربية التي ترى في تربية الطفلة العربية على دميتها توبيخا لها لتبقى هادئة, هذه العقلية هي نفس العقلية التي يقطع يمينها المتطرف لسان خصمه ثم يعذبه ليجبره على الكلام. رؤية اليمين المتطرف تعكس صورة الفوقية الثقافية التي ميزت ثقافة اقتصاد السوق للعالم الليبرالي نتيجة للايمان الغربي بالتفوق على العنصر البشري عموما لذا تكون ممارسات هذه الثقافة المهيمنة بالقوة متأثرة بذلك الايمان, لعل هذا ما دعا العديد من مثقفي الغرب الى فرض منتجهم الثقافي على العالم بمختلف وسائل الاتصال بل وادعاء الاسبقية في بعض الاعمال الثقافية والادبية العالمية التاريخية الى الدرجة التي تصل فيها بعض الاصوات الثقافية مثل فوكوياما الى الاعتقاد بأن حركة التاريخ البشري قد توقفت بسقوط النظام الاشتراكي او هنتنجتون الذي يرى ان الصراع القادم سيكون بين الحضارتين الاسلامية والغربية, واستنادا الى الثقة المطلقة في مكونات ثقافتنا العربية والاسلامية وخصوصيتها لعلي لا اجد هنا ابلغ من برغوث القصيمي - بقليل من التصرف - ردا على من يؤمن بهذه الفوقية الغربية الثقافية "بعد ان مارستك من داخلك ورأيتك عاريا الا من ذاتك وراء اشعارك وخطبك ومغازلتك لنفسك.. وكل استعراضاتك لذاتك بعد هذا كله اصبحت اخاف على نفسي واخلاقي وكبريائي منك, ذلك لان (المؤمن بهذه الفوقية) يهدد برغوثية البرغوث وخصائصه". ان الحاجة لا شك ملحة الى قيام مثاقفة سليمة بعيدة عن التعصب والانحياز وعن الاستناد الى احادية القطب في فرض الهيمنة ونشر الظلال والضلال او العزوف عما لدى الآخر من ابداع نتيجة للجهل او التجاهل الذي يؤدي الى تكوين المواقف والصور النمطية على اساس من التعالي والفوقية الذميمة.
وامام هذا التحدي الثقافي المغاير ينبغي ان نتشبث بما يؤكد هويتنا المستقلة ووحدة التوجه المبنى على الارث الثقافي القادر على الدفاع عن الثوابت المبدئية والقادر على التغلغل في النسيج الثقافي المغاير والتأثير عليه, لان الثقافة المحلية ببساطة شديدة تقوم على قواعد اخلاقية وفكرية سليمة وتنبع من ارضية ثقافية وتاريخية صحيحة تتطلب بكل ثقة فتح باب الحوار مع الآخر والتعامل معه على اعتبار تراصف الآراء وموازاتها او اختلاف الرؤى وتقاطعها حول القضايا الثقافية المختلفة, ولان هدف الثقافة المحلية ان تستمر في معادلتها الناجحة حتى الان في الحفاظ على الخصوصية والتماهي مع المعاصرة ومنع التشظي الثقافي فلابد من اصطلاح معايير واضحة لجودة المنتج الثقافي من ناحية, وتجيير ثقافة التلقين لصالح تكريس قيم الحوار والمناظرة وتلاقح الافكار وقبول الآخر من ناحية اخرى, وهو ما سيحول المتلقي من مجرد خازن للمادة الثقافية الى محلل لها عامل بها مستخدم لها في حواره مع الآخر, ومما لا شك فيه ضرورة التأكيد على حتمية دعم وتنمية الثقافة المحلية بتحديث مراكز المعلومات وتسهيل استخدامها وزيادة عددها والتشجيع على ارتياد المكتبات والمتاحف وتطويرها وانشاء مدن للحرف التقليدية واخرى للفنون سواء من خلال تشجيع القطاع الخاص ليساهم في التنمية الثقافية ومشاريعها المتعددة ذات العائد كالمسرح والانتاج الدرامي او من خلال دعم الكتاب وطباعته محليا ومن ثم تصديره للخارج والعمل على تكوين ذوق جماعي رفيع والاهتمام الفاعل بأدب الطفل والتركيز على غرس مشاعر الحب والانتماء للوطن والتاريخ سواء من خلال الاعمال الموجهة للنشء او من خلال انشاء بيوت ثقافة الطفل, هنا فقط استطيع ان ازعم بأن الثقافة المحلية ستتمكن من التأثر الايجابي بالثقافات المغايرة والتأثير عليها بما تمليه من خصوصية وارث ثقافي عظيم ممتزج بثقافات القرية الكونية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.